رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قاهروا الثانوية العامة.. قصص أبطال تغلبوا على الظروف لتحقيق أحلامهم

جريدة الدستور

مبتسمون.. قادتهم الظروف للمحاربة، ولكن هذه المرة مع عدو داخلي ينهش أجسادهم، بطولات رسمها طلاب ضربوا أروع الأمثلة في الصبر، حاربوا للبقاء دون كلل أو إحباط، حاربوا متمسكين برغبتهم في الحياة لتحقيق أحلامهم.

ويرصد "الدستور" خلال التقرير الآتي حالات مُلهمة من طلاب الثانوية العامة بعضهم استطاع التغلب على الإعاقة، والبعض الآخر تغلب على مرض السرطان وهزمه، ومنهم من حارب الإدمان، في ظل صعوبات وضغوطات شديدة كادت تطيح بأصحابها إلى عالم اليأس.

نهاية رحلة "المنسي" للنجاة من الإدمان
عادة ما تبدأ رحلة الإدمان والتعاطي ولا تنتهي بصاحبها موضع خير، فتستهلك الباق من سنوات عمره وتدمر مستقبله، لكن الأمر يختلف في قصة "أحمد المنسي" ابن مدينة الإسكندرية فبعد أن أتم عامه الثاني عشر، جرب تدخين السجائر كغيره في سن المراهقة، ومن هذه اللحظة وحتى سن الـ 15 كان وصل مرحة متقدمة في الإدمان، يذكر " أحمد" أن ذلك تزامن مع الصف الثاني الثانوي، وعندها كان نظام الثانوية العام على سنتين.

وتكرر رسوب "أحمد" حتى قرر دخول أحد مصحات معالجة الإدمان ولكن المحاولة باءت بالفشل بعد أن قضى فيها نحو ثلاث سنوات وانتكس ولرغبته هو وأسرته في العلاج تردد على أكثر من واحدة، ظل "المنسي" داخل تلك الدوامة حتى وصل لسن العشرين وتمكن من التعافي بشكل تام.

يذكر "أحمد" أنه بعد نجاته من المخدرات وصفاء جسمه وعقله، حاول خوض تجربة الالتحاق بالثانوية العامة مرة أخرى هذا العام، ولم تكن الرحلة سهلة فنفسيًا كان الأمر شاقًا حيث زامل طلاب يصغرونه أكثر من 5 سنوات، وكثيرًا رواده فكرة الفشل وحتمية الرسوب مرة أخرى، ففي النهاية اجتياز الثانوية العامة ليس أمرًا سهلًا وفي ظروفه يتضاعف الأمر عناء، حيث يخرج المخدر من الجسم ولا يزول تأثيره.

وبعد الانتهاء من الاختبارات لم يكن أحمد يطمح بالكثير لكن بعدما حصل على نسبة 75% شعبة أدبي فرح كثيرًا أنه سيتمكن من الالتحاق بكلية الآداب لدراسة علم النفس ومن هنا يتمكن من مساعدة أقرانه على التعافي، وهو استكمال لما يفعله الآن حيث يقضي الكثير من وقته كمعالج نفسي متطوع في جلسات معالجة المدمنين.

حققت حلم خطيبتي
"أنا مصدقتش نفسي إنى دخلت ألسن" بهذه الجملة بدأ أحمد أبو الدهب، أحد طلاب الثانوية العامة ببني سويف حديثه لـ"الدستور" قائلا إنه عند دخوله المرحلة الإعدادية أثناء إجراءه الكشف الطبي عندما شعر بآلم فى الساق، اكتشف أنه أصيب بمرض خطير يدعى السرطان فى العظام، ووقع الخبر عليه كالصاعقة، بالرغم من أنه كان يعيش حياة طبيعية كغيره من الشباب، يقضى وقته مع أصدقائه فى النادى وصالة الألعاب الرياضية، حتى اكتشاف إصابته بمرض السرطان، كان المرض فى مراحله الأخيرة وبدأ العلاج بالمسكنات، حتى أصبحت المسكنات خطرًا عليه، الأمر الذى دفع الأطباء إلى وقفها، فدخل فى غيبوبة أجمع فيها الأطباء على أنها آخر أيامه، الأمر الذى تعاملت الأم معه بإيمان بقضاء الله وقدره، وقربت له عائلته.

