رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«جلسات مشوهة».. «الدستور» تحقق في تورّط مراكز ليزر في حروق جلدية للسيدات

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


"بعدما تعاملت معهم أصبت بحروق واسعة في الأرجل".. كلمات أطلقتها هالة كمال، صاحبة الثلاثين عامًا، خلال حديثها مع "الدستور" عن تجربتها مع مركز "ل.ك" فرع مدينة نصر، حين قررت إزالة شعر قدميها لتبدو أجمل خلال احتفالها بعيد ميلادها، وذلك في أوائل عام 2017، ورغم استخدامها لنفس الجهاز أكثر من مرة خلال تعاملها مع المركز، لكن الأزمة بدأت مع تغيير الطبيبة التي تتعامل معها في كل جلسة لها، فهي من حديثي التخرج لا تجيد التعامل مع الأجهزة التي من المفترض ضبطها بشكل يختلف من بشرة لأخرى.

وتروي: عندما شعرت أن درجة الحرارة لا أحتملها أبلغتها بذلك ولم تستجب بحجة أنها تفهم عملها بشكل جيد، لكن النتيجة إصابتي بحروق في مناطق واسعة من الأرجل، وبمجرد رؤيتي لهذا المنظر أصابني الهلع، فحاولت الطبيبة تهدئتي بأنه أمر طبيعي، لكنها لم تعالج الحروق أو تقدم لي أي إسعافات أولية كالثلج أو مرهم لإزالة الحروق، فتركتني أعود لمنزلي بجلدي الملتهب.

"هالة" لم تكن الحالة الوحيدة من السيدات اللاتي تعرضن لتشوهات جلدية ناتجة عن الاستخدام الخاطئ لأجهزة الليزر في مراكز التجميل، أو استخدامها بدون إشراف طبيب متخصص، وتولي الخريجين من غير تخصص الجلدية مهمة التعامل مع تلك الأجهزة دون تدريب، كذلك إيواء تلك المراكز لأجهزة ليزر مهربة وغير مرخص بها.

"الدستور" في هذا التحقيق توثق حالات تعرضت للحرق والتشوه الجلدي إثر أجهزة الليزر المستخدمة في أشهر المراكز الطبية التي تدعي أنها مناسبة لكل أنواع البشرة، دون إجراء أي تحاليل أو إشاعات للتحقق من حالة المريض قبل إجراء الجلسة، وذلك في غياب رقابة وزارة الصحة على هذه المراكز.





استكملنا رحلة "هالة" التي تابعت حديثها معنا بانفعال قائلة: حين أبلغتهم شكواي عبر صفحتهم الرسمية على "الفيسبوك" لم يردوا عليها إلا بعد فترة طويلة، ففوجت بأحد أفراد الإدارة عرفت نفسها باسم "رانيا" مديرة فروع تتواصل معي لمحاولة تهدئة الأوضاع بعدما أرسلت لها صورًا بالشكل الذي آل إليه جلدي، فقالت أن الطبيبة المسئولة عن الأمر سيتم اتخاذ إجراء رسمي ضدها، وحين طالبت باسترداد المال المتبقي لديهم كذلك ثمن هذه الجلسة ظلت المماطلة سيدة الموقف، وأرجعت هذا الأمر إلى إجبار كل حالة على الإقرار بأن المركز ليس له علاقة بأي ضرر يقع، كذلك محظور علىهم تحرير أي إيصالات خاصة بالمركز، وعندما تمسكت بموقفي في استرداد المبلغ الذي دفعته مقدمًا إضافة إلى ثمن الجلسة الذي احترق فيها جلدي لم يستجيبوا إلا بعد تهديدي بفضح أمرهم، فهم لم يضعوا اسمًا لصاحب المركز أو الأطباء المتواجدين به على أي إعلان رسمي للمركز.

