رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«خطة الإنقاذ».. هل خرجت مصر من ذروة كورونا؟

كورونا
كورونا

مرّت الفترة الماضية بالعديد من الأرقام الرسمية المبشرة التي تخص مدى انتشار وتفشي فيروس كورونا المستجد في مصر، سواء على صعيد الإصابات أو الوفيات أو حالات الشفاء، والتي كان لها دلالة على انخفاض المنحنى الوبائي.

ولم تقتصر تلك الأرقام على ذلك، ولكن رصدت معدل التردد على المستشفيات وأعداد العزل المنزلي، كان منها إعلان وزارة الصحة انخفاض نسبة تردد حالات اشتباه الإصابة بكورونا على المستشفيات بمعدل 15% منذ بداية الموجة الثانية، وتقلص حالات الحجز بالمستشفيات بنسبة تقدر بنحو 10.5%.

ليس ذلك فحسب بل شهدت العناية المركزة في أغلب المستشفيات انخفاضًا يدل على انحسار معدل الانتشار، حيث إن حجز الحالات في العناية المركزة قل بنسبة 8%، ما أدى إلى بلوغ متوسط الشفاء زيادة بنسبة 5% منذ الموجة الثانية.

كما أعلنت وزارة الصحة مؤخرًا عن أن هناك انخفاضًا ملحوظًا خلال الأيام القليلة الماضية في أعداد الوفيات والإصابات اليومية، وأن أعداد الوفيات تحديدًا في الموجة الثانية لفيروس كورونا أقل من الموجة الأولى بنسبة تصل إلى 50%.

ويتسق ذلك مع إعلان الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية، بالأمس إن ذروة الموجة الثانية من فيروس كورونا انتهت، وهناك حالة تناقص في أعداد الإصابات، بسبب اتخاذ الدولة إجراءات شديدة في تطبيق الإجراءات الاحترازية بعد ارتفاع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا.

ومع تلك الأرقام المبشرة كان لا بد من طرح سؤال ما الذي يحدث الآن في مستشفيات العزل والكشف عن كورونا؟ وهل بالفعل انخفض معدل التفشي؟، واستقاء الإجابة من مدراء وأطباء يعملون في تلك المستشفيات لمعرفة الوضع الآني للوباء.

انخفاض الضغط على المستشفيات.. والبروتوكول المنزلي أسهم بشكل كبير

بعد أسابيع من ضغط العمل داخل مستشفيات العزل، واستقبال عشرات الحالات الحرجة يوميًا بسبب الموجة الثانية من فيروس كورونا المستجد، بدأ الأطباء داخل غرف العزل في الوقت الحالي يلتقطون أنفاسهم، ويشعرون ببعض الراحة الجسدية والنفسية؛ بسبب تراجع منحنى أعداد المصابين خلال الأسبوع الماضي، واعتقاد بعض الخبراء بأنها بداية النهاية للموجة الثانية من «كوفيد- 19».

الدكتور وائل سالم، أحد الأطباء بمستشفى عزل قها بمحافظة القليوبية، قال إن حالات الإصابة بفيروس كورونا انخفضت بنسبة كبيرة خلال الأيام الأخيرة، ونتيجة لذلك تراجعت عدد الحالات الحرجة التي تحتاج إلى حجز في العناية المركزة في المستشفى.

وأرجع الطبيب أسباب تراجع الأعداد في مصر وبعض دول العالم إلى الالتزام بالتباعد الإجتماعي، وارتداء الأقنعة الواقية وعدم التزاحم، وأكثر ما ساعد على انخفاض الأعداد محليًا هو الارتفاع في درجات الحرارة الذي شهدته البلاد، رغم أن هذا لم يثبت علميًا حتى الآن.

أضاف "سالم": "الشعور بالضغط الجسدي والنفسي وحالة الإعياء بسبب كثرة الحالات، أمور عانى منها الأطباء في جميع مستشفيات العزل منذ بدء الموجة الثانية من فيروس كورونا، خاصة مع وفاة بعض الأطباء متأثرين بإصابتهم بالفيروس القاتل، ولكن كل هذا بدأ في التراجع الآن بعد انحصار أعداد الأصابات، وتطبيق بروتوكول وزارة الصحة الخاص بتلقي الأطقم الطبية لقاح فيروس كورونا".

وجه طبيب العزل الشكر للأطباء المتطوعين عبر الإنترنت الذين خصصوا جزءًا من أوقاتهم لمتابعة حالات الإصابة البسيطة والمتوسطة، مما ساهم في تخفيف الضغط على أطباء العزل بالمستشفيات، ووجه تركيزهم نحو الحالات الحرجة فقط، وأصحاب الأمراض المزمنة التي تحتاج إلى متابعة دورية دقيقة، وأيضًا عدم تشتيت الطاقة في الحالات المنزلية البسيطة.

