رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على سعدة يكتب: التعصب.. إلى متى سيظل أعمى؟

على سعدة
على سعدة

أدرك المصريون فى الستينيات خطورة التعصب الكروى الذى بدأ يزداد بين قطبى كرة القدم «الأهلى والزمالك».. فقامت القيادة السياسية بتكليف المطربة صباح وغنت أغنيتها المشهورة «بين الأهلى والزمالك محتارة والله.. الاتنين حلوين».. وكان تعداد مصر وقتها ٢٧ مليون نسمة.. وقامت الأغنية بمفعول السحر بين القطبين، فلم نعد نسمع وقتها تبادل الألفاظ البذيئة وكان المشجع يصطحب زوجته وبناته إلى النادى لمشاهدة المباريات بمنتهى الأريحية والاطمئنان دون أن يخشى خدش الحياء أو سماع أى ألفاظ خارجة.
بمرور السنين ومع ظهور السوشيال ميديا.. حيث لا يوجد حسيب ولا رقيب على الكلمات والألفاظ النابية.. ازداد الشحن والتشاحن بين جمهور الناديين الكبيرين.. ووصل بنا الأمر أن نرى جمهور أحد الناديين يقوم بإحراق مشجع من الجمهور المنافس حيًا فى المدرجات.. ليتجمع الجمهور المنافس متظاهرًا أمام النادى المعتدى فى محاولة جادة لتدميره انتقامًا لما حدث.
وظهرت ظاهرة الألتراس لتزيد من التعصب الأعمى.. ولا ننسى استغلال الإخوان تلك الظاهرة سياسيًا ضد المجلس العسكرى، وتأجيج التعصب بين ألتراس ناديى الأهلى والمصرى والأحداث الدامية السوداء التى حدثت فى استاد بورسعيد وما زالت المدينة تعانى من تبعاتها حتى اليوم. ثم قام كل من الأهلى والزمالك بعمل قناة خاصة به يبث منها أغانى الألتراس لناديه ويزيد من حماس مشجعيه بعبارات الاستعلاء والتعصب.. وبدأنا نستمع لعبارات غريبة مثل «أعظم نادى فى الكون».. و«نادى القرن الحقيقى».. عبارات صبيانية الغرض الأساسى منها الكيد للمنافس.
إلى أن تطورت الأمور لحد التطرف والإزعاج حين خصص أحد القطبين فى قناته برنامجًا يظهر فيه رئيس النادى أكثر من ساعتين لمهاجمة النادى المنافس، ما اضطر المسئولين للتدخل وإيقاف البرنامج المسىء لعودة الأمور لطبيعتها.
وفى الأسبوع الماضى وصل الناديان الكبيران، ولأول مرة فى تاريخ اللعبة، لنهائى بطولة إفريقيا لبطولة أبطال الدورى المؤهلة لبطولة العالم للأندية.
وبدأ التراشق والمناوشات بين مشجعى الناديين على صفحات التواصل الاجتماعى هادئًا لطيفًا فى البداية.. ولكن للأسف مع مرور الوقت واقتراب موعد المباراة بدأت تتصاعد حدة الهجوم بالسخرية والسباب وغاب الوعى.. وزاد الاحتقان وكأنها بطولة العمر وأن الخاسر سينتهى رياضيًا والفائز سيدخل الجنة بغير حساب. ونسى الناديان أن يفرحا لأنهما الأقوى إفريقيًا وعربيًا وأن عليهما أن يفتخرا بذلك وليفز من يفوز ويخسر من يخسر، فهى ليست نهاية العالم.. والغرض الأساسى من أى لعبة هو السمو الأخلاقى والروح الرياضية.. فلنحتفل بالفائز الاحتفال الذى يليق به ولنقُل للخاسر: «حظًا أوفر فى المرة القادمة».. وليذهب التعصب البغيض إلى الجحيم.