وبعد مشادات كلامية، تقول "هالة" إن صاحب المركز تواصل معها والذي أكدت أنه طبيب علاج طبيعي وليس جلدية، وحاول إقناعها باستكمال الجلسات لكنها أصرت على استرداد أموالها التي تقرب من 2000 جنيه، وفوجئت بردهم: "طالما هتروحي لدكتور غيرنا مفيش فلوس والجلسة على حسابك"، فاحتدت نبرة حديثها، ولتهدئتها أخبروها: "هنديكي الفلوس بس هنخصم 10% ضريبة وهتمضي على إقرار إن معندكيش أي مشاكل مادية أو طبية مع السنتر وتمضي على إيصال استلام"، على الرغم أنهم لا يسلمون أي إيصالات أو فواتير بالمبالغ التي يحصلون علىها، وتحت ضغط منهم اضطرت للإقرار بحصولها على مبلغ كذا وأن لديها حروقًا ستعالجها على حسابها.

وازداد انفعالها خلال ختامها لحديثنا معها قائلة: "دول بيمضوا الزباين على ورقة في الأول إن السنتر مش مسؤول عن أي مشاكل أو مضاعفات تحصلك.. وأنا مش أول حالة تحصلها حروق عندهم ولازم تاخذوا فواتير بالفلوس اللي بتدفعوها وتكون مختومة وفواتير ضريبية"، وأثبتت أن الحروق بسبب إحدى جلسات الليزر من خلال تقارير طبية حصلت "الدستور" على نسخة منها.
شكاوى رسمية إلى حماية المستهلك

"هالة" لم تستطع إغماض عينيها عن حقها، فما كان منها إلا أن تقدمت بشكوى في جهاز حماية المستهلك ضد المركز في 16 مايو 2017، وتحمل رقم 188072، بخصوص الحروق التي تعرضت لها والأموال التي خسرتها، وتكررت الشكوى مرة أخرى في 5 يونيو 2017، ومرة ثالثة في 4 يوليو 2017، ومرة أخرى في 27 يوليو 2017، ومرة أخيرة في 23 سبتمبر 2018، لكنها لم تتلق منهم إجابة حتى يوم 10 أكتوبر 2018، فتقول إنه قد تواصل معها قانوني وأخبرها أن وزارة الصحة تواصلت معهم وأخبرتهم أنها تلقت أموالها وستعالجي على نفقتك الخاصة، فأكدت له أن ذلك لم يحدث ولم يتواصل معها أحد من وزارة الصحة، وأن الأموال التي استردتها هي المقدم الذي دفعته نظير جلسات مستقبلية أما ثمن الجلسة التي تسببت في التشوهات لم أحصل علىها، فكان رده أن الجهاز جهة حكومية ولا نستطيع مخاطبة الوزارة لأنها حكومية أيضًا وأن الأزمة هي خدمة طبية بحتة وهو ليس من اختصاصات الجهاز.



المركز يرفض التعليق

وإعطاءً لحق الرد تواصلنا مع المركز المتسبب في الضرر، فتلقينا اتصالًا من أحد أفراد الإدارة التي عرفت نفسها باسم الدكتورة داليا، وأجابت منفعلة: "الموضوع اتقفل بمحضر رسمي لصالح المركز وأرفض إن المركز يجي اسمه في الموضوع سواء بالإيجاب أو السلب".

وأعادت «هالة» كرتها إلى جهاز حماية المستهلك، وتقدمت إليهم شفهيًا أنها لم تسترجع حقها، حين واجههوها بتقرير وزارة الصحة بأنها استردت أموالها كاملة وأقرت بأنها ستعالج على نفقتها الشخصية، أقرت بعدم تواصل وزارة الصحة معها ولم تخضع لكشف طبي من قِبَلهم، كما أن المبلغ الذي استردته هو "عربون" لجلسات قادمة، فوجهها الجهاز إلى مديرية الشئون الصحية بمنطقة العتبة، مع إعطائها متابعات شكواها من يوم تقديمها في إبريل 2017 وحتى أكتوبر الجاري، موضحين لها أنه بناء على تقرير "الصحة" دورنا قد انتهى لذا لم نتابع أو نتخذ أي إجراءات أخرى.
حلا: زيادة درجة الحرارة أحرقت جلدي.. والطبيب أكد أنها بسبب "الليزر".. ووالدتها في انتظار تقرير الطب الشرعي

