رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخطة "اكتفاء".. لماذا تراجعت مصر في إنتاج التمور وتصديره؟

جريدة الدستور

"أكبر مزرعة نخيل في الشرق الأوسط تضم 2.5 مليون نخلة لأفخر التمور" كلمات أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في أواخر ديسمبر الماضي، على هامش افتتاح المشروع القومي للصوب الزراعية، بمدينة العاشر من رمضان، معلنًا بذلك عودة الانتعاشة لمجال التمور، الذي تحتل مصر في إنتاجه المرتبة الأولى عالميًا، إلا أن مرتبتها تتراجع في أسواق تصدير التمور العالمية، حسبما أعلنت منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة "فاو".

وكشف تقرير "الفاو"، الصادر في أواخر أكتوبر الماضي، أن مصر تحتل حاليًا المركز الأول عالميا في إنتاج التمور بـ1.4 مليون طن سنويًا على المستوى العالمي، مؤكدًا تميز مصر يفرصة كبيرة للتطوير، حيث الإنتاج العالي وانخفاض تكاليف الإنتاج إذا ما قورنت بدول أخرى، مثل: تونس والسعودية والجزائر، فضلًا عن أن المناطق المناخية المختلفة في مصر تسمح بزارعة مدى واسع من الأصناف والتنوع وتوفر فرصة لإنتاج جودة أفضل.

وسط كل هذه المميزات، بحثت "الدستور" حول الأسباب التي جعلت "الفاو" تقر بتراجع أسواق تصدير التمور من مصر إلى دول العالم، من خلال الحديث مع عدد من المزارعين والخبراء، الذين وضعوا بعض الحلول التي يمكن الالتفات إليها لتحسين تلك الأوضاع، والتي على رأسها مشروع الرئيس "السيسي"، الذي سيساهم بشكل كبير في تحقيق تلك المعادلة، حسبما أكدوا.

البداية كانت مع محمود عامر، أحد ملاك مزارع التمور بالوادي الجديد، شرح لـ"الدستور" أن أبرز أسباب هذه المشكلة هو عدم إدخال وسائل زراعية حديثة في المعدات وطرق زراعة التمور وصعود النخيل وغيرها من المواصفات التي يجب أن تتناسب مع مقتضيات السوق العالمي.

ويعقب المهندس محمود محمد خلف الله، مهندس زراعي من محافظة البحيرة مدينة كوم حمادة، بأن هناك عديد من أسباب عدم تعادل كفة التصدير مع الإنتاج المحلي؛ منها أن معظم الأصناف التي تُزرع في مصر أصناف رطبة "طرية" أي يجب أكلها بعد قطفها مثل الزغلول، السماني، الحياني، بنت عيشة، العريبي، أم الفراخ، السلمى، الأمهات، الححازي، والفالق، وكلها أصناف رطبة لا تتحمل التخزين.

"البلد ماشية صح في طريق زيادة التصدير"، هكذا استكمل "خلف الله" حديثه مع "الدستور"، فيقول إنه منذ أعوام قليلة لم تكن مصر تصدر سوى صنفين هما السيوي وهو تمر نصف جاف يُزرع في سيوة والواحات والجيزة والفيوم، والعامري الذي كان كميته قليلة جدًا، لكن في الوقت الراهن أُضيفت أصناف كثيرة مثل البرحي، المجدول، السكري، الخلاص، الصقعي، الخنيزي، العنبرة، وعجوة المدينة، وهي أصناف عليها طلب كبير.

حسب الإحصائيات التي أعلنتها الهيئة العامة للاستعلامات، حققت صادرات التمور المصرية خلال الربع الأول من عام 2018 نموًا كبيرًا بنسبة زيادة بلغت حوالي 70%، حيث بلغت 30 ألف طن بقيمة 29.4 مليون دولار مقارنة بـ17.8 ألف طن خلال نفس الفترة من عام 2017، محققة بذلك نسبة 88% من إجمالي صادرات التمور المصرية عام 2017.

