رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يسرى الجندى: «البحوث الإسلامية» رفض معالجة درامية قدمتها عن خطر «الإخوان» باسم «الخوارج»

الكاتب يسرى الجندى
الكاتب يسرى الجندى

كشف الكاتب يسرى الجندى عن أن لديه العديد من الأعمال التى لم ترَ النور، من بينها مسلسل عن جماعة «الإخوان» الإرهابية، كتبه فى بداية التسعينيات لكنه رُفض من مجمع البحوث الإسلامية، بالإضافة إلى مشروع آخر عن الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، توقف بسبب وفاة نجمه الفنان نور الشريف، وكذلك عمل ثالث عن الملكة «شجر الدر» لم يُنفذ بسبب تكلفته الإنتاجية الكبيرة. وقال مؤلف «على الزيبق» و«السيرة الهلالية»، فى حواره مع «الدستور»، إن معاركه الكثيرة مع مسئولى وزارة الثقافة لم تكن بسبب إيقاف بعض أعماله المسرحية أو الدرامية، وإنما لأنه كان ضد تحويل الثقافة الجماهيرية إلى ما وصفه بـ«شىء آخر لا نعرفه»، مشيرًا إلى أنه حين كان يعيد عرض أعماله المسرحية على التليفزيون كان ينظر دائمًا للظرف الذى تمر به البلاد، ويضمّن العمل رسائل خاصة يفهمها الناس.

■ كيف كانت بدايتك مع عالم الكتابة؟
- بدايتى كانت فى تجربة «جماعة أبناء المسرح»، أوائل الستينيات، وكنت وقتها فى دمياط، حيث اخترت مجموعة من هواة المسرح، بينهم صديقى الكاتب المسرحى محمد أبوالعلا السلامونى، ووضعنا لهذه الجماعة منهجًا رسمناه لأنفسنا، لنستطيع من خلاله التعرف على الظاهرة المسرحية، خاصة المسرح الغربى، لأنى كنت أحب أن يكون المسرح وسطًا، بين ما يقدمه مسرح العاصمة الذى لا يمثل رؤانا الشبابية، ومسرح الأقاليم بطابعه المغرق فى المحلية.
ورغم أنى صاحب الفكرة، فإننى أحببتها أكثر فى شكلها الجماعى، وقدمنا خلالها مسرحية من تأليفى وإخراجى أيضًا كان اسمها «الشمس وصحراء الجليد»، على مسرح رأس البر، وحمل العرض كثيرًا من طموحنا وجهدنا، وكان يدور حول الطبيعة الشائكة لموقف المثقف فى العالم الثالث من خلال أحداث ثورة الجزائر.
ورغم ذلك فشلت المسرحية فشلًا ذريعًا أصابنى وقتها بالمرض، لكنها مثلت خطوة كبيرة فى طريقى، عرفت عبرها خصوصية المسرح فى مصر والعالم العربى.
■ قدمت أعمالًا للمسرح ثم بعد سنوات أعدت عرضها على التليفزيون، مثل «على الزيبق» و«السيرة الهلالية».. ما أهم التعديلات التى أدخلتها على هذه النصوص؟
- كنت أنظر دائمًا للظرف الذى تمر به البلاد، وأُضمّن العمل رسائل خاصة يفهمها الناس، فحين قدمت «على الزيبق» على المسرح تناولت القصة من زاوية ضرورة استمرار المقاومة ضد العدو الإسرائيلى الذى احتل أرضنا، أى أننى ركزت على الجانب السياسى، وحين عرضت المسرحية فى أوائل السبعينيات على مسرح «السامر» كانت المظاهرات تخرج من المسرح منددة بإسرائيل، ما يعنى أن رسالتى كانت تصل للمتلقى مباشرة، وهذا ما كان يسعدنى جدًا.
فى هذه الفترة وأثناء عرض المسرحية استدعيت ضمن من تم استدعاؤهم من قوات الاحتياط، وذهبت لمعسكر الجيش فى الجبل الأحمر، إلا أن الرئيس أنور السادات وافق وقتها على وقف إطلاق النار وبدأت الهدنة، لذا عدت للمسرح دون أن أحارب.
