رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أحمق تركيا يواصل حماقاته


الرئيس التركى رجب طيب إردوغان زعم، مساء الأربعاء، أنه أعاد للرئيس الأمريكى دونالد ترمب رسالته الشهيرة التى حذره فيها من شن هجوم على شمال سوريا واختتمها بـ«لا تكن أحمق». مع أن أردوغان، نفسه، سبق أن أكد لوسائل إعلام، محلية ودولية، أنه رمى تلك الرسالة فى «سلة المهملات»!.
قبيل لقاء أردوغان وترامب فى البيت الأبيض، دعا نجم نجوم هوليود روبرت دى نيرو، إلى التظاهر أمام البيت الأبيض. وفى حسابه على تويتر نشر الحاصل على «أوسكار» مرتين، مقطع فيديو لعناصر أمن يشتبكون مع محتجين لحظة وصول أردوغان إلى مقر إقامته. كما أثارت الزيارة غضب عدد كبير من أعضاء الكونجرس، ديمقراطيين وجمهوريين، بسبب عدوان تركيا على سوريا ودعمها للإرهاب.
زيارة أردوغان الأخيرة إلى الولايات المتحدة، كانت فى مايو ٢٠١٧ وشهدت مواجهات عنيفة بين طاقم حراسته ومتظاهرين أمام مقر السفارة التركية فى واشنطن. وفى هذه الزيارة أيضًا تظاهر أمريكيون وأتراك ضد الرئيس التركى، وكثفت الشرطة الأمريكية وجودها أمام مقر إقامته، وأحاطته بعربات نقل كبيرة لإعاقة الاحتجاجات. ومع ذلك، انتشر مقطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعى يظهر فيه أردوغان وهو يطل من نافذة غرفته على المحتجين.
فى المؤتمر الصحفى الذى جمعه بالرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض، أكد أردوغان أن أنقرة وواشنطن اتفقتا على ضرورة استعادة الدول الأوروبية لعناصر «داعش» الذين يحملون جنسياتها. ما يعنى أن أراد مجددًا استخدام ورقة «داعش» فى ابتزاز دول الاتحاد الأوروبى، إذ كان قبل ساعات من ذهابه إلى الولايات المتحدة، قد هدد بإطلاق سراح الدواعش الأوروبيين المحتجزين لديه وبـ«فتح الأبواب» أمامهم نحو أوروبا.
هذا التهديد، تهديد الثلاثاء الماضى، يأتى بعد أيام قليلة على تجديد تهديده بـ«فتح الأبواب» أيضًا أمام المهاجرين، فى حال امتناع الدول الأوروبية عن تقديم الدعم له. مع أن متحدثة باسم الاتحاد الأوروبى أكدت منذ أشهر أن تركيا حصلت على ٥.٦ مليار يورو بموجب اتفاق، وقعه الجانبان فى مارس ٢٠١٦، تعهد فيه الجانب التركى بوقف تدفق المهاجرين على دول التكتل. والأرجح هو أن تلك التهديدات الجديدة كانت ردًا على إعلان الاتحاد الأوروبى عن نيته فرض عقوبات على أنقرة بسبب تنقيبها، غير الشرعى، عن الغاز فى قبالة سواحل قبرص.
لم يفت الرئيس التركى، فى المؤتمر، أن يعرب عن استيائه من اعتراف مجلس النواب الأمريكى، أواخر الشهر الماضى، بـ«إبادة» أسلافه للأرمن. كما وجه اللوم للإدارة الأمريكية لرفضها تسليم فتح الله جولن المقيم فى ولاية بنسلفانيا، ويتهمه الرئيس التركى بتدبير انقلاب ٢٠١٦ الفاشل أو المزعوم. كما أكد أردوغان على أنه طلب من الرئيس الأمريكى التوقف عن دعم وحدات حماية الشعب الكردية.
لم يعلق الرئيس الأمريكى، على مزاعم إعادة الرسالة التى أرسلها فى ٨ أكتوبر الماضى، ونشر البيت الأبيض صورة منها بعد ٣ أيام على موقعه الإلكترونى. والأهم هو أن ترامب جدد التأكيد على أن بلاده أبقت على قواتها فى سوريا، لحماية حقول النفط، ووصف اتفاق وقف إطلاق النار فى شرق الفرات بأنه متماسك. كما كان مارك إسبر، وزير الدفاع الأمريكى، قد استبق لقاء ترامب وأردوغان، بالتأكيد على أن واشنطن ستواصل دعم قوات سوريا الديمقراطية. وأبدى استياءه من أن تركيا بدأت تنفصل عن حلف شمال الأطلسى، مستشهدًا بتوغلها العسكرى فى سوريا، وبصفقة صواريخ «إس ٤٠٠» الروسية. وقال إن هذه المواقف المتلاحقة، قد تعنى الدخول فى مرحلة جديدة من رسم ملامح المنطقة، وفقا للمصالح والتفاهمات.
صفقة الصواريخ الروسية تستوجب فرض عقوبات جديدة بموجب القانون الأمريكى. غير أن ترامب، الذى وصف الصفقة بأنها تمثل تحديًا كبيرًا للعلاقات بين البلدين، قال إنه يأمل فى حلها. وأشار إلى أنه ونظيره التركى طلبا من وزيرى خارجيتهما الشروع فورًا فى العمل على تسوية هذه القضية. لكن أردوغان قال، فى تصريحات، الخميس، أن بلاده لا يمكنها التخلى عن منظومات «إس-٤٠٠» الروسية بزعم أنه «حق سيادي». والإشارة هنا مهمة إلى أنه لا توجد أى فرصة لانتشال الاقتصاد التركى من أزمته إلا لو تحققت وعود ترامب بزيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين إلى مائة مليار دولار سنويًا، أى خمسة أضعاف حجمه الحالى.
وعود زيادة حجم التبادل التجارى، هى «صفقة الـ١٠٠ مليار دولار»، التى نقلت جريدة «واشنطن بوست» عن «مصادر مطلعة» أن الرئيس الأمريكى عرضها على نظيره التركى أو وعده بها فى رسالة وجهها له الأسبوع الماضى. وتوقعت الجريدة أن تثير غضب الكونجرس الأمريكى، خاصة مجلس النواب، الذى أيد الشهر الماضى فرض عقوبات على تركيا. وقطعًا ستجعلها حماقات أردوغان تحقيق تلك الوعود أقرب إلى المستحيل.