حلا رامي، البالغة من العمر 13 عامًا، ذهبت مع والدتها إلى مركز "ا.ك" فرع المقطم لإزالة شعر يديها، في 23 يوليو الماضي، إلا أن الأمر لم يسر كما أرادت فقد تعرضت يديها للاحتراق بعد إجراء جلسة الليزر، لأن الطبيبة قامت بزيادة درجة الحرارة عن المناسب لبشرتها، فما كان من والدتها إلا أن هرولت بها إلى طبيب جلدية لمعالجة هذه الآثار، فتحجج المركز بأن الفتاة خضعت لجلسة "تان" قبل إجراء الليزر وهو ما سبب هذه النتيجة.

تقول والدة "حلا": لم نفتعل أي مشكلات في وقتها فقط أخذنا "الكِريم" الذي أعطوه لنا وانصرفنا بغية إسعاف الفتاة، إلا أن هذا "الكِريم" احتوى على "كورتيزون" وهو ما أدى إلى التهاب جلد الفتاة بشكل أكبر، وعندما عاودت الاتصال بالمركز فوجئت بردهم بأنه لا وجود لأطباء في المركز حاليًا، لكن بعد مشادات كلامية انتهوا إلى توجيهنا إلى فرع المركز بالمعادي، ففوجئنا بطبيبة هناك تعطينا نفس "الكِريم" فألقت به جانبًا وأسرعت منطلقة إلى إحدى مستشفيات الحروق والتجميل، فأكدوا لها أن هذا "الكِريم" ضار بها في هذه الحالة وكتبوا لها علاج آخر.

محضر بقسم المقطم ضد المركز

تصمت والدة "حلا" قليلًا ناظرة إلى يدي ابنتها ثم تعود لتتابع لنا بأسى: حررت ضد المركز في 26 يونيو محضرًا يحمل رقم 9169 قسم المقطم، باسم زمزم فتحي، بعد أن علمت أن هناك اثنين من أصدقائي تكرر معهم الأمر ذاته، ولم يتمكنوا من استرداد حقهم في النهاية، ففوجئت باتصال هاتفي من الدكتور هاني نبيل أحد أفراد إدارة المركز يريد رؤية "حلا" وذهبنا لنجده يدافع عن المركز وأن الحروق واردة بنسبة قليلة في أي مكان في العالم، ثم عرض معالجتها لكني رفضت، معللة أن صديقاتها المتضررين قبلها استجابوا له لكن التيجة كانت عكسية وساء وضعهم بشكل أكبر، فما كان منها إلا أن طلبت منه محاسبة المخطئين.

وتروي أن رد المركز كان: "المسئولية لا تقع على عاتقنا" لأن الفتاة لم تلتزم بتعلىمات المركز، معلنة عن تخوفاتها من إهدار حق ابنتها وتكرار الأمر مع حالات أخرى، ونحن لا نزال في انتظار تقرير الطب الشرعي، والذي خضعت فيه "حلا" للكشف مرتين؛ مرة مع طبيب جلدية وآخر للتجميل، وأكد كلاهما أن سبب الحرق هو قلة خبرة من مستخدم جهاز الليزر، وذلك حتى يستكمل مسيرته إلى النيابة العامة، وحتى إن طال الأمر لن أترك حق ابنتي.

المركز يتجاهل طلب الرد


وإعطاءً لحق الرد، تواصلت "الدستور" مع مركز "ا.ك" من خلال الصفحة الرسمية لهم عبر "الفيسبوك" إلا أنهم طلبوا أن يكون السؤال بشكل رسمي عبر الإيميل الخاص بهم، وبالفعل قمنا بذلك إلا أننا لم نتلق أي رد منهم حتى الدقائق الأخيرة لنشر التحقيق.


