رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد فوزه بنوبل للآداب.. 6 أعمال مترجمة لـ"بيتر هاندكه"

جريدة الدستور

"لأعماله المؤثرة التي تميزها براعة لغوية تستكشف محيط وخصوصية التجربة الإنسانية".. هكذا جاء مبرر حصد الكاتب النمساوي بيتر هاندكه، جائزة نوبل للآداب لعام 2019؛ حسبما صرح ماتس مالم، السكرتير الدائم الجديد للأكاديمية السويدية.

كان اسم "هاندكه" مستبعدًا عن اختيارات الأكاديمية السويدية لسنوات عدة، بعد انحيازه إلى الصرب والرئيس الصربي حينها "سلوبودان ميلوسيفيتش"، واتهم بتبرير جريمة الحرب الصربية.

وفي عام 2004 زار "ميلوسيفيتش" بسجنه في لاهاي، وفي 2005 تم توجيه الدعوة إليه كشاهد من قبل محامي الرئيس اليوغوسلافي السابق الذي أدانته محكمة مجرمي الحرب بالأمم المتحدة في لاهاي بتهم الإبادة الجماعية والجريمة ضد الإنسانية.

غير أن "هاندكه" رفض ذلك ونشر بعد ذلك مقالا بعنوان "Die Tablas von Daimiel"، وفي 18 مارس 2006 حضر جنازة ميلوسيفيتش خطيبا مما أدى إلى إيقاظ الجدل من جديد، وإلى جانب كلمته على القبر فقد كتب مسرحية "لعبة الأسئلة أو الرحلة إلى الأرض ذات الصوت الجهوري"، وقد حذف من برنامج مسرح الكوميدي فرانسيس الباريسي، وفي 2 يونيو 2006 اعتذر هاندكه بسبب النقاش السياسي المحتدم عن جائزة هاينريش هاينه من مدينة دوسلدورف، وتقدر قيمتها المالية بـ50 ألف يورو، وكانت تمنح للمرة الأولى.

وقد رفض "هاندكه" قبول الجائزة ودعا إلى تحويل المبلغ إلى إعانة للقرى الصربية في كوسوفو، وبمناسبة العرض الأول لمسرحيته "آثار الضالين" في 21 فبراير 2007 تم تنفيذ رغبة "هاندكه" بمنح المبلغ  لإحدى القرى الصربية.

"بيتر هاندكه" كاتب ومترجم نمساوي، ترجمت أعماله، وبمناسبة حصوله على جائزة نوبل للآداب لعام 2019، نسلط الضوء على بعض أعماله المترجمة:

- الشقاء العادي




نشرت رواية "الشقاء العادي" أول مرة عام 1991، وترجمها الشاعر اللبناني بسام حجار، عن دار الفارابي 1991، وتناول الكاتب أحداثا حقيقية أو شبه حقيقية من حياة والدته، رغم العقد البرم بينه وبين القارئ على أنها رواية.

ففي 21 نوفمبر 1971، يبلغ الكاتب نبأ انتحار والدته وهي في 51 من عمرها، ويرسم النص معالم لحياة مقفرة ليس فيها أي حيز للتبدل أو النمو، ويبدو أن مصيرها هو أن تظل كذلك ببساطة متناهية، لذلك لا يكون الموت مأساويا إلا بمقدار أنه مجرد فقدان لصورة.

فالنص ليس مرثية لوالدة الكاتب، بل هو تمرين على الكتابة الحقيقية في نظر هاندكه، حيث تكون اللغة مجرد أداة خالية من المشاعر والأحاسيس وفاقدة لأي حيلة أم استمرارية الحياة والموت.

- المرأة العسراء



ترجمتها اللبنانية ماري طوق عن دار الآداب عام 1990، وتدور أحداثها حول امرأة تنتظر وصول زوجها بعد رحلة عمل طويلة نسبيا، وبعد عناق الأحباب وليلة مثالية تخبره دون مبررات، دون حب جديد أو حتى نزوة طائشة أنها تفضّل العيش وحيدة مع طفلها، ولأن قرارا ضخما كهذا يجرجر خلفه الكثير من التبعات.

فالوحدة لا تبدو على الدوام آمنة كما أنها ليست بالمشروع الذي يمكن الإشادة به على المدى البعيد، زوجها بالمقابل على النقيض منها تماما فهو منذ اليوم الأول يمضي للعيش في منزل صديقتها فهو لا يتقبل الحياة الخاوية، يخبرها أنها على الأرجح ستبحث قريبا عن طريقة للتخلص من حياتها البائسة، الأب يتفهم بدوره هذا الحل المؤلم حيث يعيش عزلة قديمة ويخبرها في نزهة ليلية أنه وحيد للدرجة التي لا يجد أحدا يفكر به قبل النوم.

