رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خليل حنا تادرس.. كاتب المراهقين صاحب الخلطة المثيرة

خليل حنا تادرس
خليل حنا تادرس

«انجذب الشباب لكتبى لأننى أكتب من الوجهة الشبابية والعاطفية، والشاب متعطش للحب والمعرفة، وكان القليلون فقط هم من يكتبون مثلى فى تلك الفترة.. ولا يزعجنى وصفى بأننى كاتب المراهقين».. فى سن السابعة والسبعين أدلى الكاتب المصرى الشهير والمثير للجدل خليل حنّا تادرس بهذا التصريح فى حوار لجريدة الأخبار، ليقر بنفسه أنه يكتب من منطلق «ما يطلبه الجمهور» وليس من أى منطلق آخر، لا يكتب من منطلق الفن من أجل الفن ولا يكتب من منطلق الفن من أجل المجتمع، بل كتب دائمًا بحثًا عن المبيعات، وبالتالى يصبح من الصعب أن نطلق عليه صفة مثل «فنان».
وُلد خليل حنا تادرس فى بنى سويف بتاريخ ٢ يونيو ١٩٣٩، وظهرت أولى كتاباته فى سن التاسعة عشرة، أى فى ١٩٥٨ عبر مجموعة قصصية عنوانها «شيطان الحب»، إلا أن شهرته لم تنطلق إلا مع منتصف الستينيات من القرن الماضى، عندما توجه للنشر فى بيروت عبر دار الجيل، ثم انفجرت تمامًا مع رواية «نشوى والحب»، التى تحكى الحياة الجنسية للبطلة «نشوى» وكيف تحولت إلى آلة جنسية منحرفة بسبب أحداث وتجارب وقعت لها فى طفولتها وصباها.
وربما تتضح فكرة أولوية المبيعات والجمهور على حساب «أصول» الفن من خلال حقيقة أن «تادرس» كرر نفس اللعبة عندما اتجه للترجمة، فتجاهل الأمانة العلمية للترجمة وقرر تمصير رواية «السأم» للإيطالى ألبرتو مورافيا عبر تمصير الأماكن والأشخاص، وبرر ذلك بقوله: «حافظت على كيان الفكرة من خلال تمصير أسماء الشخصيات والأماكن».
طبعًا لا مجال فى حال تناولنا كتابة خليل حنا تادرس للحديث عن فنيات وتقنيات وهندسات سردية، الأمر كله متشابه، حتى عندما تكرّم وكتب مذكرات لجولدا مائير ومناحم بيجين، متجاهلًا أن لا أحد يكتب المذكرات إلا صاحبها، لم يكن يفكر إلا فى أن كتابًا يحمل عنوانًا يشير لمذكرات هؤلاء النجوم من الأعداء لا بد سيحقق مبيعات هائلة بين القراء العرب.
يقول: «تتكون شخصيات رواياتى من ٧٥٪ حقيقة و٢٥٪ خيالًا، وأختار شخصيات عملى من المجتمع، ثم أحاول أن أدرسها». وهنا يتضح جليًا أن الرجل وضع يده على خلطة، نجحت مرة، لأنها ذات مذاق رائع رغم فقرها من حيث القيمة الغذائية.. وعليه، فقد اتخذ قرارًا أبديًا بتكرار نفس اللعبة، بشكل متواصل، بطريقة «اللى تعيده تزيده».
ولا شك أن خليل حنا تادرس رجل ذكى، ومثقف، نهم للقراءة، وهو على حد وصفه كان قادرًا فى شبابه على قراءة أكثر من كتاب فى اليوم. يقول فى الحوار الذى أشرنا إليه آنفًا: «كان عمرى ١٥ عامًا، بعدما قابلت بائع روبابكيا يبيع كتبًا مستعملة، يبلغ عددها ٤٠٠ كتاب، فقررت أن أشتريها كلها وقد أعطتنى دفعة قوية حيث وفرت قراءة كتب حديثة وقديمة لنجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس، فى هذه الفترة كنت أستطيع أن أقرأ ٤ كتب فى اليوم، فنمت عندى موهبة الكتابة (...) بالإضافة إلى أننى درست بالجامعة الأمريكية وحصلت على دورات لغة فى المعهد الفرنسى والمعهد الإيطالى».
لكن للأسف، لم تنعكس هذه المعرفة العامة والثقافة على النتاج الأدبى، لكنها انعكست فى مسيرته ككاتب، إذ استطاع لسنوات طويلة أن يكون متصدرًا قوائم الأعلى مبيعًا، كان يعرف ماذا يكتب ولمن؟، الروايات ذات الطابع الجنسى للشباب، الكتب حول القادة الإسرائيليين لعامة الجمهور العربى الذى اكتسبه بعد النشر فى بيروت.. وهكذا تراكم فى رصيده ٣٠٠ كتاب حققت أغلبيتها مبيعات كبيرة.
ويبقى أن نشير إلى أن خليل حنا تادرس لم يكن الكاتب المفضل لدى جمهور عريض من شباب ومراهقى وطلاب جامعات مصر فى الستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات، وإنما كان كاتبًا محبوبًا لدى مجموعة من أساطين الفن والأدب فى مصر، مثل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ مثلًا، وقد أشادت به أسماء بقيمة صلاح جاهين وإحسان عبدالقدوس ومجدى نجيب، الأمر الذى أسهم فى انتشاره.