ولاء: أنذرت الطبيبة أني لا أتحمل الحرارة فردت "أنتي بتتدلعي"

محطتنا التالية كانت مع ولاء محسن، في بداية الثلاثينيات من عمرها، والتي كانت أزمتها مع مركز "ن"، الكائن في مدينة نصر، وظل الأمر على ما يرام حتى الجلسة الثالثة، فتبدلت الأحوال للأسوء، وتغيرت الطبيبة التي تتابعني وتقوم بعمل جلسات الليزر لي بأخرى تخرجت حديثًا، وهي تتعامل بذوقيات منحدرة مع الحالات، وعندما بدأت معي الجلسة شعرت بحرارة شديدة في جسدي فوق احتمالي وخاصةً في القدمين، وأخبرتها على الفور بتقليل درجة حرارة الجهاز لأني اشعر وكأن ساقاي يحترقان، لترد بكل فتور: "أنا عارفة بعمل ايه أنتي بتتدلعي"، طلبت منها مرة أخرى تقليل هذه السخونة ولم تستجب، وبعدما انتهت الجلسة كانت ساقاي بهما إحمرار شديد وشعرت كأنهما يحترقان.

وتواصلت «ولاء» مع أطباء المركز فطمأنوها أنه أمر طبيعي وبعض الكريمات ستعمل على تهدئتها، وبانفعال تقول: انتظرتهم نصف ساعة لإسعافي بلا جدوى، ما اضطرها للذهاب إلى إحدى الصيدليات المجاورة للمركز لشراء الكريمات، وانطلقت إلى طبيب جلدية بعدها والذي كتب في تقريره الطبي: "حروقًا مضاعفة في الجسم بسبب جلسة ليزر"، وحين عادت للمركز للمطالبة باسترداد أموالها وتحمل تكلفة العلاج، فوجئت بإنكارهم ما حدث ولم يكن خطأ المركز، وتقول: عاودت الاتصال بهم بعد أيام لمحاولة حل الأمر بطريقة ودية وللأسف لم ألقَ منهم سوى الرفض ثم انقطعوا عن الرد، فقمت بتقديم شكوتين في المركز واحدة لدى وزارة الصحة والأخرى لدى نقابة الأطباء.


شكوى بـ"العجوزة"

"ولاء" لم تقف عند هذا الحد من محاولة استعادة حقها بعد تنصلهم من شكوتيها، وحررت محضرًا برقم 7275 في نيابة العجوزة ضد مركز "نوفيلاج" بمدينة نصر، وألحقت به التقرير الطبي الذي يقر بأنها في حاجة للعلاج المستمر لمدة تترواح من ثلاثة أشهر إلى سنة.

وإعطاء لحق الرد، تواصلت "الدستور" مع مركز "ن"، فطلبوا الهاتف الخاص لمحررة "الدستور" لمبادرتها بمكالمة هاتفية ردًا على الاتهامات الموجهة لهم من قبل "حلا"، إلا أنهم حتى الدقائق الأخيرة من نشر التحقيق لم يصلنا منهم أي رد.




مهندس بمعهد الليزر: رخصنا 700 غرفة تحوي 6500 جهاز ليزر على مستوى الجمهورية

الجهة الحكومية المتخصصة في ترخيص أي جهاز مستخدم في أي مركز طبي يقدم هذه الجلسات، هو معهد الليزر الموجود داخل أسوار جامعة القاهرة، وهناك التقينا بالمهندسين المسئولين عن صيانة الأجهزة سواء الموجودة داخل المعهد أو المراكز الطبية، واللذين فضلا عدم ذكر اسمهما خوفًا من الإضرار بهما في وظيفتهما.

يقول المهندس «و.و»: إن المعهد الجهة الوحيدة في مصر المختصة باستيراد أجهزة الليزر لإزالة الشعر من الدول الخارجية على أن يقوم المركز بإتمام جميع لإجراءات القانونية اللازمة كدفع رسوم الجمارك، وهذا بعد أن يتم فحص الجهاز والتأكد من مطابقته للمواصفات العالمية، فالمعهد حاصل على تفويض من وزارة الصحة ليصبح المسئول الأول عن ترخيص المراكز والعيادات الخاصة بالليزر في مصر، وهو أيضًا المسئول عن التأكد من أن طبيب المركز الذي سيقوم بعمل جلسات العلاج بالليزر تخصصه الجلدية فقط، أيضًا التأكد من ترخيص المركز، ونقوم بمعاينة جميع غرف المركز الذي سيتم وضع أجهزة الليزر بها على أن تكون مطابقة للمواصفات المطلوبة حرصًا على سلامة المريض.

