رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كل شىء عن الفائزين بـ"نوبل للآداب"

جريدة الدستور

يبدو أن عامى ٢٠١٨ و٢٠١٩ هما عاما الحظ بالنسبة للكاتبة البولندية أولجا توكارتشوك، فبعدما فازت بجائزة «بوكر» الدولية عن روايتها «الرحالة»، فى العام الماضى، كأول كاتبة بولندية تحصل عليها، عادت وتوجت بجائزة نوبل للآداب.
وأعلن القائمون عن جائزة نوبل للآداب فوز «أولجا» بجائزة نوبل للآداب لعام ٢٠١٨، لكن تم تأجيل منحها لها بسبب الفضيحة الجنسية لبعض مسئولى الجائزة آنذاك، لتحصل عليها العام الجارى.
درست «أولجا» علم النفس فى جامعة «وارسو»، وكان أول عمل أدبى لها مجموعة شعرية نشرت عام ١٩٨٩، ونشرت حتى الآن أكثر من ٨ أعمال روائية، إلى جانب مجموعتين قصصتين. وإلى جانب عملها فى الكتابة الروائية، تشرف على مهرجان أدبى قرب محل سكنها فى جنوب بولندا.
وتعرضت روايتها «سر بمحراثك فوق عظام القتلى» لحملة انتقادات واسعة من قبل الحكومة البولندية، اتهمتها فيها بمعاداة المسيحية والدعوة للإرهاب البيئى.
كما صدر لها روايتها الملحمية التاريخية «يعقوب»، التى يبلغ عدد صفحاتها ٩٠٠ صفحة، وبيعت منها ١٧٠ ألف نسخة، ونالت عنها جائزة أفضل رواية على المستوى الوطنى، للمرة الثانية عام ٢٠١٤.
وتعلن «أولجا» دومًا مواقف مناهضة للحكومة البولندية اليمينية المحافظة، وتعتبر أن حكومات بلادها ارتكبت أعمالًا إجرامية فظيعة عبر تاريخها، واستعمرت دولًا أخرى، ما جعل ناشرها يضطر إلى توفير حراسة شخصية لها لحمايتها.
وصدر لـ«أولجا» رواية «بيجونى»، وتعنى «الرحالة» أو «البدو» فى اللغة العربية، ويطلق هذا الاسم على مجموعة أصرت على طريقة حياتها التقليدية التى لا تعرف الاستقرار فى مكان واحد.
وتظهر هذه الفئة فى النصف الثانى من الرواية، عندما تصادف امرأة، تواجه وضعًا مأساويًا فى إحدى المدن الروسية، امرأة أخرى غريبة المظهر وتلف نفسها بعباءة.
وتقول المرأة ذات العباءة، التى تنتمى لمجموعة «بيجونى» للمرأة المعذبة: «بإمكانك وضع نهاية للمعاناة التى تعيشينها. عندما نتوقف عن الترحال نصبح أصنامًا. من يتوقف يصبح مثل حشرة مثبتة بدبوس، يخترق قلبه مسمار خشبى، تثقب قدماه ويداه ويتم ربطه بالسقف وبعتبة البيت، لذلك يضمر الطغاة بكل أصنافهم وعبدة الجحيم كرهًا عميقا للبدو والرحل، وهذا هو سبب اضطهادهم للغجر واليهود. يرغموننا على الإقامة واتخاذ مكان ثابت لنا كى نقضى فيه أحكام سجننا».

