رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصابو «كورونا» عالميًا.. اللهم اشف وارحم


ترتيب مصر بالنسبة لمصابى فيروس كورونا بتاريخ ١٥ الشهر الجارى، يأتى تحت الرقم الثالث والعشرين عالميًا، وتليها مباشرة الصين، وما أدراك ما الصين تعدادًا وعلاقة بالفيروس اللعين الذى أصاب العالم كله، لم يترك شاردًا فى صحراء أو واردًا على ضفاف ماء أو هاربًا فوق قمم الجبال أو حتى تحت أرض خضراء أو جبال جرداء.
تشير الإحصاءات إلى أن عدد المصابين من مصرنا الحبيبة بلغ تسعة وثمانين ألفًا وخمسمائة وستة، توفى منهم حتى تاريخه، أربعة آلاف وثمانية، بينما الرقم التالى مباشرة بعد مصر وهى الصين، فعدد المصابين منها بلغ ثلاثة وثمانين ألفًا وستمائة وخمسة، أى أقل من عدد المصابين فى مصر بتسعة وتسعين نفسًا، أما عدد الوفيات من الصين فيزيد على وفيات المصريين بنحو ستمائة واثنتين وعشرين نسمة.
وتُفاجئنا الصين بعد أن كانت الرقم الثانى بعد الولايات المتحدة أن ينزل تعداد حالات الإصابة فيها إلى الرقم الرابع والعشرين من التعداد الدولى الذى يشمل عدد مائتين وخمس دول وتجمعًا سكانيًا.
أما آخر تعداد للشعب الصينى فى السابع عشر من يناير هذا العام ٢٠٢٠، حيث بلغ تعداد الصينيين مليارًا وأربعمائة ألف نسمة يشكلون قرابة العشرين بالمائة من تعداد العالم كله، كما قرر المسئولون الصينيون رفع الحظر عن تعداد المواليد الجدد من طفل واحد إلى اثنين لتغطية نسبة الوفيات من كورونا، وتفيد أخبار الصينيين أنهم لم يتجاوبوا كثيرًا مع فتح باب زيادة المواليد من طفل واحد للأسرة إلى طفلين، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار، أى أن تكلفة طفل زائد فى العائلة أحادية الأطفال يكلفها فوق طاقتها، وهنا تتردد الهمسات: وهل فتح باب زيادة أطفال الأسرة الواحدة من طفل إلى طفلين هو لتغطية أعداد مصابى كورونا؟ وهم أقل كثيرًا من تعداد نحو عشرين دولة أخرى، أم أن للتعداد أكثر من قائمة؟
ومَنْ يراجع قوائم الإصابات الوبائية فى الشهور الأولى من بداية الكارثة يجد أن الصين هى الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت هناك همسات حول دقة الأرقام، وأن الإصابات أكثر من العدد المعلن، ولكن الغريب أن نطالع خبر تصحيح الرقم إلى العدد الذى يقل عن عدد إصابات مصر، وكان المبرر هو خطأ فى الإحصاء لأعداد الموتى المصابين بالوباء لتكرار الرقم عن طريق الخطأ حتى ظهر رقم المتوفين أقل من متوفى مصر، والمبرر أن الجهات الصينية أدركت الخطأ، وتم تصحيح الرقم، وبذلك جاء ترتيب الصين فى الخسائر أقل من خسائر مصر، وبذلك يتغير ترتيب الوضع الصينى إلى أقل من ضحايا مصر، بعد أن كان ترتيبها تاليًا لترتيب الولايات المتحدة.
ولأننا لا نفاضل بين النفوس التى تسقط ضحايا لذلك الميكروب الخبيث، فالإنسان له قيمته مهما كان جنسه أو لونه أو لغته أو عقيدته، ولقد كرم الله خالق البشر الإنسان وجعله على قمة خليقته، ولسنا فى معرض سباق فى أعداد الضحايا، ولكن ما يثير الغرابة هو التلاعب بالأرقام، فى الوقت الذى نقرأ فيه أخبارًا مزعجة مثل «بكين تتحول إلى مدينة أشباح»، ثم فى ذات اليوم خبرًا بأن الصين تخفض عدد الوفيات إلى النصف بدعوى أنه حدث خطأ فى مضاعفة رقم المتوفين.
ويقابل هذا الخبر تصريح من اقتصادىّ ألمانىّ بأن السلطات الصينية تتلاعب بعدد وفياتها، وأن متابع الخبر لا تسعده زيادة أعداد القتلى من أى جنس أو لون أو دين، فكما ذكرنا، النفس البشرية عزيزة غالية، ولقد خلق الله الإنسان وكرمه وجعله على قمة المخلوقات، وكل نفس عزيزة لا نسر بابتلاء أو وباء يصيبها، بل نتمنى للجميع العافية، وللمرضى الشفاء، ولكن ما يزعج المتابعين للأخبار أن يروا دولة كبرى تتغير أرقامها، والمبرر خطأ فى حصر الوفيات حتى جاء الرقم مضاعفًا، وكأننا نحصى حبات من الليمون أو الرمان وليس أعداد إنسان له قيمته فى ذاته وبين أسرته ومواطنيه، وأى إنسان عاقل متزن لا يتمنى أو يسر بموت إنسان خلقه الله وأقامه على قمة سائر المخلوقات.
ومن متابعة الأخبار حول العالم، يؤلمنا كثيرًا أن نقرأ أو نسمع عن أعداد ليست بقليلة فى كل ركن من أركانه، حتى وصلت الأرقام إلى ما يزيد على العشرة ملايين مصاب بهذا الوباء، لم ينج منه ركن من أركان العالم، حتى المقيمين خارج التعداد الدولى فى جميع قارات العالم إلى المقيمين فى الجبال والغابات التى تخرج عن القارات الست بدولها المائة والخمس والتسعين.
نسأل الله أن يرفع عن البشرية كلها هذه الغمة مع تمنياتنا للمصابين وهم ملايين الشفاء، ولمن وافتهم المنية نسأل لأسرهم العزاء، ولأننا لسنا فى مباراة بين تعداد الضحايا، أيًا كانت جنسيتهم، أو عقيدتهم، فهم بشر خليقة الخالق الذى كرم الإنسان، ليت من هذه الكارثة نتعلم الدرس لنكرم بعضنا بعضًا لا بغضًا ولا كرهًا، فالإنسان خليقة الله المكرمة فوق كل المخلوقات رغم تعدد اللغات والألوان والعقائد والأديان يبقى الإنسان بعقل يفكر وقلب نابض يحب ويسمو فوق كل المخلوقات الأخرى، فهل وعينا الدرس من أزمة الكورونا؟