وأكد أنه تم ترخيص 700 غرفة تحوي 6500 جهاز ليزر على مستوى الجمهورية، ثم يأتي دور وزارة الصحة وهي الجهة المعنية بعملية الإشراف والمراجعة، وتشكيل لجان للمعاينة والتفتيش الدوري على المراكز والعيادات، وفي حال التلاعب في إجراءات التراخيص، أو عدم توافر شروط تجهيز غرف الليزر والأجهزة، يتم إغلاق المكان من قبل وزارة الصحة لحين ترخيصه واتباع ما تنص عيه اللوائح والشروط، لافتًا إلى ضرورة اختيار درجة الحرارة الملائمة للجسم ومراعاة الاختلاف في نوعية الجلد، لون البشرة، وسُمك الشعرة؛ تجنبًا لحدوث الحروق الناتجة عن الاستخدام الخاطئ للجهاز.

وآخر: 30% من الأجهزة غير المرخصة في الأقاليم بتواطؤ من "الصحة" و"الجمارك"

والتقط منه أطراف الحديث، المهندس م.ز، قائلًا: شرط أساسي أن يستخدم هذه الأجهزة أطباء تخصص جلدية فقط ومدرب على استخدامها من خلال الدورات التدريبية التي نعقدها للأطباء، مشيرًا إلى أن المشكلات تأتي أيضًا من تعامل أطباء مع شركات مستحضرات التجميل التي تبيعهم "الجيل" المخصص لوضعه على الحالة فبل إجراء الجلسة فيشتري الأرخص والتي قد تكون غير معترف بها دوليًا، فينتج عنه تشوها لجلد المريضة، مؤكدًا أن دورهم مراجعة أوراق الجهاز للتأكد من سلامتها والتي من ضمنها شهادة صلاحيته وعدم وجودها يبطل الترخيص.

وكشف أن 30% من الأجهزة الموجودة في السوق غير مرخصة، ونكتشف ذلك عند ترخيص المركز نفسه، لعدم وجود شهادة الصلاحية، فنضطر إلى فصل الجهاز ونمتنع عن ترخيصه، ويُمنح المركز أسبوعين لتسوية أوضاعه فيعود إلينا لتحديد موعد للمعاينة وإعطائه الشهادة التي تثبت صلاحية الجهاز، فنزوره خلال فترة من أسبوع إلى 15 يومًا، ويكون تاريخ الترخيص من يوم معاينتنا، وأكثر هذه الأمور تكون موجودة في الأقاليم البعيدة.



مغامرة لـ«الدستور» داخل إحدى المراكز غير المرخصة

كلمات المهندسين جعلت محررتا «الدستور» تخوض مغامرة مسجلة داخل مركز "م.د" بمدينة نصر، حيث علمتا أنها ضمن المراكز غير المرخصة التي تقدم دورات تدريبية لغير المتخصصين.

وهناك، بدأنا بالسؤال عن التخصصات المتاح لها استخدام تلك الدورات في العمل على أرض الواقع من خلالها، واستقبلتهما إحدى العاملات في المركز، فأخبرتهما أنها تشمل دورات للأطباء والصيادلة وغير الأطباء، فقط تختص أطباء الجلدية بتخصصي "الفيلر والبوتكس"، أما باقي البرنامج الذي تم وضعه متاح لباقي التخصصات، لكن ذلك لفترة مؤقتة ثم ستعود تلك الفروع مرة أخرى لباقي التخصصات.

وأوضحت لنا أن الدورة عبارة عن 5 محاضرات كل جمعة، ومدتها 5 ساعات، بتكلفة 5 آلاف جنيه، ويتم الحجز من خلال صورة البطاقة وصورة المؤهل، والشهادة تكون معتمدة إما من الجمعية الأمريكية أو الأكاديمية البريطانية، وللحصول على الشهادة هناك مبلغ منفصل قدره 700 جنيه في حال اعتمادها من الجمعية الأمريكية.