وتابع أبو الدهب وهو يتذكر مشهدًا مؤثرًا لا يستطيع نسيانه حين كانت بجواره أصدقائه وتركوه وحيدا، ولم يتبقِ معه سوا عائلته وخطيبته، مؤكدا أنه لم يستسلم لمرضه وكان يستذكر دروسه للوصول إلى نهى خطيبته، حاصلا على 97% في امتحانات الثانوية العامة، مشيرا إلى أنها كانت دائما تشجعه، قائلا: "أنا لولا وقفتها جمبي مكنتش جبت المجموع ده"، متمنيا أن يوفقه الله ويرزقه نهي ويجمع بينهما فى منزل واحد.

والدتي وراء وصولى للقمة
لم تعِ نورا جمال ما يصيبها يوما ما، بعد جراء حادث تعرضها لحادث تصادم بسيارة أثناء عبورها الطريق، للذهاب إلى المدرسة، أُصيبت بشلل الأطراف السفلية قبل ثلاث أعوام من امتحانات الثانوية العامة، وعانت عائلتها مع مرضها والوصول بها إلى بر الأمان.

وأوضحت جمال أن مع استمرار عملية التحفيز، تمكنت من النجاح في مراحلي التعليمية بسبب مساعدة والدتي وتحفيزها المستمر لها، مشيرة إلى أن الثانوية العامة من أصعب المراحل التعليمية التي مرت عليها، وكانت تعاني من صعوبة الذهاب إلى الدروس مع زملائها، ما جعل والدتها تبذل قصاري جهدها لتجلب لها المال، لكي تنفق على دروسها، قائلة: "ماما اشتغلت فى أكتر من شغلانة عشان دروسي".


السرطان لم يكسر حلم فادي
تجربة السرطان هي أصعب محنة من الممكن أن يمر بها الفرد، وهذا ما يثبته كان من مر بها وذويه أيضًا، لكن الألم يصبح أضعاف إذ كان مغمسًا بالمسؤولية، كان هذا حال فادي أنيس الذي تزامنت أهم مراحله الدراسية مع إصابته بسرطان الدم في سن الثالثة عشر، ولإقامته في المنيا لم يكن من السهل عليه الحصول على جرعات الكيماوي في بلدته لذا كان عليه أن يأتي للقاهرة مرتين للحصول على العلاج في معهد الأورام.

روي "فادي" أن سنوات الإعداداية الثلاث تزامنت مع ذروة آلامه ومعاناته، لكن حينها كانت والدته تهون عليه الرحلة سواء في تمريضه أو المذاكرة له، ولأجلها كان يقرر كل عام دخول الامتحانات غير عبأً بنتائج التحليل أو مؤشرات السرطان بدمه.

وعند حصوله على المركز الثالث في الشهادة الإعدادية في مدرسته كان حافز له على الالتحاق بالثانوية العامة رغم رجاء والدلته بإرجاء الدراسة لحين تمام معافاته، لكن أصر حتى يحقق حلم والدته الراحل الذي لطالما تمنى أن يصبح "فادي" مهندسًا.

مع دخوله المرحلة الثانوية أخبره الأطباء أنه اقترب من الامتثال للشفاء، الأمر الذي ساعده في أول سنتين، لكن فجأة وبدون مقدمات يذكر فادي أنه لم يشعر بنفسه حتى وجده ملقى في العناية المركزة، انتكس وكان مهددًا بالموت لكن هاجسه الأكبر ضياع علمه وسنوات قتاله مع المرض.

"96.5%" لم يكن يتوقع أن يرى هذه النسبة تجاور اسمه في نتيجة الثانوية العامة، هذا الرقم يظن أنه مكافأة عن كل لحظات الألم واليأس التي مر بها، وأيضًا تكريم لوالدته التي عانت كثير معه.