ولفت المهندس الزراعي إلى أن هناك معوق آخر وهو الجودة، فدول مثل إسرائيل وتونس وإيران والسعودية لديهم جودة عالية، وبالتالي سعر أصنافهم من التمور مرتفعة عن تمورنا جدًا، مفسرًا أن الجودة تشمل عدد من المعايير منها الاهتمام بمكافحة الآفات والأمراض لأنها تؤثر على جودة الثمار، أيضًا تجفيف الثمار مهم جدًا كي تأخذ الثمار الحجم المطلوب للتصدير، كذلك تعليب الثمار في كراتين مناسبة، ولا نغفل التسميد المتوازن والري بانتظام.

ووضع حلولًا لتلك المعوقات ممثلة في زراعة أصناف تمور متميزة مثل المجهول ( المجدول)، السكري، الصقعي، العنبرة، الخنيزي، الشيشي، الحساوي، البرحي، المكتوم، والبريم، مطالبًا الحكومة بعمل قوانين تحكم عملية الزراعة عمومًا وزراعة النخيل بشكل خاص، من خلال اعتماد مبيدات الآفات الموصى بها للتصدير فقط، كذلك عمل إرشادات للفلاحين وأصحاب المزارع عن مواعيد الرى وكميته وكمية الأسمدة ونوعيتها ومواعيد الرش لمكافحة المخدرات الآفات والأمراض، أيضًا التوسع في إنشاء مصانع تعبئة وتغليف التمور "في كراتين شكلها شيك"، مع مراعاة فرز التمور لاختيار الثمار ذات الجودة العالية، وهو الأمر الذي الحكومة بالفعل في عملها بتوجيهات الرئيس "السيسي"، من خلال زراعة أكبر مزرعة لإنتاج التمور في العالم.

في تقرير صادر عن المجلس التصديري للصناعات الغذائية، في فبراير الماضي، كشف أن صادرات مصر من التمور في نهاية 2018 نحو 50 مليون دولار أمريكي بنسبة زيادة قدرها 49%، وكمية بلغت 50 ألف طن بنسبة زيادة قدرها 33% عن صادرات عام 2017، حيث تعد تلك القيمة أعلى قيمة وكمية تحققها صادرات التمور المصرية.

مزارع آخر تواصلت معه "الدستور"، هو كمال حمادة، أحد المزارعين بسيوة، الذي لفت إلى مشكلة أخرى وهي نقص الأيدي البشرية العاملة، أيضًا التمويل الذي يساهم في زيادة أعداد المصانع للتصدير للخارج، ففقط ما يتم لدينا تغليف التمور وتسويقها محليًا، دون الأخذ في الاعتبار التسويق الدولي.

يذكر أنه ينتشر في مصر حوالي 17 نوع من التمور منها: البلح الزغلول والحياني والسماني، وبنت عيشة والأمهات والحلاوي والعرابي وأم الفروخ وصفر الدوميين والكبوشي والسرجي، وأصفر، والسلمي، والكبي، ويوجد مجموعة أصناف من التمور تسمى نصف الجافة وهي: الصعيدي والسيوي والعمري، وحجازي أبيض والعجلاني، وهناك أيضًا 11 نوعًا من التمور الجافة والتي تنتشر في جنوب مصر منها: البرتمودا "بنتمودا"، والجندلية، والدجلة، والكولمة، والشامية، والسكوتي "البركاوي"، والأبريمي.

فيما يرى الدكتور يسري طاحون، الخبير الاقتصادي، في تصريحات له، أن تصدير التمور لا يؤثر على الاقتصاد المصري بنسبة كبيرة، ولكن تصدير المنتج يساعد على إقامة مشاريع وافتتاح مصانع لتصنيع العجوة ومصانع تصنيع العلف الحيواني وغيرها من المشاريع.

حسب إحصائيات الهيئة العامة للاستعلامات، وصل إجمالى أعداد النخيل في مصر حاليًا إلى ما يقرب من 20 مليون نخلة، تنتج ما يزيد عن مليون و700 ألف طن تمور وبلح سنويًا.