وكانت وزارة الصحة قد خصصت خطًا ساخنًا للمواطنين للتواصل مع أطباء متخصصين لمتابعة المرضى منزليًا مع صرف بروتوكول الدواء اللازم لحالتها، والاكتفاء بفتح غرف الرعاية المركزة للحالات الحرجة التي تظهر عليها أعراض متطورة أو أصحاب الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر، أو السيدات الحوامل، لخطورة تأثير «كوفيد- 19» على هذه الفئات.

فرض الكمامة والإجراءات الاحترازية سبب الانخفاض

من جانبه قال الدكتور أسامة بشارة، أحد أطباء العزل، إن انخفاض عدد الحالات الحرجة يسهم بالتبعية في انخفاض أعداد الوفيات الناتجة عن الإصابة بفيروس كورونا، وكلما انخفض إجمالي الحالات المصابة سيقل عدد الوفيات بشكل ملحوظ في الأيام القليلة القادمة.

أشار الطبيب إلى دور وزارة الداخلية في تطبيق غرامة عدم ارتداء الكمامة في الأماكن العامة ساهم في انخفاض أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، وكلما زاد الالتزام بالأقنعة الواقية والمطهرات ستظل أعداد الإصابات مستقرة حتى فصل الصيف، وستصل إلى المستويات التي كانت عليها قبل بدء الموجة الثانية.

وتابع: "ومع وصول لقاح فيروس كورونا قادمًا من الصين، بدأ الكثير من الأطباء والعاملين في المجال الطبي بصفة عامة في التسجيل في موقع وزارة الصحة المخصص لتلقي اللقاح، الأمر الذي يساهم في منع انتشار كوفيد 19 بين الطواقم الطبية، وذلك وفقًا للبروتوكول الجديد الذي تتبعه وزارة الصحة، وسيسهم في استقرار أعداد الأصابات أيضًا".

وأعرب بشارة عن سعادته بتراجع أعداد الإصابات بين الأطباء وأفراد الأطقم الطبية، بعد انخفاض الضغط على المستشفيات، وكذلك بعد بدء تلقي عشرات الأطباء للقاح فيروس كورونا، ويأمل أن يحصل أطباء مستشفيات العزل كافة على اللقاح في أقرب فرصة ممكنة، حتى تستمر المنظومة الصحية في تقديم عملها بكامل طاقتها.

الوضع مستقر 

الدكتور محمد عيد، رئيس مستشفى الصدر في العباسية، قال: هناك سببان لانخفاض نسب الكشف عن فيروس كورونا، الأول خوف المواطنين الزائد يجعلهم لا يترددون على المستشفيات للكشف بنظرية إن كنت غير مريض سأمرض بالتأكيد أو على الأقل سأحمل المرض، وهذا يشكل خطرًا أكبر إن كان مريضًا بالفيروس بالفعل لأن الحالة تزداد تأخرًا.

وأضاف عيد أن السبب الآخر هو وعى الشعب والتزامه بالكمامات والتطهير الدائم والتزام المنازل والمسافات الآمنة والعزل المنزلي عند أي اشتباه بالإصابة، وعدم مخالطة المشتبه به تحت أي ظرف من الظروف مما يخفض عدد الحالات بالفعل ويجعل الفيروس أقل خطورة مما كان عليه، ويتم التعامل معه كالإنفلونزا العادية.

وتابع عيد: "لقد بسط الإنترنت طرق الكشف عن كورونا عن طريق فيديوهات الأطباء الزملاء لمساعدة المواطنين لأخذ كل الاجراءات الاحترازية والعزل المنزلي والتعامل مع مريض الكورونا والمشتبه به ذو الأعراض الخفيفة وترك العنايات المركزة للحالات الأكثر خطورة والمتوسطة، فالوضع الحالي مستقر أكثر بنسبة كبيرة بسبب الخطة الكاملة التي وضعتها وزارة الصحه المصرية".

وأوضح مدير مستشفى الصدر أن انخفاض حالات الكورونا في مصر حيّر المراقبين فى العالم كله، لأن هناك زيادة في حالات الإصابة بدول العالم، وزيادة فى معدلات الوفيات في أمريكا وأوروبا، ما يدل على نجاح مبادرة رئيس الجمهورية لمتابعة حالات العزل المنزلي لمرضى كورونا، تحت شعار 100 مليون صحة.

وأضاف: "وقلل هذا من انتشار فيروس كورونا الأفقى في الأسر المصرية، وكذلك نجاح مبادرة علاج الأمراض المزمنة عند المصريين، مما يقطع الطريق أمام تقدم الكورونا في مصر فى سابقة غير مشهودة حتى فى الدول المتقدمة".

وتابع: "الفيروس يصيب مرضى السكرى والقلب خاصة كبار العمر، كما أن الموجة الثانية منه ارتفعت فيها الأعداد سريعًا في تلك الفئات عن الموجة الأولى، فجميع الأرقام تؤكد ذلك لكن مصر نجحت في السيطرة على الوباء في الموجة الثانية".

