بطريرك الروم الأرثوذكس: وباء كورونا لا يعيقنا عن الاحتفال بعيد القيامه

أصدر البابا ثيؤدوروس الثاني بطريرك الروم الأرثوذكس وسائر أفريقيا رسالته السنوية للمسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد، والتي جاءت تحت عنوان «اليوم يوم القيامة فسبيلنا ان نتلالأ أيها الشعوب».

وقال بطريرك الروم، في نص رسالته: «إن فصح الأرثوذكسين هو الفصح المقدس، وهو العيد الذي تخطى بالقوة والنعمة كل خليقة العالم أجمع، هو الحدث الذي غَيّر كل شئ حسن إلى معنى القداسة في لحظة واحدة، ولكنها كانت إلى الابد، تأتي لمرة أخرى هذا العالم كتذكار لمسيرة حياتنا، وأقول تذكار لأن الفصح هو العبور من الموت إلى الحياة، وهو الحقيقة الواقعية الوحيدة والاحادية فى كل لحظة من حياة المسيحيين».

وتابع: «الفصح الحقيقى هو أن نعيش تضحية ربنا ومخلصنا يسوع المسيح؛ لأن التضحية تعني العطاء وخاصة تقديم أنفسنا إلى الإنسان الذي هو بحسب أيقونة الله رمز الخليقة باتجاه الرب الغير مخلوق والغير مدرك، أؤكد أن الفصح ليس فقط عيد تاريخي نحتفل به كل عام أو ذكرى لحدث مقدس، ولكن الفصح هو كمال الإنسان».

وأضاف: «كثيرون يا أبنائي سوف يتحدثون إليكم في هذه الأيام بكلمات لاهوتية ومعاني فلسفية عن تاريخ وأهمية حدث القيامة العظيم، لكن بطريرك مدينة الإسكندرية العظمى مدينة الفلاسفة والخطباء العظماء يكلمكم من فائض قلبه ويخبركم بمحبة ويقول: فلنحتفل فى هذا العام احتفالًا حقيقيًا، وأن لا يعيقنا انتشار وباء ”كوفيد-19"، ولايقف أمامنا شر هذا العالم، ولا الفردية التي تميل إلى تغيير كياننا الإنساني، عندما نحتفل بالفصح فلا يقف شئ معيق بيننا وبين تناول جسد ودم المسيح الحَمَل المذبوح، الحقيقة والنور والطريق إلى قيامتنا».

وواصل: ابنائى الاحباء،،، يؤمن المسيحى الحقيقى بان كل صعوبة وكل تجربة او مرض يسمح بها الله ليس عائق امامه، بل يعتبرها نقطة انطلاق لجهاده الروحى، فاذا واجهها بالمقابلة مع إثمه فانه يعيش تحت ستر ورحمة وعناية الرب. فقط باسم الرب تتحول كل هذه اللحظات الطبيعية الى نعم ويتغير مجتمعنا بقوة الروح القدس.

مضيفا : ومن ناحية اخرى فان كل الكلام عن الفضائل او النقاشات عن حقوق الانسان بدون الايمان الفعلى بالمسيح تظل فقط عمل صالح ولكن ليس عمل مقدس. فالمسيح وحده هو مسيح الكنيسة المقدسة الرسولية، وهو الذى خلق القديسين بقوة قيامته المجيدة. الفضيلة والاكتفاء بالمسيح تعنى التضحية وعطاء انفسنا بمحض ارادتنا وبدون ان ننتظر مقابل. اذا كنا نؤمن بالمسيح وقيامته بالفعل فيجب علينا ان نقدم انفسنا بدون ان نفكر ببدائل او أجر.

واستكمل: «هذا البعد الإيمانى الفريد الذي لا يقدر بثمن، هو البعد الحقيقي للإيمان الأرثوذكسي الذي باركنا به الرب القائم من بين الأموات لنعيشه يوميًا هنا في أفريقيا، حيث قارة المستقبل وفي موقع الجلجثة لجنس البشر، حيث جمجمة حب المجد والأمل المنبثق من القبر الفارف،هنا كل شئ في قارة أفريقيا يصبح جديد».

وقال: «تأسست كنيستنا الأرثوذكسية العتيقة على يد مرقس الرسول، ونحن نتتبع خطواته بحماس ورجاء وبنبرة القيامة، ودائمًاَ جاهزون لتخفيف الالآم وسكب الزيت والنبيذ على الجراح، داعين أن تغسل مياه نهر الأردن طين نهر النيل، وأن تحول الصحارى إلى واحات، وأن ينضج الرب القائم من الأموات بدماءه أبواب القلوب، وأن يعطى جسده غذاء، وأن يروى ظمأة الرغبات والآمال».

وواصل: «كنيستنا الأرثوذكسية في أفريقيا تخدم الصليب وتعظ بالقيامة، وتلح على أن نضحى بأنفسنا، وأن نصلب من أجل أن نعيش من أجل الإنسان، نلح ونكافح من أجل أن نعيد الفصح كعبور من اليأس إلى الأمل والرجاء، ومن الصعوبة إلى الحرية والنور بالقرب من شعب الله المبارك».