- خوف حارس المرمى عند نقطة الجزاء


ترجمها عنه المترجم المصري أحمد فاروق في منتصف التسعينيات، عن منشورات الجمل، وتعد تلك الرواية من أعمال "هاندكه" وكان قد أخرجها سينمائيا الألماني فيم فندرز، وتدور حول حارس مرمى سابق يجد نفسه متعطلا بلا عمل فيرتكب جريمة قتل مجانية ويشرع في مغامرة لا تنتهي.

ومن مطلع الرواية: "تلقى عامل التركيبات يوزف بلوخ الذي كان في السابق حارس مرمى معروفا، عند وصوله إلى عمله قبل الظهيرة، خبر فصله، فهم بلوخ ذلك فور ظهوره على باب الكشك الذي قبع فيه العمال للتو لتناول الغداء، إذ لم ينظر إليه منهم سوى رئيس العمال، ثم غادر موقع العمل، في الشارع لوح بذراعه لسيارة، لكن السيارة التي مرت من أمامه، على رغم أن بلوخ لم يلوح بيده من أجل إيقاف تاكسي، لم تكن سيارة تاكسي أيضا...".

- محنة



ترجمت تلك الرواية الدكتورة هبة شريف، وصدرت في سلسلة "آفاق الترجمة" ـ العدد 70 ـ التي تصدرها الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر، وكتب مقدمة الترجمة الدكتور عبدالغفور مكاوي الذي كتب: يندر أن نجد أديبا من أدباء الغرب المعاصرين تراوحت آراء النقاد ومواقفهم منه بين الهجوم الضاري إلى حد القسوة والعدوان، والثناء والإطراء إلى حد التمجيد والإشادة بالتفرد والعبقرية، كما حدث مع الأديب النمساوي الأصل بيتر هاندكه.

وهو يرى أن هذه الرواية من أروع أعمال "هاندكه" إن لم تكن من أبدع نصوص الأدب الألماني المعاصر، استطاعت من خلال الموضوعية أو الشيئية المتناهية في الدقة، أن تكون موغلة في الذاتية الصادقة المؤثرة إلى أبعد حد، وأن تكون في نفس الوقت ذاتية إلى الدرجة التي يخيل لنا معها أنها ذاتية موضوعية.

- رسالة قصيرة للوداع الطويل



ترجمتها المصرية نيفين فائق عن دار الجمل في بيروت 2015، ومن أجواء الرواية نقرأ: جلست في حوض الاستحمام وقرأت "جاستبي العظيم"- للروائي "ف. سكوت فيتسجيرالد"- حتى النهاية، كانت قصة غرامية، إذ اشترى رجل بيتا على الخليج، فقط لكي يرى الأنوار تضاء كل مساء حيث تعيش السيدة التي يحبها مع رجل آخر في بيت آخر على الناحية الأخرى من الخليج، بقدر ما كان جاستبي العظيم مأخوذا بمشاعره، بقدر ما كان مع ذلك خجولا؛ بينما كانت السيدة، كلما صار حبها أقل عفة وأكثر إلحاحا، تتصرف بجبن أكثر.

- الحادث الكبير



ترجم محمد جديد رواية "الحادث الكبير" لـ"هاندكه" عن دار كنعان في سوريا، وبحسب الناشر؛ كان قلبه يخفق مثل حصان جامح قد أضر به الجوع "إيه أيها الصياد الوحيد" فوق باب الكنيسة، بحروف طباعية منفردة: الموضوع، أو مهما يمكن أن يكون، أعني موضوع الموعظة العائدة إلى يوم الأحد أو إلى أي يوم كان: عم تبحثون، عن ذلك الذي ما زال حيا بين الأموات؟.. ومن المدى البعيد إلى هنا، وعبر الليلة يتردد دوي صوت، كان يزمجر على مسافات متباعدة: "أغلقوا أشداقكم" "اخرسوا ولا تنطقوا بكلمة" أم كان هذا صدى يا ترى؟... كلا، فإن الصدى أو وجه الصوت كان قد ألغي قبل وقت طويل مثلما ألغيت أيضا صدمات الهواء بعد الجولة العابرة للقطارات والحافلات وسيارات الشحن، وباتت هذه الوسائل كالمفقودة، كالمنخلعة رجله أو المنخلع جسدا وروحا، هو هنا وهي هناك، مفقودان تحت السماء، كل لنفسه مثلما هو للآخرين أيضا.

وهما يدوران ركضا بكل طاقتهما، ويدعانها تحملهما على الركض في دائرة، ويتساقطون كل منهم وراء الآخر، ويقاتل بعضهم بعضا، ويمزق بعضهم لحم بعض إلى أن يصل الأمر إلى قولهم: لا تخرجوا من بيوتكم، حتى يصل الأمر إلى الدم أو عدم الخروج، ويتصارع بعضهم مع بعض، إلى أن ترحمهما السماء ويظلا متداخلين كل منهما في الآخر، الآن وحتى ساعة موتهما.