واستطرد الدكتور عيد: "نجاح الحكومة فى نشر ثقافة الكمامة عن طريق تطبيق غرامة عدم ارتداء الكمامة- ساهم في تقليل الأعداد، وكذلك النجاح في حملات التوعية الخاصة بنشر ثقافة التدابير الوقائية، وكان لغلق المدارس والجامعات ومد إجازة نصف العام مساهمة في ذلك".

واستكمل: "كذلك تعطيل الدراسة منع انتشار الفيروس بين الطلاب وأسرهم، ووسائل المواصلات لها دور هام في هذا الانخفاض، ولا ننسى مبادرة متابعة المصابين بالكورونا المعزولين فى البيوت التي تعتبر غير مسبوقة فى أي دولة في العالم".

واختتم: "أداء وزارة الصحة المصرية حضاري ومتقدم، ويرتقي بمنظومة الصحة المصرية درجات متقدمة سابقة للعديد من الدول الغربية التي ترزح تحت براثن الكورونا، بالإضافة إلى حملات صحية تنطلق في كل أرجاء الوطن تطارد فيروس كورونا من منزل لآخر بسبب الخطة التي وضعتها مع ظهور أول حالة في الموجة الثانية".

إعلان القضاء على كورونا قريبًا

الدكتور أحمد عبدالعزيز، رئيس قسم الطوارئ والحالات الحرجة في مستشفى قصر العيني، وعضو جمعيه القلب المصرية، قال إن انخفاض نسب الكشف سلاح ذو حدين، لأنه قد يكون ناتجًا عن فتاوى بين المواطنين، كما أن الفتوى في الطب أمر خطير، أو سؤال الصيادلة عن بروتوكول مناسب غير صحيح.

أضاف: "الصيدلية مهمتها صرف الدواء الموصوف من الطبيب وليس وصف دواء، وتلك الخطوة ليس أقل خطورة من سؤال الأقارب والجيران والثقة الكاملة في وصف المقربين بهم، وأخذ بروتوكول ساعد غيره على العلاج لأن لكل حالة وضع خاص بها".

تابع: "هناك مثل شعبي خاطئ يستخدمه المصريون، وهو «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب»، اتخذه المصريون شعار المرحلة مما يشكل خطرًا، ولا يساعد إلا في تحول الحالة ذات للأعراض البسيطة إلى حالة ذات الأعراض الخطرة، ويشكل عبئًا كبيرًا وقتها، فلا بد من الكشف المبكر أولًا ثم العزل المنزلي".

وواصل: "العزل المنزلي ضروري- لا شك في هذا- ولكن يجب الكشف أولًا هذه أهم خطوة للعلاج ولأخذ البروتوكول المناسب حتى لا يزداد المرض ونحتاج عناية مركزة، وهي أمور تمثل ضغطًا على المستشفيات والأطباء، فيجب مع ظهور أي أعراض اتخاذ العزل المنزلي والمتابعة مع طبيب".

وعن انخفاض الأعداد قال: "وساعد أيضًا في هذا الانخفاض الملحوظ أن الموجه الثانية من الفيروس جاءت أبسط من الأولى، وأصبح لدى الأطباء خبرة طويلة في التعامل مع المرضى وأساليب العلاج، بحيث أخذنا فكرة مطولة عن المرض والتعامل معه والكشف عنه، وهذا هو الشق الإيجابي من انخفاض نسب الكشف".

وأكمل: "علاوة على انخفاض نسب الإشغال في الأقسام الداخلية للمستشفيات والتردد على عيادات الكشف الخارجية، ومما لا شك فيه أن هذا الانخفاض يبشر بالخير، وإذا ستمر هذا الانخفاض ربما تنحسر الموجة الثانية للكورونا في مصر لا سيما مع اقتراب دخول فصل الصيف، ولو استمر المواطن في التعاون مع جهود الدولة المصرية نستطيع أن نكون من أوائل الدول التى تعلن القضاء على الكورونا".

الالتزام بالإجراءات الاحترازية حتى فصل الصيف

ورأى الدكتور أمجد الحداد، استشاري الصدر والمناعة، أن الانخفاض المتتالي في الأعداد لا علاقة له بارتفاع درجات الحرارة لأنها لم ترتفع سوى درجات قليلة لن تكون مؤثرة في معدل انتشار الوباء، مبينًا أن هناك أسبابًا أخرى لذلك الانخفاض.

ولفت إلى أن "الالتزام بالإجراءات الاحترازية هو أهم أسباب انخفاض أعداد الإصابات الخاصة بفيروس كورونا، لا سيما مع تعطيل المدارس والجامعات، وفرض الارتداء الإجباري للكمامات في المواصلات والأماكن العامة كافة لمنع الانتشار".

وأكد: "لا يجب الطمأنينة من خلال انخفاض تلك الأعداد، لأن الاستهانة بالإجراءات الاحترازية ترفع الأعداد من جديد، ولكن يجب الالتزام بكل الإجراءات المتبعة حتى يأتي فصل الصيف، والذي ستكون فيه الأوضاع مستقرة إلى حد كبير".