رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتاة تحيي "الرسائل الورقية": يلهمني الرافعي ومي زيادة وجبران

جريدة الدستور

من ذا الذي لا ينتظر أن يأتيه ساعي البريد حاملًا بين يديه رسالة ورقية من حبيب غائب، من مسافر طال انتظاره، من جامعة مرموقة تخبره أنها قبلته للدراسة فيها، الرسالة الورقية فن قائم بذاته عانى في السنوات الأخيرة من خطر الاندثار، بعدما تربعت الرسائل الإلكترونية على عرش لغات التواصل بين البشر.
هذا الوضع لم يُرض تلك الفتاة الحالمة بعصور ما قبل الانترنت، سمر الشوادفي، المتخرجة في كلية الإعلام جامعة القاهرة، قررت وهي في العشرينيات من عمرها أن تنشئ صندوق بريدها الخاص لترسل وتستقبل فيه رسائل ورقية من صنع يديها، وتصيغها باللغة العربية الفصحى.

"الرسالة الورقية زائر مرحب به في كل وقت، وهي قيمة إنسانية ترمز للتواصل الصادق، بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة لنشر خلاصة وصفوة مفضلاتي الأدبية وذوقي السينمائي، بالإضافة لأدب الرسائل، والشعر العربي التراثي، مع إضافة بعض الرسوم المتحركة أو الواقعية لمنح الرسالة بُعدًا جماليًا؛ لتكون بمثابة فن جديد قائم بذاته يوفر الإمتاع البصري والإثراء الأدبي إلى جانب كونها "رمز في ذاتها"، هذا ما تقوم عليه فكرة مشروعي في شكلها النهائي، وأيضًا سبب اختياري لهذا المجال من بين هواياتي".

هكذا قدمت "سمر" شرح مفصل لمشروعها الفني الذي يجمع بين العمل اليدوي والنص الأدبي: " تأرجحت كثيرًا بين هواياتي، بين التطريز والتدريس حتى وصلت إلى مشروعي الحالي وهو فن إعادة إحياء الرسالة الورقية".
لم تكن فكرة الرسائل الورقية وليدة اللحظة: "اعتدت كتابة يومياتي في صورة رسائل، رسائل ووضعها في مظروفات تقليدية في صندوق، يضم بعض الصور والتذكارات، فأنا أكتب الرسائل بسبب وبدون سبب، وأتذكر أن رسالتي الأولى كانت لزميلي بالصف الرابع الابتدائي، كتبت فيها سأخبر المعلم ليتوقف عن مغازلتي".

راودتها فكرة العمل بكتابة وصناعة الرسائل الورقية قبل خمس سنوات، وظلت الفكرة حبيسة أدراج عقلها، إلى أن طلبت صديقة لها إعداد تذكار لصديقة ثالثة لهما، كان عبارة عن "رسمة بسيطة" وجملة قصيرة، ثم كررت الأمر نفسه لصديقة لها ولكن بشكل مطور بعض الشيء، ومن هنا بدأت صنع الرسائل ذات الطراز الكلاسيكي العتيق.

تتحدث "سمر" عن بداية الفكرة: "جاءتني الفكرة تحديدًا منذ 5 سنوات، وذلك لافتتاني بأدب الرسائل وبتلك الهالة من السحر التي تحيط عملية كتابة الرسالة من إعداد الورق وانتقاء الكلمات بعناية واختيار الطوابع، أقلام الحبر والمحبرة، وصندوق الرسائل والمقتنيات، كل هذا وغيرها من التفاصيل التي تنبض بالدفء والحب، لحظة ختم الرسالة بالشمع ووضعها في صندوق البريد، من أكثر المشاهد التي لا تغادر ذهني بالأفلام الروائية، لذا وددت اختيار أكثر الأمور التي أحبها كمشروع لي".
تحرص "سمر" على اختيار كلمات الرسالة بعناية، فمخزونها من اللغة العربية الفصحى غني، وأحيانًا تعيد صياغة ما يريد المرسل قوله، لكن بلغتها الخاصة، وبطريقة بسيطة تغمر القلب بالسعادة: "فوجئت بأن الجميع يطلب مني أن أكتب رسالته باللغة العربية الفصحى، وهذا ما كنت أحلم به عندما بدأت مشروع إحياء الرسائل الورقية القديمة، فأدب الرسائل قادر على العودة حتى بعد أن غادر أبطاله بالنسبة لي، مي زيادة، مصطفي صادق الرافعي، وجبران خليل جبران".

تحلم الفتاة الشابة أن تكون خير امتداد لملهميها في مجال أدب الرسائل، وستعمل جاهدة على تطوير مشروعها حتى تعود صناديق البريد القديمة أمام المنازل، لتستقبل رسائلها الورقية القادمة من كل مكان.
تحلم الفتاة الشابة أن تكون خير امتداد لملهميها في مجال أدب الرسائل، وستعمل جاهدة على تطوير مشروعها حتى تعود صناديق البريد القديمة أمام المنازل، لتستقبل رسائلها الورقية القادمة من كل مكان.