رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكاتبة تيسير النجار: القصة القصيرة موجودة بوجود الحياة

الكاتبة تيسير النجار
الكاتبة تيسير النجار

خلال شهر سبتمبر الماضي 2019 فازت الكاتبة الشابة٬ تيسير النجار بجائزة منتدى يوسف زيدان للثقافة العربية٬ والتي حصدتها عن إبداعات الشباب في القصة القصيرة لمجموعتها القصصية "جئتك بالحب" الصادرة عن سلسلة إبداعات بالهيئة العامة لقصورالثقافة. كان مدخلها لفن القصة القصيرة الرغبة في الحكي ومشاركة الآخر حتى لو كان وهميًا. كتبت أول قصة لها قبل أن تتعلم القراءة٬ فأكملتها بالرسومات. في هذا اللقاء "تيسير النجار" وشجون الكتابة وبالتحديد فن القصة القصيرة.

ــ من كتاب القصة القصيرة الذين قرأت لهم قبل أن تكتب هذا الفن الأدبي؟
كتبت أول قصة في طفولتي قبل القراءة، كنت أضيف الرسومات لقصصي لسد عجزي عن الكتابة بشكل كافِ، أدون كل ذلك في كراساتي القديمة بعد انتهاء المدرسة، ثم بعد ذلك قرأت قصص الأطفال المصورة وبعدها قرأت سلسلة المكتبة الخضراء، بينما في مراهقتي قرأت الأعمال الكاملة للمبدع يوسف إدريس، وقصص آخرى بالإضافة إلى القصص المترجمة التي كانت متوفرة في مكتبة مدرستي الثانوية، أظن بعد ذلك كتبت القصة بشكل نوعًا ما محترف.

- ما الذي لفتك إلى الاهتمام بالقصة القصيرة؟ وكيف بدأت تجاربك الأولى فى كتابتها؟
قد تكون الرغبة في الحكي ومشاركة الآخر حتى لو كان وهميًا.. أذكر في طفولتي قبل دخول المدرسة وعدم معرفتي بالكتابة كنت أختلق شخصيات وأتحدث معها بصوت عالٍ وكأننا أراها.
أما عن اختيار القصة القصيرة تحديدًا ربما يعود السبب لأنها ابنة اللحظة هي تلك اللقطة والالتفاتة الواحدة٬ والاحتفاء بالحدث البسيط. وأنا شخصية ملولة وكسولة، أنها تشبهني، تناسب طبيعتي أنا أعشقها، أول قصصي كما ذكرت سابقًا كانت بسيطة ومدعمة برسوماتي لتعويض عدم معرفتي الكتابة جيدًا، أما القصة بشكلها الحالي فكتبتها في المرحلة الإعدادية وحصلت على المركز الثالث على مستوى المحافظة، وفي المرحلة الثانوية أذيعت لي قصة في برنامج من الحياة على إذاعة البرنامج العام على الراديو التي تعشقه أمي، وسمعها جميع أهالي القرية، وكان ذلك أول انتشار لي ككاتبة في نجعي.

- هل قرأت شيئًا عن أصول هذا الفن القصصي أو طرائق كتابته؟
قرأت "الحكاية وما فيها" لمحمد عبد النبي، و"راوية الأفلام" لإيرنان ريبيرا لتيلير.

- ما الذي جعلك تختارين إطار القصة القصيرة للكتابة دون غيره من أطر التعبير الأدبي؟ هل يتعلق الأمر بحالتك النفسية أم بطبيعة الموضوع الذى تعالجه القصة؟ أم أن إمكانية النشر هى التى توجهك إلى هذا الاختيار؟
القصة هي ابنة اللحظة، كنت أريد أن أقطع وحدتي التي تغلفني كفقاعة كبيرة، أول قصة كانت عن ولد صغير لديه كلب يشاركه أوقات وحدته وفراغه، يلعب معه ويمنحه السعادة، لم أنتبه حينها أنني كنت أراني في بطلي القصير وأسعى لخلق ونس يبدد شعوري بالوحدة والفراغ الذي لازمني سنوات طويلة.
كل ما أريده شريكًا في لحظاتي القصيرة البسيطة وذلك أجده في القصة ابنة التكثيف، لا يوجد بحياتي ما يستأهل كتابة رواية ببوحها الطويل والدراما التي تحتاج لمعالجة في سطور، لا أميل إلى المسرح، أم المقاطع التي أنشرها على صفحتي الفيسبوكية ويقول بعض أصدقائي أنها شعر، لم أكتب فيها أكثر مما نشرته على صفحتي. كما ذكرت سابقًا أن القصة تشبهني، وأكتب القصة دون تفكير في النشر أو غيره.