وحين تناولت قصة «على الزيبق» فى الدراما ركزت على الجانب الاجتماعى، وتناولت ضرورة مقاومة الفساد، غير أننى لم أكن راضيًا عن المسلسل بسبب فقر الإنتاج.
أما «السيرة الهلالية» فعرضت على المسرح عام ١٩٧٧، لكنى لم أتناول فيها ما تناولته فى العمل التليفزيونى، الذى ناقشت خلاله المتغيرات التى حدثت للشارع العربى والشرخ الكبير بعد أحداث ١٩٩١ وحرب الخليج، وكانت شخصية «أبوزيد الهلالى» فى المسلسل مختلفة كثيرًا عن مثيلتها فى المسرح، لأنه جاء فى الدراما محبطًا تحيط به تحديات كبيرة تهدد أحلامه.
■ قدمت مسلسل «السيرة الهلالية» فى ٣ أجزاء.. فهل كان ذلك سببًا فى اعتذار مخرج العمل وأبطاله عن عدم إكماله؟
- لا، فالممثلون كلهم كانوا يعلمون أن العمل من ٣ أجزاء منذ البداية، واعتذار بعضهم عن عدم إكمال دوره كان بسبب اعتراضات على ترتيب الأسماء فى «التتر»، ومنهم الفنان رياض الخولى، ما تسبب فى تعطل سير العمل لفترة.
أما عن تغيير المخرج مجدى أبوعميرة، مخرج الجزءين الأول والثانى، والاستعانة بالمخرج هانى إسماعيل بدلًا منه، فلم يتسبب فى أى مشكلة، لأن «أبوعميرة» قدم إبداعًا رائعًا، و«إسماعيل استمر على نفس منهجه».
■ ما حقيقة اعتذار الفنان جمال عبدالناصر عن عدم إكمال تصوير دور البطولة بسبب استيائه من الصبغة السوداء لشخصية «أبوزيد»؟
- هذا كلام غير حقيقى، فالفنان جمال عبدالناصر اعتذر بالفعل لأنه لم يرغب فى إكمال المسلسل، لكن نفس الصبغة كان يضعها أحمد عبدالعزيز ورياض الخولى، ولم تكن بها أى مشكلات.
■ هل تتذكر تفاصيل أزمة توقف عرض مسلسل «جمهورية زفتى»؟
- بالتأكيد، فالأزمة بدأت باعتراض المخرج إسماعيل عبدالحافظ على عرض المسلسل فى الثانية صباحًا، وهو وقت متأخر جدًا، ما يعنى تراجع نسب المشاهدة إلى الحد الأدنى، لكنى أقنعته بالعدول عن رأيه وامتثل لكلامى بالفعل، ثم حدث خطأ آخر فى توزيع الأدوار، وأصبح واضحًا أنه من الصعب استكمال تصوير المسلسل.
وأذكر يومها أن إسماعيل عبدالحافظ هاتفنى فجرًا، وأخبرنى بأنه سيتوقف عن التصوير، فاتصلت بحسين فهمى، وكان رئيس شركة «صوت القاهرة» وقتها، وأخبرته بطبيعة المشكلة، ورغبة المخرج فى توقف المسلسل بعدما بدأ عرضه، وكان الأمر صعبًا ومرعبًا.
خرجنا وقتها واعتذرنا للجمهور المصرى وقلنا ما حدث بشجاعة، وكان رد فعل الصحافة مؤيدًا فكرة التأجيل واستكمال كتابة الحلقات وتصويرها على مهل، وبالفعل عرضنا المسلسل بعدها بعدة أسابيع، وحقق نجاحًا كبيرًا، ولا يزال واحدًا من المسلسلات التى أفخر بتقديمها للتليفزيون المصرى.
■ هل لديك أعمال درامية لم تصل إلى مرحلة التنفيذ والعرض على الشاشة الصغيرة؟
- لدىّ أعمال كثيرة، مثل «شجر الدر» و«الوجه الضائع» و«الهانم» أو «حدث فى قصر الباشا»، وهى ٣ أعمال كانت موجودة لدى صديقى المنتج محمد فوزى، وأنتظر أن تحدث انفراجة وتظهر للنور قريبًا.