متخصصة أمريكية: في "نيويورك" لا يسمح لك بالتخرج إلا بعد 600 ساعة
وبالبحث عن أسماء تلك المؤسستين اللذين من المفترض اعتماد الشهادات من إحداهما، وجدنا أنها غير معترف بها كمراكز لاعتماد هذا النوع من الشهادات، وتوصلنا إلى أصل تلك الدورات وأسباب كونها غير كافية لتأهيل غير طبيب للعمل فيها من خلال تواصلنا مع شيريهان عاطف محمد، أخصائي تجميل مرخص في مدينة نيويورك، التي شرحت لنا أن: مدة الدراسة تختلف حسب كل ولاية، ففي "نيويورك" -حيث تقطن- يُسمح لي بالتخرج بعد قضاء 600 ساعة وما يعادل أقل من سنة، وهي تختلف من ولاية لأخرى.

وأضحت لـ "الدستور" أن مجلس الدولة تصب أغلب تركيزها على أسس مكافحة العدوى والوقاية، حيث يتركز عليها الأسئلة والشرح، ومع كل شخص منّا يتوفر "موديل" للتطبيق العملي، ثم يتم اختبارنا على الجانب النظري، وبعد النجاح فيه تأخذ تصريح يتم تجديده كل 5 سنوات وبعد التخرج يكون المسمى الوظيفي Licensed esthetician أو Certified esthetician أي أخصائي تجميل.

وانتقلت للحديث أن هناك البعض يفضل أن يوضع تحت مسمى طبيب تجميل أي مصرح له عمليات "البوتكس" و"الفيلر" وغيرها، فهذا يتطلب التدريب والعمل مع طبيب أو جراح وقبل ذلك عليه الحصول على دورة تدريبية تسمى "باراميديكال أو "paramedical، وهي عبارة عن التركيز بشكل أكبر على العمليات الخاصة بالحقن والتعامل مع الدم أو الـ invasive Treatments.

وهناك قوانين أمريكية تحكم هذا المجال، تختلف من ولاية لأخرى، لكنها تتفق في ضرورة حمل رخصة لكل تخصص قررت العمل فيه، هكذا أوضحت متابعة: "يعني مينفعش أقول أنا عايزة أعمل ديرما بن وأروح أجيب الماكنة وأعمل عالزباين.. لازم الشركة اللي بنشتري منها يشوفوا رقم تصريحي ولازم يتأكدو إني أخصائية تجميل مش بس ممارس تجميل"، وبدون ذلك لن تتعامل معي الشركات صاحبة الماركات المعروفة بل فقط ماركات الدرجة الثانية والثالثة، والتي يمكن لأي شخص شراء أدواتهم من خلال زيارة مواقع مثل أمازون وeBay.

وأكدت أن مصر خالية من مدارس أو معاهد التجميل التي يمكن لها منح تصاريح العمل في هذا المجال، على عكس الولايات المتحدة التي تشترط أن أقدم لها رخصة مدرب لأتمكن من تدريب آخرين على التعامل في هذا المجال، كذلك في حالة إنشاء شركة يجب عليّ شراء اسمها كتوثيق قانوني لها يحميني من أي تساؤلات قانونية أو سرقة الاسم الذي اخترته، مختتمة بأنه ليس لهم أي أحقية في تشخيص الحالات فهو ليس من صميم العمل.



أطباء الجلدية: الطب مهنة وليس "بيزنس"


وفي هذا الصدد التقى "الدستور" الدكتور وائل منصور، طبيب جلدية، الذي أكد على خطورة مشكلة انتشار مراكز تجميلية غير مرخصة، ووجود أشخاص ينتحلون صفة الطبيب عن طريق الحصول على دورات تدريبية لا تزيد على بضعة أيام وذلك لممارسة مهنة الطب وفتح مراكز وسناتر تجميلية بهدف الربح، ليس هذا فقط بل أكد أن هناك أطباء جلدية كبار من يقوموا بالتدريس في هذه المراكز ومنح الدورات التدريبية بحثًا عن الربح المادي.


