رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كولدير الموت.. "الدستور" تبحث في إهمال مبردات الصدقة

جريدة الدستور

الحرارة مرتفعة، لهيب الشمس حارق، لم يكن يتوافر مع أشرف على محمود 13 سنه نقودًا تكفي شراء زجاجة مياة معدنية، لذا أخذ الطفل يبحث عن مبرد مياه يروي عطشه بكوب من الماء البارد منه، ليخفف آثار حرارة الجو بجسمه، وجد أخيرًا أشرف كولديرًا، وسارع إليه ممسكًا بالكوب المعدني المربوط "بسلسلة حديدية بالثلاجة" آملًا في الحصول على هذا الكوب إلا أن الكهرباء كانت هي الأسرع بقول كلمتها عندما أمسكت هي بكامل جسده لترديه قتيلًا على الأرض.


هذا هو حال العديد من الأطفال الذين راحوا ضحية تمني كوبًا من الباء البارد بكولدير طالته يد الإهمال القاتلة، والتي كان آخرها واقعة الطفل محمد علاء جابر، 12 عامًا الذي لاقى مصرعه صعقًا بالكهرباء في أثناء محاولته لتناول المياه من أحد "الكولديرات".

"الدستور" تستعرض في السطور التالية بعض من هؤلاء الضحايا، والأسباب الحقيقية وراء هذه الكارثة.

في المنصورة خرج الطفل محمود حسن 7 سنوات أصغر أشقائه إلى الشارع ليلعب مع أصحابه، وتملكه العطش بعد دقائق من اللعب ليذهب إلى كولدير كان بجوارهم قاصدًا كوبًا من الماء ليشربه ويستكمل اللعب، إلانه لم يكن يدري أن ذلك هو الكوب الأخير، وبعدها سينتقل إلى ربه تاركًا أصدقاؤه وعائلته جميعًا، فقد تفاجئ أصحابه بصرخةً مدوية منه، صاحبها تخبطه يمينًا ويسارًا بارتجاف ورعشه في كامل جسده أدت إلى سقوطه متوفيًا وسط صراخ الجميع.

قامت "الدستور" بجولة في حي "حدائق المعادي" بالقاهرة لرصد حالات بعض "الكولديرات" به لتجد أنه قد غلب على أكثرها الإهمال والعطل، كما كان بعضها يتسرب منه الماء والبعض الآخر وجُدت بعض من أسلاكه وقد ظهر عاريًا، مما يؤكد حالات الإهمال "بكولديرات" الماء.

مهندس الصيانة: غياب الصيانة والأماكن الخاطئة.. كارثتان
المهندس يوسف صفوت صاحب إحدى شركات تركيب "مبردات المياة" يقول إن معظم الأشخاص يختارون أماكن خاطئة لتركيب "الكولديرات" كاختيارهم لأماكن الوضوء والحمامات التي يتواجد بها الماء بصفة مستمرة، والتي يشكل تواجدها بالقرب من مصدر كهربائي خطرًا كبيرًا، موضحًا أنه من الوارد أن يتعرض " الكولدير" لحدوث "قفلة" بأحد أسلاكه الأمر الذي يؤدي إلى حدوث الصعق بالكهرباء لمن يلامسه على الفور.

وأضاف أنه لابد من تركيب" فيوز" أعلى من قدرة جهاز المبرد حتى يمكنه العمل كوسيلة عزل في حالة حدوث "قفلة" بأحد الأسلاك، كما أشار صفوت إلى أن أحد أسباب التعرض لأخطار الصعق بالكهرباء بسبب "كولديرات" الصدقة المنشر بالشوارع هي عدم القيام بأعمال الصيانة اللازمة لها، وتركها تسّرب الماء دون البحث وراء هذا السبب، الذي يعد أحد اسباب الكوارث موضحًا أنه قد يحدث عطل بالمبرد يؤدي إلى زيادة المياة بالخزان الخاص به، وسقوطه على المروحة والموتور مما ينتج عنه صعق من يلامس هذا المبرد على الفور والتسبب بموته، لذا فقد أكد على ضرورة المتابعة الدورية للمبردات، وعدم تجاهل أي عطل بها.

محمد عبد الهادي سكرتير حي الزيتون صرح لـ"الدستور" أن الأحياء غير مسئولة عن إنشاء "الكولديرات"، كما أنها غير مسئولة عن متابعة أعمال الصيانة الدورية الخاصة بها، فهي مسئولية الذي انشأها، ويتابع محمد أن الحي ينحصر دوره فقط في إزالة المعطّل منها، والذي جرى تركه فترات طويلة دون إصلاح.

توصيل المياه من الجامع أو المنزل مخالف
واستكمل عبد الهادي حديثه قائلًا أن الجهة الرسمية المسئولة عن الإشراف على هذه المبردات هي شركات المياه، والتي لابد أن يحصل من يرغب بإنشاء "الكولدير" على تصريح منها لتوصيل المياه لها قبل التركيب، ولكنه يوضح أن ما يحدث على أرض الواقع مخالف لهذا تمامًا، فمن ينشئ المبرد لا يحصل على أي ترخيص من أي من الجهات الحكومية، بل يكتفي بشراء المبرد، وتركيبه بجهوده الذاتية، ويعتمد في توصيل المياه له من مواسير مياه منزله أو منازل المحيطين، فالجميع يعتبر أن هذا عمل خيري يقصد به وجه الله، لذا يسارع للتعاون والتبرع لأجله، وهو ما وصفه بالأمر المخالف، وغير القانوني على الإطلاق فلابد أن تسير أمور تركيب الكولديرات بطرق رسمية، وليس بتلك الطرق العشوائية التي تؤدي بالنهاية إلى حدوث الكوارث.


شركة مياه الشرب: توصيل مياه الكولدير من المياع العمومية سرقة
وعلى النقيض أكد المهندس محمد مفتاح رئيس مجلس إدارة شركة مياة الشرب والصرف الصحى بكفر الشيخ" للدستور"، أنه يتم استخراج إذن توصيل مياه لكافة "الكولديرات" قبل تركيبها، كما أن الشركة تعمل على إزالة المخالف منها على الفور، موضحًا أن كل مبرد جرى تركيبه دون تصريح بتوصيل المياه من الشركة يعد مخالفًا للقانون، كما أشار إلى أن توصيل المياه من المساجد أو المنازل إلى المبردات يعد أيَضًا من الأمور المخالفة، فلابد من تركيب عداد مياة خاص "بالكولدير"، يُسجل قراءات استهلاك المياه بعيدًا ويسدد من قام بتركيب "الكولدير" قيمة هذه الفواتير موضحًا أن أي توصيل يتم للمبردات مخالفًا لهذا يعد سرقة للمال العام، ولا يعد صدقه على الإطلاق.