صوموا تّصحوا.. الصوم بريء من زيادة الإصابات بكورونا
الآن، أصبح لدينا تاريخ وبائى مع فيروس الكورونا المستجد " كوفيد -19"، فالروزنامة المدون فيها المناسبات والأعياد السنوية بات تقويمها مكررًا، وكلها مقرونة بالخوف والترقب أثناء الإحتفال بها لتجنب العدوى والإصابات، وأيام تفصلنا عن الاحتفال باستقبال شهر رمضان الكريم، وتتكرر الأسئلة حول أثر الصيام على الجهاز المناعي المقاوم للفيروس، وكذلك كيفية تجنب العدوى، في هذه الأسطر يوضح عدد من الأطباء إجابات عن تلك الأسئلة بناءً على تجربتنا المسبقة مع الوباء.
◄أستاذ الصحة العامة: الصوم يزيد من قوة الجهاز المناعي
البداية كانت مع الدكتور عبد اللطيف المر أستاذ الصحة العامة والطب الوقائي، الذي أوضح أنه لا يجوز تعميم قواعد معينة تخص الصيام في أي وضع وبائي أو صحي استثنائي، فما يسري على فرد أو مجموعة لا يطبق على الباقية، فكلٍ عليه تقيّيم مدى قدرته على صوم رمضان هذا العام، وقد رخصَ لكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والمجموعات الأكثر تعرضًا للإصابة بهذا المرض بأن يفطروا؛ لأن في الصيام يحدث جفاف، والجفاف يعطي للفيروس فرصة لممارسة قوته علينا، كما أنه يبطئ من الدورة الدموية التي تنقل الخلايا المناعية التي تدافع عن الجسم.
وأكمل " المر" في حديثه لـ الدستور أنه في حال قرر الانسان السليم الصوم فيجب أن يعلم أنه سيحصد عدد من المزايا، حيث يمر جسمه بالعديد من التغيرات الفسيولوجية الثابتة نتيجة الصيام بسبب نقص الغذاء والماء لمدة تتجاوز 16 ساعة يوميًا، وموضحًا أن الأبحاث العلمية الحديثة تؤكد أن من مزايا صوم رمضان زيادة في عدد كرات الدم الحمراء والصفائح الدموية وخلايا الدم البيضاء المناعية، ومن ضمنها الخلايا الليمفاوية والتي لها تأثير دفاعي مباشر ضد الفيروسات "مثل فيروس كوفيد19"، مما يحسن مستوى المناعة بشكل مباشر، وقد لا يقلل فرص العدوى؛ لكنه يسهم بشكل مباشر في مقاومة الفيروس في حالة العدوى.
كما أن من مزايا الصوم نقص منتجات الالتهاب مثل السيتوكاين والتي تلعب الدور الأساسي في تدهور حالة مرضى كوفيد19 وغيرها من الفيروسات الرئوية، بالإضافة إلى تحسن فرص الشفاء لمرضى الأمراض المناعية.
◄رئيس قسم طب الباطنة: على مرضى الأمراض المزمنة استشارة الطبيب
وفي سياق متصل، أوضح الدكتور أشرف عقبة رئيس قسم المناعة وطب الباطنة بجامعة عين شمس أن الأبحاث التي أجريت بشكل يومي طيلة شهر رمضان المبارك، أنه لا يوجد ما يثبت وجود علاقة بين الصوم في حد ذاته وزيادة معدل الإصابة بالفيروسات، وإن لاحظنا في أيام رمضان الماضي ارتفاعًا متواترًا فيها فهو ليس بسبب طبي يحدثه الصيام.
وفيما يخص نقص الماء وجفاف الحلق، برغم أهمية الماء للدورة الدموية، إلا أن جسم الإنسان يستطيع تعويض هذا النقص عن طريق تركيز البول؛ وعليه لا يوجد أي دليل علمي على زيادة العدوى والمضاعفات عن نقص شرب الماء في الصيام، خاصة أن الصيام في هذا العام يأتي في جو معتدل الحرارة وأفضل المواسم الجوية تقريبًا.
وعلى العكس فأن الصيام لا يزيد من مشكلات العدوى أو المضاعفات بالكورونا، بل إنه بحسب الأدلة العلمية يُحسن حالة الجسم الصحية العامة والمناعة على وجه التحديد؛ وهي خط الدفاع الأول للفيروس المستجد.
كما أن الصيام يُحسن قدرة الجسم على مواجهة الأمراض، مما ينعكس بوجه عام على صحة الجسم ومقاومته للأمراض، لكن يستثنى من هذا الكلام المرضى الممنوعون من الصيام، حسب توجيهات طبيب استشاري متخصص حسب كل حالة، فالتعميم محذور حتى لأصحاب الظروف الصحية الواحدة، خاصة مع مرضى الكبد، الفشل الكلوي، السكر، الأورام وغيرها من أمراض تتطلب إجراء تحاليل وفحوصات طبية بشكل دوري تحسبًا لأي تغير.
◄الأزهر: موانع الصيام في الكورونا مباحة بأمر طبيب فقط
ومن الناحية الدينية، حسم الأزهر الشريف الجدل في بيان سابق له، بالتأكيد على أنه "لا يوجد دليل علمي - حتى الآن - على وجود ارتباط بين الصوم والإصابة بفيروس كورونا".
وجاء في البيان الصادر عن لجنة البحوث الفقهية التابعة للأزهر، إنه "بناء على ذلك (عدم وجود الدليل)، تبقى أحكام الشريعة الإسلامية فيما يتعلق بالصوم على ما هي عليه، من وجوب الصوم على كافة المسلمين، إلا من رخص لهم الإفطار شرعا من أصحاب الأعذار".
يذكر أن اللجنة أصدرت البيان بحضور "كبار الأطباء وجهات التخصص الطبي بفروعه المختلفة، وممثلين عن منظمة الصحة العالمية وعدد من علماء الشريعة بالأزهر الشريف
ونتيجة لما سبق فإنه استدل على أن الصيام كروتين ليس مضرًا لكن الطقوس المصاحبة له في شهر رمضان من عزائم وتجمعات عائلية هي ما تسببت في المخالطة وكسر إجراءات الحجر الصحي مما زاد الإصابات العام الماضي، وهو ما ذكره الدكتور إسلام عنان، أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، ونتيجة لذلك فهو حذر من تكرار التجمعات بأي شكل لا سيما أنه يتزامن مع الموجة الثالثة المتوقع ذروتها الشهر المقبل، مع الالتزام الطعام الصحي، ويمارس الرياضة، سواء في الجري أو المشي، أو الذهاب إلى الصالات الرياضية، وبهذه الطريقة يمكن الحفاظ على مناعة مناسبة ليست زائدة وليست ضعيفة.