مشروعات مهمة لمصر
مشروعات مهمة لمصر
حمدى البطران
من المعروف أن الرئيس السيسى يضع نصب عينيه المشروعات الكبرى التى تهم المواطن المصرى، على المديين القريب والبعيد، وهى مشروعات بدأت تظهر وتعطى ثمارها، وشعر الشعب كله بأهميتها، مثل مشروعات البنية التحتية والطرق والكبارى التى تربط مختلف مناطق البلاد ومشروعات إعادة توطين العشوائيات، ومشروعات استصلاح الأراضى وزراعة الصحراء، والاهتمام بالمشكلة المائية.
غير أن هناك مشروعات كنا نتمنى أن تسير جنبًا إلى جنب مع تلك المشروعات التى تبنى عقلية المواطن، وأقصد تحديدًا مشروعى القراءة للجميع ومكتبة الأسرة، وأعتقد أنه لو تمكنت مصر من إعادة تنشيط هذين المشروعين فإنها تكون قد حققت عملًا قوميًا يحسب لقوتها الناعمة.
من المعروف أن الكتاب المصرى كان أحد أدوات القوة المصرية الناعمة، وكان يتبوأ عرش القراءة العربية فى الخمسينيات والستينيات، ثم بدأ التراجع عن عرشه مع بداية السبعينيات والثمانينيات، وهى الفترة التى شهدت انتشار الفكر الوهابى فى مصر، وبداية انتشار المؤسسات الثقافية الخليجية، التى استقطبت الكثير من نخبة المثقفين المصريين واستثمرتهم فى فترة انحسار المد الثقافى المصرى الذى بدأ فى النمو فى فترة الستينيات، بسبب أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والتحولات الجذرية التى حدثت بها وهجرة كبار المثقفين المصريين والأدباء إلى هناك، حيث المردود المادى المرتفع. وطغيان الوفرة المالية، وهناك كتبوا وأبدعوا، وشكلوا منافسًا قويًا للثقافة المصرية والكتاب المصرى.
كان الكتاب فى تلك الفترة هو عماد الثقافة فى كل الدول، وبه انتشر الفكر الغربى والشرقى على حد سواء، أتذكر أنه فى معرض الكتاب فى نهاية الستينيات ومطلع السبعينيات، كان الكتاب الروسى هدف كل المهتمين بالأدب والثقافة والعلوم، وبأسعار تكاد تكون رمزية، والسبب معروف، فما كان يسمى الاتحاد السوفييتى قبل انهياره فى تسعينيات القرن العشرين كان يسعى إلى توسيع رقعته الأيديولوجية فى العالم، وفى الوطن العربى بشكل خاص، عن طريق الكتب سواء كان كتابًا علميًا أو كتابًا أدبيًا، كانت صناعته جيدة وأوراقه مصقولة، وكان مجلدًا تجليدًا فاخرًا بغلاف مقوى، كان الباحثون والطلاب فى كل فروع المعرفة يقبلون على الكتاب الروسى، لرخص سعره وغزارة مادته. وكنا ككتاب وأدباء ومثقفين، نقبل على كتب الأدب الروسية، وقرأنا لديستوفسكى وليو تولستوى، وباسترناك وغيرهم من الكتاب والشعراء والفلاسفة الروس.
من الممكن للكتاب المصرى أن يكون مصدرًا للدخل القومى، والحصول على العملة الصعبة، لو اعتبرناه إحدى الصناعات الرئيسية التى كانت سائدة عندنا، والتى من أهم عواملها الأولية هى الورق والأحبار. كانت لنا شركات لتصنيع الورق ومنها شركة الورق الأهلية، وكان إنتاجها جيدًا وراقيًا، ولكن الدولة تخلَّت عنها، دون أن تلتفت إلى أنها تغذى أهم صناعة مصرية تتوافر كل خاماتها الأولية هنا فى مصر. من المعروف أن صناعة الكتاب قوامها عاملان رئيسيان، العامل الأول تكنولوجيا الورق، والعامل الثانى الأفكار التى يحتويها الورق.
وكلا العاملين متوافر عندنا فى مصر، ولا نحتاج إلى استيراد شىء، ولا شك أن الدولة اهتمت مؤخرًا بالعامل الأول فى صناعة الكتاب المصرى، وهو الجزء التكنولوجى فى صناعة الكتاب وهو الورق، عندما أعلن الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، فى يوليو 2018، عن الاستراتيجية الجديدة لصناعة الورق فى مصر المخطط الانتهاء من تنفيذها بنهاية 2022 على 5 محاور مهمة فى إطار سد فجوة الاستيراد، التى تمثل 60% من حجم استهلاك مصر من الورق سنويًا وتضغط احتياطى النقد الأجنبى للدولة، إذ بلغت فاتورة الاستيراد السنوية 8 مليارات دولار.
وأعتقد أن مصر بمثقفيها وكتابها وشعرائها ومؤلفيها وجامعاتها ومؤسساتها البحثية وعقول أبنائها ومؤسساتها الثقافية والفنية وكتابها ونقادها- قادرة على توفير إبداع وفنون وعلوم، تجعل للكتاب المصرى مكانة كبيرة.. وهو ما سنفرد له مقالًا مستقلًا.