رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سارة النمس: خمنت أن «جيم» ستصل إلى قوائم البوكر.. وسأكتب عن «الحراك الجزائري»

سارة النمس
سارة النمس

أُعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) في الأول من شهر مارس الجاري قائمتها الطويلة لدورتها الرابعة عشرة، وجاءت القائمة مكوّنة من 16 رواية لكتذا ينتمون إلى 11 دولة عربية.

الكاتبة الجزائرية سارة النمس كانت من أصغر الحاضرين في القائمة سنًا، فسارة النمس من مواليد نوفمبر 1989 في ولاية تيارت في الجزائر، وتخرجت من جامعة عباس فرحات في مدينة سطيف متخصصة في اللغة الإنجليزية، وعملت في مجالات التعليم والتحرير والترجمة، وحاليًا تعمل مديرة في دار أجنحة الجزائرية، وتقيم في مدينة وهران غرب الجزائر.

النمس التي تبلغ من العمر 31 عامًا هي واحدة من أصغر الكتّاب الواصلين إلى قوائم البوكر، والأصغر في القائمة الحالية، وهي واحدة ضمن 3 جزائريين وصلوا للقائمة إلى جانب عمارة لخوص وعبداللطيف ولد عبدالله، كما أنها واحدة ضمن 3 كاتبات في القائمة إلى جانب السورية دنيا ميخائيل والتونسية أميرة غنيم، والمصرية منصورة عزالدين.

بدأت سارة النمس مسيرتها الأدبية في 2012 بإصدار رواية "الحب بنكهة جزائرية"، ثم المجموعة القصصية "الدخلاء" في 2014، وفي 2016 أصدرت رواية "ماء وملح"، ثم أصدرت روايتها "جيم" عن دار الآداب اللبنانية في 2019.

ورواية "جيم" هي رواية أصوات، حيث تلتقي البطلة "جيم" أثناء رحلة بالقطار بالبطل الآخر للرواية (أمين)، ويتناوب جيم وأمين الحكي، حيث يبدو وجودهما كعنصرين نقيضين، فجيم جميلة جدًا وواثقة ومثقفة وثرية، مقابل أمين الدميم البسيط ذو التعليم المتواضع، ومن هذا التناقض تتولد المفارقات وتتوالى الحكايات ليكشف كل منهما للآخر عن وجهه الخفي.

"الدستور" حاورت الكاتبة الجزائرية سارة النمس، بعد وصول روايته "جيم" إلى القائمة الطويلة من الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر.

- كيف تشعرين مع إعلان وصول "جيم" للقائمة الطويلة للبوكر؟ وهل كنتِ تتوقعين ذلك؟

بما أنّني إنسانة واقعية وأعطي النسب دائمًا بالمناصفة كي لا أبالغ في التفاؤل ولا بالتشاؤم فكنتُ أتوقّع بالقدر الذي لم أتوّقع ولكن رواية جيم فارقة في تجاربي لهذا كنتُ أشعر بشيء من الحدس أنّها ستصِل بطريقة أو بأخرى.

- هناك دائمًا أسئلة تحيط بالبوكر حول أن اختياراتها لا تقتصر على الفنيات، وأن عوامل مثل الجنسية والجنس والسن تتحكم في الاختيارات.. كيف تعلقين على ذلك؟

بل أجد العكس تمامًا، بلا شك ثم معايير ولكن تبدو لي أنّها غالبًا تقتصر على الفنيات والمواضيع وليس الجنس والجنسية والسن والدليل في كل دورة هنالك قائمة أسماء متنوعة من حيث السن والجنس والجنسيات.

- ما الذي تضيفه الجوائز للمبدع؟ وهل هي معيار صادق تقاس عليه جودة الأعمال الأدبية؟

تضيف له الكثير، مثلًا لي ككاتبة لا علاقات لها في الوسط الأدبي ولا ولا توصيات من كبار الكُتّاب لقرائهم بالقراءة لي، مثل هذه الجوائز هي بمثابة فرص ثمينة للإضاءة على أعمالنا المغمورة. وهكذا يرشّح كاتبٌ لم يكن يعرَف عنه أحد إلى جانب كاتب آخر محبوب إعلاميًا لا لشيء فقط لأنّه كتب نصًا جيّدًا.

