رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أفواه وأرانب.. حكايات تكشف معاناة زوجات يُجبرن على الإنجاب

جريدة الدستور

ربما لا يتصور أحد، أن تطلب سيدة الطلاق من زوجها؛ بسبب رغبته الشديدة في الإنجاب الكثير والمتواصل، والأغرب من ذلك أن يصل الأمر ساحات المحاكم والقضاء، فيكون القاضي أمام قضية خلع بسبب رغبة الزوج في كثرة الإنجاب.

"ريم.م" 28 عامًا، إحدى السيدات التي رفعت قضية خلع على زوجها بسبب إلحاحه الشديد في الإنجاب، بدعوى أنه عزوة، في وقت ترى هي فيه أن الحياه معه أصبحت مستحيلة وبلا تفاهم، وربما زيادة الأولاد تزيد الأمر تعقيدًا.

تقول: «رفعت قضية خلع بسبب إلحاحه بكثرة الإنجاب، فلاشك أن العلاقة بين الزوجين تقوم على الاحترام وحفظ الحقوق والتفاهم، وإذا لم يحدث ذلك لا بد من إيقاف الإنجاب لفترة».

تحدثت السيدة، أكثر من مرة مع زوجها عن الألم الجسدي الذي تعاني منه ويضعفها بسبب كثرة الإنجاب، لكن دون جدوى، مضيفة: «أخذت حبوب منع الحمل دون علمه ولجأت إلى الخلع لأنه رفض الطلاق بحجة الأولاد، وبالفعل المحكمة نصفتني ورأت عن كثرة الإنجاب والإجبار عليه سبب قوي للطلاق».

"ريم" ليست الحالة الوحيدة، التي أجبرها زوجها على الإنجاب الكثير، بحجة أن يكون له عزوة وسند، لاقتناعه بأن كثرة الإنجاب أمرًا ضروريًا لا مفر منه، دون مراعاة المشاكل الصحية التي تتعرض لها السيدات بسبب كثرة الإنجاب. «الدستور» رصدت عدد من حكايات تلك السيدات.

المستشار القانوني، الهيثم هاشم سعد، يقول أن القانون المصري يمنع الزوج من ممارسة حقوقه الشرعية مع زوجته، حال ترتب على ذلك أضرار صحية لها، أو دخولها المستشفى وتلقيها للعلاج نتيجة تلك العلاقة، فمن حق الزوجة في تلك الحالة التقدم بقضية خلع.

ويوضح أنه لا يوجد قانون يحكم عدد مرات اقتراب الزوج من زوجته، إلا في حالة وقوع أضرار صحية عليها من ذلك، مبينًا أن المعيار الحقيقي للزوجة لرفع قضية الخلع هو ثبوت استحالة العشرة بينهم.

واستند المستشار في حديثه على المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 المعدل بالقانون رقم 191 لسنة 2000، ونص المادة "20" بأنه: "أن يتراضيا فيما بينهم على الخلف، فإن لم يتراضيا عليه أقامت الزوجة دعواها بطلب، افتدت به نفسها وخلعت زوجها بالتنازل".

ويفسر ذلك بقوله: "أي أنها تتنازل عن حقوقها ومؤخر الصداق ونفقة العدة والمتعة، وبالتالي لا يوجد خيار أمام القاضي أو الزوج في رجوعها مرة أخرى، والمخرج القانوني لأزمة إجبار الزوج لزوجته على ممارسة العلاقة الزوجية، قضية خلع تقوم بها الزوجة لصعوبة العشرة بينهم واستحكام النفور بينهم".

إلهام مجدي، أربعينية، تقطن في مدينة بنها بالقليوبية، وأم لنحو 10 أطفال، أجبرت على إنجابهم من زوجها، تقول أنها اتفقت مع زوجها على إنجاب عدد من الأولاد، ولكنهم اختلافا بسبب معتقدات قريته بأن الأطفال عزوة.

ترى "إلهام"، أنه من الظلم إجبار أي فتاه على علاقة جنسية لا ترغب فيها حتى مع زوجها بحجة الإنجاب، موضحة أن العلاقة الزوجية لا بد أن تقوم على التراضي بين الطرفين. رغم إنجابها 6 أولاد و4 فتيات، لازال زوجها يجبرها على الإنجاب.

داليا السنهوري، عضو المجلس القومي للمرأة، تقول لـ"الدستور" أن على الزوجين قبل إتمام الزواج، الإتفاق على عدد الأولاد، حتى لا يتم إرهاق المرأة صحيًا بكثرة الإنجاب، لكونها مجهدة لصحة المرأة وتورثها أمراضا مختلفة.

توضح أن أمانة الشباب بالمجلس القومي للمرأة، تتبنى إقامة ندوات تثقيفية ودورات تأهيلية، لكل شاب أو فتاة مقبلين على الزواج، بهدف طرح الأسئلة عليهم ومناقشتهم.

تضيف عضو المرأة: "وتفتيح مداركهم حول العديد من الأمور المتعلقة بالزواج والبيت والأسرة، أنهم لا يستطيعوا أن يجبروا الأزواج على قلة الإنجاب، ودورنا رفع الوعي".

أما أمنية خليل، القاطنة بمحافظة سوهاج، تروي أن زوجها أجبرها على كثرة الإنجاب، موضحة أن العلاقة الجنسية ليست مشكلتها، بل أزمتها الحقيقية متمثلة في كثرة الأولاد، لاسيما مع العبء الاقتصادي.

أشارت، لـ"الدستور" إلى أنها ما زالت تحاول إقناع زوجها بالعدول عن فكرة كثرة الإنجاب ولم تفكر في الخلع حتى الآن، حرصًا على مستقبل أولادها، وحبها الشديد لزوجها.