رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«وآدي إحنا بنينا».. «الدستور» تسترجع ذكريات بناء السد العالي

السد العالي
السد العالي

لم يكن السد العالي مشروعًا قوميًا عاديًا، شارك المصريون فيه بسواعدهم فقط بل كان ملحمة بشرية، وحدت اتجهاتهم لإنجازه باعتباره مشروع يهدف إلى إنقاذ الأمة من أخطار مائية عدة.

وفي تلك الأيام تمر ذكرى بناء السد العالي على المصريين، ولذلك تسترجع "الدستور" مع بناة السد العالي تفاصيل تلك المحلمة التي قاموا بها، ويرويها عدد من الذين شاركوا بها ومازالوا على قيد الحياة يشهدون استكمال مشاريع أخرى.

«رشدي عطية»، أحد الذين شاركوا في بناء السد العالي، يقول: «كان لازم نسلم السد قبل الفيضان، أنا بدأت في بناء السد منذ بدايات المشروع، منذ أن تخرجت في كلية الهندسة، وكنت حينها في الـ 21 من عمري، جاءني تكليف بالسفر إلى أسوان للمشاركة في المشروع».

يؤكد أنه في بداية المشروع كان رافضًا السفر إلى أسوان؛ بسبب أنها محافظة بعيدة عن حياته وأهله وأصدقائه، كما أن للخبرة عامل كبير في ذلك، وهو حينها لم يتجاوز الـ 21 من عمره، فكان أمر جديدًا وغريبًا عليه.

ويوضح المهندس، أن عمله في السد العالي استمر نحو 6 سنوات، وحين جاء موعد مغادرة المشروع حين تسليمه، كان حزينًا للغاية هو وجميع المشاركين، بسبب تعلقهم بالمحافظة وأهلها: «كان من أبرز المشروعات التي شاركت في بنائها، وكنت سأندم كثيرًا لو لم أشارك».

«يا بناة السد العالي باقي من الزمن يومًا»، يقول عطية إن هذه الجملة كانت إحدى العوامل الجوهرية التي دفعت طاقم العمل إلى إنجازه في وقت قياسي، فكانت تلك اللافتة معلقة في مقدمة مدخل محيط المشروع، وكانت تعد تنازليًا الأيام المتبقية لتسليم مشروع السد العالي، تأكيدًا على موعد التسليم قبل أن يضرب الفيضان السد.

كمال حسين، أحد المهندسين الذين شاركوا في السد العالي، يقول إن مشروع السد العالي كان تحدي كبير أمامنا لإنجازه، كما كان تمويل المشروع أيضًا تحدى آخر، واستطاعت مصر التغلب عليه من خلال الاقتراض من دول الاتحاد السوفيتي.

واستكمل حسين أنه تخرج في كلية الهندسة دفعة 66، وجاءه أمر تكليف للمشاركة في مشروع بناء سد في أسوان يحفظ لمصر مياه الفيضان، لاستغلالها في فترات الجفاف في الزراعة، وأيضًا إحداث ثورة صناعية جديدة: «وعندما بلغني خبر التكليف، سعدت كثيرًا؛ وذلك لكوني حديث التخرج وسأشارك في مشروع بمثل هذا الحجم».

وعن التحديات يقول المهندس: «كان فكرة بناء السد في النيل أمر أشبه بالمستحيل ولكن مع القيادة المصرية الواعية، لم يكن هناك مستحيل»، معلقًا: «الصعاب كانت تكمن في إمكانية مد خطوط المياه من أسوان إلى محافظات القاهرة والجيزة، فتبلغ طول تلك الخطوط 1000 كم، وهو أمر ليس بالسهل».

وشارك كذلك حاتم أحمد عبدالرحيم، أحد أبناء محافظة الجيزة، في بناء السد العالي، وعدد من المشاريع القومية الكبيرة التي يتم إنشاؤها حاليًا، مؤكدًا أنه يشعر بالفخر أمام أبناؤه وأحفاده إلى الآن لكون الحظ ساعده بانضامه إلى هذه الملحمة البشرية، التي شاركت في بناء هذا السد العظيم.

ووصف عبد الرحيم السد العالي، بأنه من أهم مشاريع الدولة المصرية على مر عقودًا من الزمن، ويشجع أولاده وأحفاده هم أيضًا على المشاركة في المشاريع القومية الحالية، أسوة بما فعله هو لكي يسطر التاريخ أسماؤهم كما سطر التاريخ اسمه هو وزملائه الذين حملوا على أعتاقهم بناء السد العظيم.

يذكر أنه في أواخر عام 1958 وُقعت اتفاقية بين روسيا ومصر لإقراضها 400 مليون روبل؛ لتنفيذ المرحلة الأولى من السد العالي، وتم توقيع اتفاقية ثانية مع روسيا ومصر بـ500 مليون روبل إضافية لتمويل المرحلة الثانية من السد في 1960.

وفي عام 1956، سحب البنك الدولى عرضه بسبب الضغوط الاستعمارية، بعدما كان هناك اتفاق بين مصر والبنك الدولي في ديسمبر 1955؛ لتقديم معونة بما يساوى ربع تكاليف إنشاء السد.