رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الكمامة والطفل».. «كورونا» يزيد من حيرة الآباء على سلامة أبنائهم

الكمامة والطفل
الكمامة والطفل

فرضت الدولة مجموعة من الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، وشملت تلك الإجراءات جميع الفئات والأعمار من بينهم الأطفال.

ومنذ ذلك التاريخ وقع على الصغار عبء نفسي كبير، فحسب علماء النفس وتربية الطفل، يصُعب على صغير السن الالتزام بالقرارات الإجبارية الطارئة، كإجراءات الحجر المنزلي والتقيد بها، فتقليل الحركة عمومًا على الصغير ليس من شيمه، خاصة لسبب غير مفهوم له، لا يدرك توابع كسره.

من بين هؤلاء الأطفال يوسف عمّرو، صاحب الـ5 سنوات، حيث أغلقت حضانته الكائنة بمدينة أشمون محافظة المنوفية، وحاولت أمه بشتى الطرق إقناعه بأسباب عدم خروجه من المنزل حتى لشراء المقرمشات، ولكن حان الوقت لتغيير هذا الوضع بعد أن أعلنت الحكومة عدة خطوات للتعايش الأمن مع الفيروس، وكان أولها إلزام الجميع بعدم الخروج من المنزل دون ارتداء كمامة واقية.

وتذكر "أسماء" أنها وجدت الموضوع ملائمًا للترفيه عن يوسف وأخته الأصغر علياء للتقليل من الكبت النفسي الناجم عن أكثر من ٩٠ يومًا داخل المنزل، الأمر الذي تسبب في فعلهم ترجمة ذلك للسلوكيات عنيفة، لاسيما أن "يوسف" قد شرع منذ شهور في التمرن على الكارنيه، لكنها فوجئت بتحذيرات عدد من الأطباء بارتداء الأطفال الكمامة لتسببها في مشكلات صحية لهم، فباتت في حيرة كيف تمكن ابنها من حياة آمنة.

"الدستور" تحدثت مع عدد من الآراء الطبية لمساعدة الأسر في حماية الأبناء، ومنهم الدكتور عبد اللطيف المر، أستاذ الصحة العامة والمناعة بجامعة الزقازيق، الذي يرى أن الكثير لا يعى الطريقة المثلى للتنفس مع وجود، الكمامة، فالغالبية يعتمد في الاستنشاق على الزفير الحامل لثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى وجود غاز متطور يعاد استنشاقه من جديد داخل الحويصلات الهوائية ما يؤدي إلى ارتفاع حموضة الدم، الشأن ينطبق على الكبار والصغار لكن يستحيل حماية الطفل من ضرره.

يحذر "المر" من عدم ارتداء الكمامة لمن يتجاوز 12 سنة، وفق الإطار ذاته يمنع أن يرتديها من يقل عمره عن 6 سنوات، موضحًا ارتفاع حموضة الدم عند الطفل يؤدي إلى عدم قدرة كرات الدم الحمراء على العمل بكفاءة، وعدم قدرتها على حمل الأكسجين، بمعنى أن كمية الأكسجين التي ستصل إلى الأنسجة ستكون قليلة، وبالتالي إيقاف عملية تصنيع البروتينات في الجسم، ما يؤدي إلى إضعاف المناعة لأن الأجسام المضادة هي عبارة عن بروتينات والمناعة هي الحسن الوحيد الواقي من الكورونا.

على جانب اخر، هناك أطفال يخشون ارتداء الكمامة وتثير فيهم الضيق، من بينهم سلمى ياسر صاحبة الـ ٧ سنوات، تذكر والدتها أنه عند اصطحابها لعيادة الأسنان الأسبوع الماضي، أن "سلمى" لم تكن تطيق ارتداءها لـ ١٠ دقايق متواصلة، حتى أنها كانت تزيحها عن وجه والدتها، حينما أجبرتها صرخت وبكت بشكل هيستيري.

يفسر أسامة شعلان، أستاذ طب الأطفال بجامعة المنوفية، في حديثه من "الدستور" أنهم يخشونها لأنها تخفي جزءًا من الوجه، وتمنع الأطفال من رؤية الابتسامة أو المظاهر المألوفة التي تشعرهم بالراحة، لذا يجب التمهيد للأطفال أكبر من الـ ٦ سنوات وتشجيعهم بتزيينها بالرسومات بعد التصريح بالكمامة القماشية، وإعلامهم أنها واجبة في بعض الأماكن المجهول فيها حالة المترددين عليها كالمواصلات وعيادة الطبيب أو الصيدلية أو الأسواق.

وحذر"شعلان" من التعامل العنيف مع الطفل عند رفضه لَبْس القناع الواقعي أو الكمامة، حيث يتعين قبول رد فعل الأطفال الخائفين من الكمامة وتهدئتهم؛ لأن الأطفال يتعاملون بحذر مع الأشياء التي لا يفهمونها أو يشعرون بها أو يتوقعونها، حتى لا يتولد بداخلهم فوبيا يصعب التعامل معها لاحقًا وتحتاج لطبيب نفسي، ويرى أن الوسيلة الوحيدة التي تقي الطفل من مخاطر ارتداء الكمامة، وكذلك حمل العدوى، هُو بقائهم في المنزل وترغيبهم في ذلك لفترة موقتة حتى ننتهى من ذروة المرض.