وعن الأشخاص الحاصلين على دبلومات من جامعات خارجية، فيوضح "وائل"، أنها أكثر انتشارًا في كوريا الجنوبية، كما أنه متاح للجميع أن يحصل على مثل هذه الدبلومات، ولكن هذا لا يعني أحقية ممارسة المهنة كطبيب جلدية، إذ أن هؤلاء ليس لديهم علم كافي بكيفية مكافحة العدوى، أو كيفية التعامل مع الحالة في وقت الخطر.

واختتم طبيب الجلدية حديثه مع "الدستور" مطالبًا بسن قانون يعاقب الأشخاص الذين ينتحلون صفة الطبيب أو من يشرعوا بفتح مراكز تجميل دون ترخيص مزاولة المهنة أو ترخيص للمركز ذاته، بل ناشد بقانون يجرم من يستخدم الطب من أجل "البيزنس" والبحث عن المال، ولذلك اجتمع ومجموعة من زملائه وقاموا بعمل قائمة بالمراكز والأشخاص غير المخول لهم بممارسة هذا المجال، وخصّ "الدستور" بنسخة منهم، وتعكف نقابة الأطباء حاليًا للبحث في أوضاعهم وتقنينها -حسبما أكد لنا "منصور".


نقابة الأطباء: الممارسين للطب أكثر من الأطباء أنفسهم
تواصلنا أيضًا مع الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، فقال إن هناك خلل في المنظومة ككل ويجب عمل إعادة هيكلة تنظيمية وإدارية لمنظومة الصحة من جديد، فقد أصبح عدد الأشخاص الذين يمارسون الطب أكثر من الأطباء نفسهم وذلك بحثُا عن المادة والربح السريع، بالإضافة إلى أن الأدوية والأجهزة التي يستخدموها تدخل البلد بطرق غير شرعية مما يضيع حق الدولة.

ويؤكد "سمير"، في تصريحاته لـ "الدستور"، أن الذي يُسمح له بممارسة هذه الأعمال يجب أن يكون طبيبًا متخصصًا وليس حاصلًا على دورات في التجميل ليمتهن المهنة ويحصل على اللقب، مشيرًا إلى أهمية دور الرقابة ودوريات التفتيش المستمر، مقترحًا عمل شرطة خدمات لأن هناك تهاون كبير في التعامل مع المرضى بشكل عام.


وزارة الصحة: لا تعليق

توجهت محررتا "الدستور" إلى وزارة الصحة بخطاب رسمي يتضمن طلب منها للرد على ما وثقناه من حالات تعرضت لحروق جلدية أثناء جلسات إزالة الشعر بالليزر، وذلك بسبب عدم تعامل الطبيب المتخصص مع هذه الأجهزة، إنما بعضهم حديثي التخرج والبعض الآخر من الفنيين وبعض ثالث من خارج تخصص الجلدية، وذلك في غياب الرقابة منها رغم أن هذه المراكز مرخصة، كذلك أردنا إجابة منهم حول كيفية تعاملهم مع تلك المراكز وغير المتخصصين فيها، أيضًا سعينا للحصول منها على إحصائية رسمية بعدد المراكز المرخصة لمزاولة هذا التخصص.

ظل الخطاب معلقًا لدى الوزارة لمدة 3 أسابيع دون رد منهم، وفي كل أسبوع زارت محررتا "الدستور" مقر الوزارة لاستعجال الرد منها لكن بلا فائدة، أيضًا حاولنا التواصل هاتفيًا مع الدكتور خالد مجاهد المتحدث الرسمي باسم الوزارة وإرسال رسائل نصية لكن أيضًا لم تؤتِ ثمارها، كذلك حاولنا التواصل مع هشام بدوي مدير مكتب "مجاهد" من خلال المكالمات الهاتفية والرسائل النصية أيضًا لكن دون جدوى.