رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طموح ترامب المُدَمِر.. إلى أين؟




يحبس العالم أنفاسه فى الأسبوعين المتبقيين على رحيل دونالد ترامب الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته وتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب جو بايدن فى ٢٠ يناير ٢٠٢١.
يحبس العالم أنفاسه ويتساءل هل تنتهى المدة الباقية على خير؟ أم أن طموح ترامب الشخصى ونظرته لمصلحته فقط وتنفيذ ما يتراءى له على المستوى الداخلى والخارجى دون النظر لمصلحة الوطن سيتسبب فى مزيد من الصراعات وإشعال حرب، ولو محدودة مع إيران قد تتسع وتهدد دول الشرق الأوسط والعالم.
منذ ظهور نتيجة الانتخابات بفوز الديمقرطى جو بايدن تحول ترامب إلى شمشون الجبار الذى يريد أن يهدم المعبد على من فيه، أو قل تحول إلى ثور هائج يطيح بضرباته القاتلة والطائشة فى كل جهة وناحية من أنحاء المعمورة، وها هو فى لقطة من لقطاته الأخيرة يدعو أنصاره للتظاهر والاحتجاج أمام مبنى الكابيتول أثناء تصويت أعضاء الكونجرس على فوز بايدن فى السادس من يناير ٢٠٢١، وأدى ذلك إلى اقتحام أنصاره مبنى الكابيتول فى تهديد لحياة النواب ولوقف جلسة التصويت بضع ساعات لحين إخلاء المبنى من المتظاهرين وسيطرة الأمن على الموقف، وإعلان حالة حظر التجوال فى ولاية واشنطن دى سى من السادسة مساء للسادسة صباحًا لمدة أسبوعين، كما كانت نتيجة دعوة ترامب هذه وتحريضه، بل وتشجيعه لأنصاره على ذلك بقوله «إننا لا نقبل بالهزيمة أبدًا، إننا لن نتنازل ولن نعترف بالهزيمة، إن الانتخابات سُرِقت منا، إن بلدنا لن يتحمل ذلك»، كانت النتيجة الاشتباك بين المتظاهرين وضباط الحرس الوطنى والأمن وسقوط أربع ضحايا من المدنيين منهم امرأة، وإصابة عدد آخر.
هذا المشهد الصادم والذى يحدث للمرة الأولى فى أمريكا منذ حرب فيتنام «التى حاول المتظاهرون وقتها إيقاف الحرب»، هذا المشهد الذى أذهل العالم لأنه فاق كل التوقعات أدى إلى استفزاز كثيرين ممن يؤمنون بالقانون والدستور والديمقراطية إلى الغضب وصب اللعنات على ترامب، وها هو بعض التعليقات والآراء من كثير من المسئولين والمحللين:
نائب الرئيس، مايك بنس، رفض الانصياع لأوامر ترامب برفض تصويت الكونجرس على فوز بايدن، وقال: «إننى ملتزم بتطبيق القانون» وندد بأعمال العنف، وقال هذا يوم مظلم.
الرئيس جو بايدن: «الاعتداء على سيادة القانون هو اعتداء على أكثر المؤسسات قدسية، علينا ألا نخسر آخر أمل على الأرض هذا مشهد عبثى يبين أنه علينا نحن الديمقراطيين والجمهوريين والمستقلين أن نتوحد».
مستشار الأمن القومى الأمريكى: «لا يوجد عنف فى ديمقراطيتنا إنها مشاهد صادمة ومخزية واعتداء على الديمقراطية الأمريكية».
عدد كبير من المعلقين والمحللين أجمعوا على أن «ما حدث فوضى واعتداء على القانون لا سابقة له، ومحاولة انفصالية ومحاولة انقلابية من أنصار ترامب للبحث عن المصلحة الخاصة، وقال البعض إن ذلك قد يؤدى إلى تفكك الحزب الجمهورى، وأضاف البعض من الجمهوريين أن ترامب بأفعاله أدى إلى خسارة الجمهوريين مجلس النواب ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض.
يفكر عدد من المسئولين فى أمريكا فى عزل ترامب حتى لا يرتكب مزيدًا من الحماقات من أجل الانتقام لخسارته، مما يؤدى إلى مزيد من الكوارث.
ماذا بعد هذا المشهد الصادم وبعد تصديق الكونجرس على نتيجة فوز جو بايدن؟.. هل ستستوعب أمريكا الدرس فى إجراء تعديلات لصالح مواطنيها فى الداخل الذين تضرروا فى السنوات السابقة من زيادة الفجوة الطبقية بين قلة فاحشة الثراء وكثرة من الفقراء؟ هل سيتم توفير فرص عمل؟ هل ستنهض المنظومة الصحية المنهارة أمام غزو فيروس «كوفيد- ١٩»؟.. هل ستستعيد أمريكا توحيد الشعب وتقضى على الاستقطاب الحاد بين مكوناتها وتطبق سياسات المساواة فى الحقوق والواجبات وتقضى على العنصرية بين البيض والسود من أصل إفريقى والسكان الأصليين من الهنود الحمر والسكان من أصول لاتينية؟
وماذا بشأن السياسة الخارجية والإرث الذى تركه ترامب من إشعال حروب وصراعات وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط؟ وماذا بشأن الحصار الاقتصادى والعقوبات التى فرضها ترامب واستمرت فى عهده على إيران وعلى فنزويلا ودول عديدة؟ ماذا بشأن الاتفاقيات التى نقضها وتسبب فى خروج الولايات المتحدة الأمريكية منها؟ ماذا بشأن الحرب التجارية مع الصين؟.
هل يمكن أن نأمل مع رئيس جديد نعرف أنه بالتأكيد يعمل لمصلحة أمريكا أن يعمل فى نفس الوقت على عودة علاقات متوازنة مع دول العالم مع تهدئة الصراعات وإطفاء الحرائق المشتعلة؟.
هل يمكن أن نأمل فى سياسات أمريكية تعترف بصعود أقطاب أخرى كالصين وروسيا فى الفترة المقبلة؟.. بالتأكيد كلها تساؤلات وأمنيات قد يتحقق بعضها فى الزمن الآتى.