- هناك بعد فلسفي جلي في رواية "جيم"، يتجلى في التضادات والثنائيات التي يشكلها البطلين جيم والأمين، الجمال والدمامة، الزهو والانسحاق.. برأيك هل تفقد الروايات قيمتها إذا اكتفت بتقديم دراما خالية من العمق الفلسفي؟

بالنسبة لي كقارئة قبل أن أكون كاتبة، نعم أنا بحاجة دائمًا إلى عمق فلسفي ليترك العمل أثره في نفسي وذاكرتي، أعمال دونه قد أستمتع بها ولكن سأنساها وتسقط من الذاكرة مثل نزوة في تجارب القراءة.

- لماذا اخترتِ البوليفونية لطرح حكايات البطلين؟ لماذا مثلًا لم تُحكَ تلك الحكايات عن طريق راوٍ عليم؟

اختيار تقنية السرد دائمًا عفوي من جهتي ولا أخطط للأصوات التي ستسرد الحكاية، الحكاية تخرج من مخيلتي بذلك الشكل والشخصيات تنتزع حقّها في رواية الحدث من وجهة نظرها.

- تظل عشرية الدم أو العشرية السوداء معلمًا رئيسيًا في الرواية الجزائرية المعاصرة.. إن لم يكن كحدث رئيس، أو كخلفية لحدث رئيس، فإنها تكون حاضرة على الأقل كشذرة حكائية.. هل تشكل العشرية السوداء النقطة المركزية للرواية الجزائرية؟ ألا يعتبر الحراك الذي جرى مؤخرًا فأطاح بنظام بوتفليقة نقطة مركزية أخرى تستحق أن يُروى عنها؟

- ستظل معلمًا رئيسيًا في الرواية الجزائرية لأنّها حقبة قاسية من ذاكرتنا وتاريخنا خاصّة لمن عايشوها وأنا منهم كنتُ طفلة ثم مراهقة وذاكرتي مثقلة ومجروحة بذكريات مريرة وكل هذا يصعد أثناء الكتابة والتدفق.. أمّا الحراك فكان تجربة عظيمة وإيجابية وملهمة لنا كجزائريين وهو ثيمة حاضرة في روايتي التالية التي لم أنشرها بعد.

أصدرت 3 روايات ومجموعة قصصية وحيدة؟ كيف تختارين قالب النص؟ أم أنه هو من يختار قالبه؟ وهل تعتزمين إصدار مجاميع قصصية أخرى؟ هل نحيا حقًا ما قال عنه جابر عصفور "زمن الرواية"؟

- غالبًا أميل لكتابة الرواية أمّا القصص القصيرة أكتبها في أوقات متباعدة عندما أجد ما يلهمني لكتابتِها.. مؤخرًا صدرت لي مجموعة قصصية ثانية بعنوان إبليس يطلب المغفرة.

- حرصتِ في أغلب إصداراتك على النشر في بيروت. لماذا لم تنشري في الجزائر؟ وهل تفكرين في الإطلال على سوق النشر المصري؟

نشرتُ روايتي الأولى في الجزائر ومجموعتي القصصية الثانية صدرت الشهر الفارط عن دار أجنحة الجزائرية بالشراكة مع دار فضاءات الأردنية. أطرق باب دار النشر التي أفكّر وأتأمّل أن تخدم النص وترعاه.

- كيف أثَّرت السوشيال ميديا، وزمن كورونا على الأدب؟ هل هناك تأثير فعلي أم مجرد ظواهر مؤقتة؟

ظواهر مؤقتة، وظروف اضطررنا للتكيّف والتعايش معها لمواصلة الحياة، الظروف فقط التي تغيّرت.. الأدب هو الأدب والحياة هي الحياة بكل مباهجها وأمراضها وأوبئتها والأمل لولاه كنّا في هذه الحياة ضحايا.

- ختامًا.. هل تعتقدين أن الرواية العربية تحظى بمكانة جيدة على خريطة الأدب في العالم؟

العالم كلّه يكتب.. ونحن نحاول بصعوبة أن نشق ونصنع مكانتنا الجيدة على خارطة الأدب في العالم لتكون أصواتنا مسموعة وحكاياتنا الغريبة مقروءة.