وفاز الكاتب النمساوى بيتر هاندكه، المولود عام ١٩٤٢، بجائزة نوبل للآداب لعام ٢٠١٩. ويلقب «هاندكه» بـ«الأديب الكاميرا» لدقته فى تصوير مشاعر الإنسان ومظاهر الحياة التى تحيطه.
بدأ «هاندكه» الكتابة خلال فترة الدراسة، وكان أول ما كتبه فى ٦ صفحات بعنوان: «حياتى- الجزء الثانى»، الذى يعد بداية ميله إلى الكتابة الأدبية، حتى نشر أول نصوصه الأدبية فى مجلة المدرسة المسماة «الشعلة».
وبعدها واصل الأديب النمساوى كتابة نصوص قصيرة لمدة عامين، بتشجيع من أستاذه راينهارد موزار، الذى كان يقدر موهبته الأدبية، وكثيرًا ما قرأ عليه تلميذه النصوص التى يكتبها، وناقشه فيها.
ولفت «هاندكه» إليه الأنظار بشدة، قبل صدور روايته الأولى مطلع عام ١٩٦٦، خلال اشتراكه فى اجتماع لإحدى جماعات الأدب وتدعى «جماعة ٤٧»، فبعد قراءات لكُتاب استمرت لساعات، تلا «هاندكه» كلمة مليئة بالشتائم الطويلة، أعرب فيها عن اشمئزازه من كتاباتهم، وضعف الوصف لديهم، معتبرًا أن النقد الأدبى «سخيف مثل هذا الأدب السخيف».
عاش «هاندكه» فى «دوسلدورف» حتى عام ١٩٦٨، ونشر فى تلك الفترة روايته «البائع المتجول» فى عام ١٩٦٧ ومسرحيته الكلامية «كاسبار»، التى عرضت للمرة الأولى فى مدينة «فرانكفورت»، يوم ١١ مايو ١٩٦٨، من إخراج كلاوس بايمان.
وفى عام ١٩٦٩، اشترك «هاندكه» فى تأسيس دار نشر فرانكفورت للكتاب، وفى عام ١٩٧٠ انتقلت الأسرة إلى باريس، ورغم أنه اتخذ المدينة مسكنًا أساسيًا له حتى اليوم، لكن ذلك القرار كان قصير الأجل فى تلك الفترة، فاشترى بيتًا يقع على أطراف الغابة قرب «كرونبرج»، انتقلت أسرته إليه فى عام ١٩٧٠، قبل أن ينهار زواجه.
فى ليلة ٢٠ نوفمبر فارقت الحياة أمه «ماريا»، بعد سنوات من معاناتها الاكتئاب المرضى، وهو ما تناوله «هاندكه» فى قصة بعنوان: «محنة»، عام ١٩٧٢، تم تحويلها إلى فيلم سينمائى، فى ١٩٧٤، كما نشر «الرسالة القصيرة فى الوادع الطويل» عام ١٩٧٢، الذى يحوى أجزاء من رحلته إلى الولايات المتحدة.
وفى بداية السبعينيات، حصل «هاندكه» على عدة جوائز، منها جائزة «شيلر» ١٩٧٢ فى مانهايم، و«جيورج بوشنر» من الأكاديمية الألمانية للغة والأدب ١٩٧٣. وبعد عام صدرت له مسرحية «الأغبياء ينقرضون»، وعرضت فى زيورخ، ثم حول صديقه ورفيق دربه، المخرج فيم فيندرز، رواية «حركة خاطئة» إلى عمل سينمائى، عام ١٩٧٥.
وتعد «جولة بالحصان عبر البودنزيه»، التى نشرت عام ١٩٧١، أكثر أعماله نجاحًا فى فرنسا، وساهمت فى التعريف به. ومن أعماله الأخرى: قصة «ساعة الشعور الحقيقى» ١٩٧٥، و«يومياته وزن العالم»، التى بدأ فى كتابتها عام١٩٧٧، وظلت تنشر متفرقة حتى عام١٩٩٠، فضلًا عن قصته «المرأة العسراء» التى تحولت إلى فيلم.
وفى ٦ ديسمبر ٢٠٠٧، باع «هاندكه» مخطوطات ومواد أدبية خاصة به، تنتمى إلى العقدين الأخيرين، إلى الأرشيف الأدبى النمساوى فى المكتبة القومية، مقابل نصف مليون يورو، وكذلك منح مذكراته خلال الفترة بين ١٩٦٦ و١٩٩٠ إلى الأرشيف الأدبى الألمانى مقابل مبلغ غير معروف.