هل هناك علاقة بين المناولة والأوبئة؟.. الروم الأرثوذكس تجيب
أدلى الأنبا نيقولا أنطونيو، مطران الغربية وطنطا للروم الأرثوذكس، والمتحدث الرسمي للكنيسة في مصر، بتصريح صحفي، تحت شعار "في زمن الأوبئة "ما يرافق المناولة" و"المناولة نفسها".
وقال الأنبا نيقولا أنطونيو، في بيان رسمي، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: "إن تلك هي رؤية الأب جان كلود لارشيه في الحديث الذي أدلى به في مقابلة أجراها حملت شعار "أصل الوباء الحاليّ وطبيعته ومعناه"، وسوف ينشر الحديث كامل على ثلاث أجزاء لأنه يحتوي على ثلاث نقاط، ونقلته إلى العربيّة راهبات دير القدّيس سمعان العامودي (حامات).
وأضاف أن الأب جان كلود لارشيه أوصى بالتمييز بين أمرَين: "ما يرافق المناولة" و"المناولة نفسها"، فقد يكون خطر العدوى موجودًا في "ما يرافق المناولة": مثلًا مسح شفاه كلّ المشتركين في المناولة بالقماشة نفسها، أو شرب الـ"zapivka" (وهو مزيجٌ من المياه العذبة والنبيذ) في الكؤوس نفسها، بعد المناولة (مثلما هي العادة في الكنيسة الروسيّة). ولذلك، فتدابير استخدام المناديل الورقيّة في الحالة الأولى، واستخدام الأكواب الأحاديّة الاستخدام في الحالة الثانية، (وتُحرَق المناديل والأكواب بعد ذلك)، لا تستدعي أيّ اعتراضٍ برأيي.
وتابع: "فيما يتعلّق بالمناولة نفسها، تخلّت العديد من الكنائس عن الطريقة التقليديّة لتقديمها للمؤمنين، أي وضعها في الفم بواسطة الملعقة المقدّسة. أوصَتْ بعض الكنائس بسكب المحتوى في الفم المفتوح مع الحفاظ على مسافةٍ معيّنةٍ منه، واقترح بعضها الآخر، مثل الكنيسة الروسيّة، تطهير الملعقة في الكحول بين المؤمن والآخر، أو استخدام ملاعق أحاديّة الاستخدام تُحرَق لاحقًا".
وأكمل: "أعتقد أنّ أيّ كنيسةٍ من بينها لم تفترض أنّ جسد المسيح ودمه، اللذَين تذكر جميع الصلوات قبل المناولة وبعدها أنّهما يعطَيان "لصحّة النفس والجسد"، هما عامل عدوى (لا نجد هذه الفكرة الأخيرة إلاّ في مقالةٍ واحدةٍ - انتشرت على الإنترنت، ولهذا السبب أذكرها - للأرشمندريت كيريل هوفورون، وهي عبارةٌ عن مجموعة هرطقات)".
واستطرد: "ولكن، ثمّة شكوكٌ حول الملعقة نفسها، وهذا يستدعي نقاشًا، حيث يرى بعضهم أنّها تمسّ فم المؤمنين، بينما يرى بعضهم الآخر أنّ جسد المسيح ودمه يطهّرانها ويحميانها عند تغميسها فيهما. ويقول هؤلاء الأخيرون إنّ الكهنة، في كنائس كبيرةٍ يوجد فيها حتمًا بين المؤمنين مرضى من كلّ نوع، يتناولون في نهاية القدّاس ما تبقّى من القرابين المقدّسة، من دون أن يُصابوا بأيّ مرض. ويقولون أيضًا إنّ الكهنة كانوا يناولون المؤمنين المصابين خلال الأوبئة الكبيرة في الماضي، من دون أن تنتقل العدوى إليهم. فيما يتعلّق بهذه النقطة الأخيرة، لا أملك معلوماتٍ أكيدةً من وثائق تاريخيّة".
وأضاف: "على العكس، فإنّ القدّيس نيقوديموس الآثوسيّ (الّذي عاش في النصف الثاني من القرن الثامن عشر)، يعلّق في كتابه "البيذاليون" (ويعني بالعربية دفّة المركب ويضمّ القوانين الكنسيّة الأرثوذكسيّة وشرحها: المترجم)، على القانون ٢٨ من المجمع المسكونيّ السادس مجيزًا أن يجري "الكهنة بعض التغيير في أزمنة الأوبئة" في طريقة إعطاء المناولة للمرضى، بحيث "يوضع الخبز المقدّس في إناء مقدّس، حتّى يتمكّن المدنفون والمرضى من تناوله بملعقةٍ أو بشيءٍ يشبهها"، "على أن يوضع بعدها الإناء والملعقة في الخلّ، ويُسكب الخلّ حيث لا تدوس الأقدام، أو تُستخدم طريقةٌ أخرى أكثر أمانًا وقانونيّة". يفترض هذا أنّه في زمنه (وعلى الأرجح من قبل)، كان يجوز أن تُعطى المناولة في إناء وملعقة، وأن تُطهَّر هذه لاحقًا (إنّ الخلّ، بسبب درجة الكحول والحموضة الموجودة فيه، يحتوي على خصائص مطهّرة ومضادّة للفطرّيات، وهذه لن تكون كافيةً مطلقًا ضدّ كوفيد-١٩). إنّ الكنيسة الروسيّة استندت في التدابير التي اتّخذتها إلى هذا النصّ الذي ذكره أيضًا الليتورجيّ الروسيّ الكبير س. بولغاكوف في دليله المرجعيّ".
وأكمل: "من جهتي، أعتقد أنّ مَن يملك إيمانًا كافيًا ليتناول بواسطة الملعقة بثقةٍ، لن يكون معرَّضًا لأيّ خطر، وأنّ الكنائس الّتي اتّخذت تدابير خاصّة، إنّما فعلت ذلك من أجل المؤمنين الّذين يملكون إيمانًا أضعف من غيرهم وشكوكًا. وهي، على هذا النحو، اتّبعت إرشاد القدّيس بولس الّذي يقول: "صِرْتُ ضَعيفًا مَعَ الضُّعَفاء، كَي أَربحَ الضُّعَفاء" (١ كورنثوس ٩، ٢٢)".
وأضاف: "يجب أن نذكّر أنّه ليس للمناولة مفعولٌ سحريٌّ: فكما هو الحال في جميع الأسرار، تُمنح النعمة فيها بملئها، ولكنّ تقبّل النعمة يكون نسبيًّا بحسب إيمان المتلقّي (يستخدم الآباء اليونانيّون الكلمة اليونانيّة "analogia" للإشارة إلى هذه النسبيّة) يذكر القدّيس بولس وصلوات المطالبسي أنّ مَن يتناول بغير استحقاقٍ قد يصبح مريضًا بالنفس والجسد (١ كورنثوس١١، ٢٧-٣١)، أو قد يتناول "لدينونته"، على أيّة حال، كلّ كنيسةٍ محليّةٍ لها السلطة في أن تتّخذ تدبيريًّا الإجراءات المفيدة في كلّ ظرفٍ خاصّ".