- ما الذي تهدف القصة القصيرة عندك إلى توصيله للقارئ؟ وهل تتمثلين قارئك وأنت تكتبينها؟ ومن قارئك؟
لا هدف سوى المتعة والتخلص من الوحدة، صدقيني كانت تبكيني بعض الأحداث التي أضع شخصياتي فيها، عند الكتابة لا أفكر سوى في تدفق الأفكار ورد فعل شخصياتي، قارئي كل من انفعل مع شخصياتي، لا أضع أمامي عندما أكتب، لكني أحب القارئ الذكي المتعمق، تأتيني رسائل أحيانًا على الفيسبوك أشعر أنها كتبت من داخلي وهذا يسعدني جدًا.

- ما مدى الزمن الذي تستغرقه كتابتك لإحدى القصص القصيرة؟ وهل تواجهين أحيانًا بعض الصعوبات أثناء الكتابة؟ مثل ماذا؟
يوم أو يومان، لا تواجهني صعوبات سوى انعدام الرغبة والشعور بالملل وأن ما سأكتبه قد كتب من قبل أحد آخر على نحو أفضل، أظنها مزاجيتي اللعينة التي تفسد كل شيء غالبًا.
وهناك صعوبة آخرى أحيانًا ينتهي النص لكن لا تنتهي الفكرة داخلي وأجد أنني أكتب ظلالًا كثيرة له، حتى ينتهي بالنحو المناسب ولا أجده مرة أخرى.

- هل استطعتِ من خلال ممارستك لكتابة القصة القصيرة أن تستخلصي لنفسك بعض العناصر الحرفية التي تسعفك عند الكتابة؟ مثل ماذا؟
لم أفكر في هذا من قبل، ربما الحرفية تشعرني أحيانًا أن كل شيء بمكانه الحدث والشخص والحوار، كما أنها جعلتني لا أتعجل النشر مثل السابق، وأدرك أن متعة الكتابة أكبر وأهم من كل شيء.

- هل تهتمين فى كل قصة قصيرة تكتبينها بأن يكون لها مغزى بالنسبة إلى الأوضاع الاجتماعية المعاصرة؟
أنا لا أكتب بحثًا، لو تماست بعض قصصي مع الأوضاع الاجتماعية ربما لأن الحالة لمستني فدفعتني إلى الكتابة دون وعي مسبق، في النهاية أنا ابنة بيئتي.

- كيف يكون مدخلك إلى القصة القصيرة؟ وهل يتجه اهتمامك إلى الحدث أم إلى الشخصية؟
ربما في الأول كنت أكتب وتركيزي على الحدث وضخامته وكيف ينصب على الشخصية المسالمة، لكن الآن أفكر في رد فعلها وتعاطيها مع الحدث، وتكون هي الحدث وليس مفعولًا به دائمًا أو هي التي تستدعي الحدث وتجذبه نحوها بالطاقة التي تصدرها.

- هل تعينين الزمان والمكان للحدث (أو الأحداث) التي تتضمنها القصة القصيرة أم تتركها بلا تعيين؟
في البداية كان عندما يرى من يقرأ قصة لي ضرورة تعيين المكان والزمان ووصف الشكل الخارجي للشخصية ويعتبر إغفالي لهم تقصيرًا مني كنت أنزعج، لكن الآن صرت أتفهم أن لكل منا رؤية مختلفة، وإن كل قصة تخلق طريقة كتابتها، بعض الأحيان التعاطي مع الحدث يختلف باختلاف الزمان والمكان لذا لا يجب إغفاله، وبعض القصص نجد في ذكرهما إسهاب لا ضرورة له.

- هل ترين فيما أنجزتِ حتى الآن من قصص قصيرة أنه يمثل مراحل تطور متعاقبة؟ فإن كان فكيف ترين نتيجة هذا التطور؟
أستطيع انتقاد قصصي ورؤية نقاط ضعفها، وأحاول تجنبه فيما أكتب لاحقًا، وصرت لا أتعجل النشر.

- إذا كنتِ انصرفتِ عن كتابة القصة القصيرة إلى غيرها من الأجناس الأدبية فمتى حدث هذا؟ ولماذا؟
القصة عالمي الصغير الذي أتمتع به، لكن لو جرفني قلمي إلى عالم أكثر رحابة سأتبعه وأكتب الرواية.

- كيف ترين مستقبل هذا النوع الأدبي؟
قد تمتزج الأنواع الأدبية وتطغى أشكال عابرة للنوع، لكن ستظل القصة القصيرة موجودة بوجود الحياة، وإن ندر قارئها لكنه لن ينقرض، وسيبقى كتّابها ويكثرون على مر الزمان.