كما كان لدى مشروع مسلسل عن الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، يقدم فى مرحلتين، على أن يلعب الفنان نور الشريف بطولة المرحلة الثانية من حياته، وهو ما رحب به جدًا وكان مقتنعًا بالعمل، لكن مرضه الأخير حال دون ذلك، وكنت أتمنى كثيرًا أن يمد الله فى عمره ليخوض بطولة المسلسل، لذا أعتبر أن وفاته هى أيضًا شهادة وفاة للمسلسل.
أما بخصوص مسلسل «شجر الدر»، فقد تحدثت مع الفنانة الكبيرة ليلى علوى لتقوم ببطولته، لأنه عمل يليق بها، وأبدت ترحيبًا بذلك وتحمست له، لكننا لم نجد مَن يوافق على إنتاجه حاليًا، لأن تكلفته عالية جدًا.
■ رغم ما قدمته من أعمال كثيرة فى المسرح والتليفزيون على مدار عقود فإن قضية التطرف ظلت غائبة عن أعمالك.. فلماذا لم تتناولها؟
- عندما ظهر التطرف جليًا فى التسعينيات وما قبلها دفعنى ذلك لكتابة مسلسل اسمه «الخوارج»، ناقشت فيه جماعة «الإخوان» وحذرت منها باعتبارها خوارج العصر الحديث، لأن عناصرها يتسمون بالعنف مثلهم، وأوضحت أن الخوارج كانوا يظهرون فى كل عصر تضعف فيه الدولة، بدليل اختفائهم تقريبًا فى عهد عمر بن عبدالعزيز، وهو ما يفعله «الإخوان».
وعندما قدمت معالجة درامية لمسلسل «الخوارج» لعرضها على مجمع البحوث الإسلامية، اعتقدت أنها ستحصل على الموافقة بسهولة، لكن المجمع رفض المسلسل رغم أنه كان يتنبأ بكل ما يفعله «الإخوان» حاليًا، وبعدها قررت أن أتوقف عن الكتابة فى هذه المنطقة، لأن المسلسل لم يعرض حتى الآن.
■ خضت كثيرًا من المعارك ضد مسئولى الثقافة فى مصر.. فما أهمها من وجهة نظرك؟
- معاركى الكثيرة مع المسئولين لم تكن بسبب إيقاف بعض الأعمال المسرحية أو الدرامية، وإنما لأنى كنت ضد تحويل الثقافة الجماهيرية إلى شىء آخر لا نعرفه، ففى الثمانينيات خضت معركة ضد خفض ميزانية المسرح، لأنى كنت أرى أن هذا النشاط مهم للغاية، وكانت المعركة قوية جدًا، وشاركنى فيها الفنان حمدى غيث، الذى وقف أمام الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى أحد لقاءاته مع المثقفين وشرح له ما حدث، كما أننا تقدمنا بشكوى لوزير الثقافة وقتها الدكتور أحمد هيكل، وتدخل لصالحنا وأطاح بمسئول الثقافة الجماهيرية الذى كان وراء قرار تخفيض الميزانية.
كما خضت بعدها معركة أخرى فى عهد وزير الثقافة الأسبق، فاروق حسنى، بسبب المسرح التجريبى الذى كنت أرفضه، لأنى سافرت وقتها لحضور مؤتمر مسرحى فى قبرص ووجدت جميع الحضور يتحدثون عن كون هويتنا فى مصر، بل والهوية العربية كلها، هى هوية شرق أوسطية، وهو ما رفضته بشدة، حتى إن مندوبة اليونان فى المؤتمر اتهمتنى بالتعصب.
وبعد عودتى إلى مصر طالبت بإقامة مهرجان للمسرح العربى، بدلًا من التجريبى، وهو ما وافق عليه فاروق حسنى، قبل أن يحذره بعضهم من أن إقامة الأول ستقضى على فكرة الثانى، فعاد للرفض ثانية، وتحت مطالبة كثير من المثقفين بالمهرجان وافق الوزير، مع تعديل الاسم ليصبح ملتقى المسرح العربى بدلًا من مهرجان، فقلت له: «لا يهمنى الاسم، فالأهم هو التنفيذ»، وبالفعل تمت إقامة الملتقى ونجح نجاحًا باهرًا، وكان محور دورته الأولى هو التراث الشعبى، لكن الدورة الثانية لم تتم.