رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الحكومة اليابانية الجديدة



بعد ساعات قليلة من موافقة البرلمان اليابانى، أمس الأول الأربعاء، على اختيار يوشيهيدى سوجا، رئيسًا جديدًا للوزراء، وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى التحية إلى رئيس الوزراء اليابانى السابق، متمنيًا له الشفاء العاجل. وأعلن، خلال افتتاحه مشروعات تعليمية فى برج العرب، عن إطلاق اسم «شينزو آبى» على المرحلة الثالثة من المجمع العلمى بالجامعة المصرية اليابانية.
لأسباب صحية، أعلن شينزو آبى استقالته أواخر الشهر الماضى، من رئاسة الحكومة ورئاسة الحزب الليبرالى الديمقراطى الحاكم. وبـ٣٧٧ صوتًا من أصل ٥٣٥، فاز سوجا، الإثنين الماضى، برئاسة الحزب الذى طالب عدد من قياداته بإجراء انتخابات مبكرة، لتأكيد شرعيته وتمديد ولايته إلى ما بعد انتهاء ولاية آبى فى سبتمبر ٢٠٢١، بينما رأى سوجا أن الانتخابات ليست أولوية، مشيرًا إلى صعوبة إجرائها قبل السيطرة على «كورونا المستجد» وإنعاش الاقتصاد وتنظيم دورة الألعاب الأوليمبية التى تم إرجاؤها، بسبب الوباء، إلى العام المقبل.
تأسس الحزب، المحافظ اجتماعيًا، الليبرالى اقتصاديًا، سنة ١٩٥٥ باندماج أكبر حزبين يابانيين تأسسا بعد الحرب العالمية الثانية: الحزب الليبرالى والحزب الديمقراطى. ومنذ تلك السنة، وطوال ٥٤ سنة، ظل الحزب محتفظًا بالحكم، حتى تم انتزاعه منه فى أغسطس ٢٠٠٩، لكن سرعان ما استعاده، فى ديسمبر ٢٠١٢، تحت زعامة شينزو آبى، بفوزه بالأغلبية فى الانتخابات البرلمانية. وفى ديسمبر ٢٠١٤، سيطر على ثلثى مقاعد مجلس النواب، بعد انتخابات مبكرة، تحالف فيها مع حزب «كوميتو»، شريكه الائتلافى فى الحكومتين السابقة والحالية.
لمدة ٧ سنوات و٨ أشهر، كان يوشيهيدى سوجا، ٧١ سنة، واجهة للحكومة السابقة، بصفته المتحدث الرسمى باسمها، وكثيرًا ما دافع عن قراراتها فى المؤتمرات الصحفية اليومية. ومع الإعلان عن الحقبة الإمبراطورية الجديدة، العام الماضى، بدا أن سوجا هو رجل المرحلة المقبلة، حين اختير لرفع اللافتة البيضاء، التى تحمل اسم الحقبة الجديدة، «ريوا»، وأصبح «العم ريوا» هو لقبه لدى اليابانيين.
المقطع الأول من «ريوا» يعنى «جيد» أو «جميل» والمقطع الثانى معناه «السلام» أو «الوئام». وكانت البلاد تنتظر بلهفة اسم الحقبة الجديدة أو «الجنجو»، الذى يوضع على العملات والأوراق الرسمية. وفى أبريل ٢٠١٩، وقبل شهر من جلوس الإمبراطور ناروهيتو على عرش البلاد، تم الإعلان عن الاسم، حتى تتمكن الوزارات، والهيئات، والشركات الحكومية من تحديث برامج الكمبيوتر وتتخذ الإجراءات اللازمة لتفادى أى أعطال عندما تبدأ الحقبة الجديدة.
العم «ريوا»، الذى صار رئيس الحكومة اليابانية رقم ٩٩، كان وزيرًا للشئون الداخلية والاتصالات فى وزارة «آبى» الأولى «٢٠٠٦- ٢٠٠٧». وبحكم عمله كبيرًا لأمناء حكومة آبى، كان سوجا مسئولًا عن التنسيق بين الوزارات وكل هيئات وأجهزة الدولة. وبالتالى، صار يعرف كل تفاصيل البيروقراطية اليابانية النافذة. ومن المتوقع أن يواصل سياسات آبى الاقتصادية التى اتسمت بسياسة نقدية مريحة وخطط إنعاش هائلة. وما يرجح ذلك، استبقاؤه ياسوتوشى نيشيمورا، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة، فى الحكومة السابقة.
العلاقات الدولية لليابان، أيضًا قد لا تشهد تغيرًا، مع احتفاظ توشيميتسو موتيجى، أيضًا، بحقيبة الخارجية. وقطعًا، لن تتنازل اليابان عن الاحترام الكبير الذى تحظى به فى قارة إفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط، بسبب مساهماتها الإيجابية فى التنمية. كما ستظل كيفية التعامل مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، هى أبرز التحديات التى تواجه طوكيو التى تريد الحفاظ على علاقتها مع بكين وواشنطن، بغض النظر عن الفائز فى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر إجراؤها فى ٣ نوفمبر المقبل. وسيبقى النزاع على ملكية جزر الكوريل الجنوبية، منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، عقبة رئيسية أمام توقيع معاهدة سلام بين روسيا واليابان.
التشكيل الوزارى الجديد، استبقى نصف وزراء الحكومة السابقة، أبرزهم أو أهمهم، بالنسبة لنا، ولغير اليابانيين إجمالًا، هو وزير الخارجية. وكذا وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة، الذى كان قد التقى الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى أغسطس ٢٠١٩، خلال انعقاد مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية الإفريقية «تيكاد ٧»، وأشاد بالإجراءات والجهود المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية، وأكد أن وزارته تقوم بتشجيع الشركات اليابانية على الاستثمار فى مصر، وتعهد بمواصلة العمل من أجل تعزيز التعاون الاقتصادى بين البلدين.
.. وتبقى الإشارة إلى أن العلاقات المصرية اليابانية قديمة، قوية، وراسخة، وترتكز على الاحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية. وعلى امتداد الـ٦٣ سنة الماضية، تحديدًا منذ سنة ١٩٥٧، تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية، وظلت مصر واليابان تبحثان عن نقاط التلاقى، بعيدًا عن الدول الساعية للصدام والتناحر. وقبل وبعد زيارة شينزو آبى إلى القاهرة فى ٢٠١٥، وزيارة الرئيس السيسى إلى طوكيو فى العام التالى، لم يتوقف التنسيق بين البلدين، بشأن الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ولا يوجد ما يشير إلى أنه قد يتوقف.