رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» داخل أوكار بيع تيل الفرامل المغشوش (صور)

جريدة الدستور

إنذار مزعج داخل السيارة، بجانب الضوء الأحمر الذي يشع من إشارة المرور، يشير بأن هناك مشكلة ما في تيل الفرامل، لم يمر عليه ثوانِ حتى أصدرت الطنبورة كمية كبيرة من الدخان؛ نتيجة الاحتكاك مع تيل الفرامل، لتتجه تلقائيًا إلى اليمين في الطريق السريع دون القدرة على التحكم بها، وتصطدم في إحدى أعمدة الإنارة على الطريق بشكل مفاجئ، لأن سائقها لم يستطع التحكم في إيقافها.

ذلك ما حدث مع "أحمد كامل"، 24 عامًا، من قاطني محافظة الجيزة، والذي كاد أن يلقي حتفة نتيجة شراؤه قطع غيار مغشوشة، من إحدى ورش صيانة السيارات في منطقة الهرم، يقول في حديثه مع "الدستور" أنه كان على طريق شارع الهرم المتجه إلى منزله؛ مصطحبًا معه ذويه حتى أُصيبت طفلته الصغيرة بكسر ساقيها آثر الحادث.

السبب الرئيسي حسبما يصف، هو تلف تيل الفرامل بعد الاحتكاك مع الطنبورة؛ نتج عنه انحدارها إلى اليمين في نصف الطريق أثناء الليل، ليصطدم بالعمود الكهربائي، إلا أنه بعد الكشف على السيارة أدرك أن السبب الحقيقي هو تيل الفرامل المغشوش الذي يستخدمه.

"كامل" ليس أولى ضحايا قطع غيار السيارات المغشوشة، التي تُباع في الورش غير المرخصة، ويستخدمها أصحاب السيارات دون علمهم، ولا يكتشفون ذلك إلا وقت تعرضهم للموت آثر الحوادث التي تنتج من استخدام تلك القطع المزيفة.

وليد عيسى، العضو المنتدب لشركة فيروم للخدمات التكنولوجية، أكد أن إجمالي قطع الغيار المقلدة التي يتم تداولها في السوق المصري بلغت أكثر من ملياري جنيه أي ما يعادل 30% من إجمالي المعروض بالسوق.

بينما نصت المادة الأولى من القانون رقم 48 لسنة 1941، والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، والمسمى بقانون "قمع الغش والتدليس"، على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تتجاوز 20 ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين.

أوكار بيع قطع غيار السيارات المغشوشة
ورشة صغيرة في إحدى الشوارع بمنطقة دار السلام، لا تتعدى مساحتها 200 مترًا، تملؤها قطع غيار السيارات المستعملة التي اتضح ردائتها من المظهر العام لها، وبمجرد أن تطأ قدميك داخل المكان تستطيع أن تميز المنتجات المزيفة، لكن بعد استخدام أصحاب تلك الورش لبعض الحيل يجعلوها تظهر بشكل لاقئ لا شك به.

اخترق «محرر الدستور» تلك الورشة أكثر مرة حتى يستطيع التواصل مع العاملين بها، والقيام بجولة مصورة فيها، وبالفعل استطعنا الحديث مع أحد العاملين، يقول أحدهم: "مش عارف المعلم بيجيب قطع الغيار دي منين بس احنا مهمتنا ننضفها كويس ونلمعها علشان متبنش انها قديمة، ولزق علامات معينة عليها قبل عملية البيع".

يضيف: "أن الأمر لا يقتصر على بيع قطع تيل الفرامل المزيفة فقط، بل أن أغلب البضائع الموجودة داخل الورشة ليس لها جدوى، وهذا ما يظهر من التعبيرات السلبية على وجوه الزبائن عند عودتهم إلى الورشة مرة أخرى بعد تركيب تلك القطع، والعديد من الشكاوي التي تتوالى منهم باستمرار".

وعن السر المزعوم:"اكتشفت من خلال الحديث مع أحد زملائي في العمل ذات مرة السر الذي يفتعله صاحب الورشة في تزييف البضائع، موضحًا أنه يقوم بتزويد تيل الفرامل المقلد بنسبة كبيرة من النحاس؛ مما يجعله يتآكل سريعًا بمجرد السير لمسافات طويلة".

يقول أسامة صادق، نائب رئيس شعبة قطع غيار السيارات بالغرفة التجارية، أن قطع غيار السيارات المزيفة تُعد السبب الرئيسي في انتشار حوادث الطرق خلال الأعوام الأخيرة، مشيرًا إلى أن هناك تقارير كشفت أن حجم الاقتصاد الموازي لقطع غيار السيارات المغشوشة يقدر بـ2.3 تريليون دولار أمريكي، ويحث "صادق" المتضررين من تلك الأفعال بنشر شكاويهم على وسائل التواصل الإجتماعي دائمًا.

يوضح صادق، أن تلك القطع المقلدة يتم دخولها إلى مصر من خلال مهربين دوليين بطرق غير شرعية، منوهًا أن هذه القضية يجب التصدي لها نهائيًا في أقرب وقت ممكن؛ مما تمثله من خطورة كبيرة على صحة وسلامة المواطنين، وهذا من دور الأجهزة الرقابية في ملاحقة الورش الغير المرخصة التي تروج بضائع مقلدة ومزيفة.

وعن تجنب الغش التجاري قال: "العميل عليه التأكد من فحص سلامة المنتج بأكثر من دولة أوروبية، وكذلك بمطابقة قطعة الغيار للمواصفات القياسية المطلوبة، وأن يتأكد المشتري أيضًا بأن اسم الوكيل أو المستورد موضحًا على العلبة".

وأضاف: "المصانع العالمية التي تتخذ وكلاء لها في مصر تضع معايير مشددة للرقابة على جودة المنتج، أما قطع الغيار المغشوشة فتعمل الدولة على ضبط مستورديها واتخاذ الإقرارات القانونية بحقهم".

تمكنت مباحث إدارة شرطة التموين بمديرية أمن القاهرة، من مداهمة العديد من مخازن قطع غيار السيارات المغشوشة خلال شهر أغسطس الجاري، فقد تم ضبط مخزن قطع غيار سيارات بمنطقة الزاوية؛ لإدارة المخزن بدون ترخيص، وحيازته كميات كبيرة من قطع غيار السيارات مجهولة المصدر، وعُثر بالداخل على 1780 قطعة غيار سيارات مقلدة.

وفي مداهمة أخرى بمنطقة النزهة، تمكنت مباحث القاهرة من ضبط 181 ألف قطعة غيار سيارات مجهولة المصدر داخل المخزن، وقيام صاحب المخزن بتغيير بلد المنشأ المدون بها غاشًا بذلك المستهلكين، وفي ذات الشهر، استطاعت شرطة التموين مداهمة مخزن بمنطقة الساحل عُثر بداخله على 480 جوان، 125 فلتر (هواء، زيت)، 90 قطعة حشو فلتر، بإجمالى عدد 695 قطعة غيار سيارات مقلدة.