رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«رحلة شاقة».. ملحمة مصرية في القضاء على فيروس سي

«رحلة شاقة».. ملحمة مصرية في القضاء على فيروس سي

جريدة الدستور

5 سنوات، هي فترة النجاح التي قضتها مصر للقضاء على مرض التهاب الكبد الوبائي فيروس "سي"، فقد كانت خلال عام 2014 مُصنفة الرابعة عالميًا فى نسب المصابين بالفيروس، حيث وضعت مصر في ذلك العام خطة قومية لعلاج المرضى على نفقتها الخاصة، بعد شهور من إعلان شركة جيلياد العالمية وصولها لعلاج نهائي للفيروس وهو السوفالدي.

وقررت الحكومة المصرية حينها، تصنيع الدواء محليًا نظرًا لارتفاع سعره عالميًا، لتتحول مصر بعدها من دولة يعانى الملايين من شعبها من الفيروس إلى أكبر دولة تكافحه في المنطقة والعالم. "الدستور" مع إطلاق رئيس الشركة المصنعة لسوفالدي حملة جديدة من ستاد القاهرة لعلاج مصابي الفيروس، تزامنًا مع انعقاد بطولة كأس الأمم الإفريقية في مصر، تواصلت مع بعض المتعافين، وعرضت رحلة مصر الناجحة للتخلص من الفيروس.

فريال وقف بجانب أخيها للعلاج وأصيب به بعد وفاته
"فريال فضل" أربعينية، قدر لها أن ترعى أخاها "سيد" الذي يكبرها بـ10 سنوات، بعد إصابته بتليف في الكبد بنسبة 45%؛ نتيجة إصابته بفيروس سي من الدرجة الثالثة، ولتشخيصه المتأخر ظل لأكثر من 6 أعوام يتردد على معهد الكبد بمدينة شبين الكوم، طُلب منه زراعة كبد، وفي أثناء فترة البحث عن متبرع توفى بعد دخوله في غيبوبة كبدية.

لم يمض عام، وأصيبت فريال بنفس الداء، حيث أجرت التحاليل في الحملة المجانية التي استهدفت العاملين في جامعة المنوفية، تروي أنها فور سماعها نتيجة التحليل من الطبيب سقطت أرضًا: " افتكرت أيام مرض أخويا كلها وشوفتها قدام عيني زيي الفيلم".

أعلمها الطبيب أن الصحة تتيح العلاج بالمجان، وكل ما عليها تقديم أوراقها التي تتضمن الرقم التأميني وتحليل الـ" PCR"، وبالفعل قامت بالتسجيل على الإنترنت للحصول على العلاج إلا أنها لم تحصل عليه، بعدها سجلت بمعهد الكبد.

وتذكر أنها حصلت على 3 جرعات وفقًا لنسبة إصابتها بالمرض، إلا أن أهالي قريتها كانوا يشيعون أن السوفالدي التي تعطيه وحدات التأمين الصحي ليس بنفس فاعلية المستورد، فأجرت التحاليل في أكثر من معمل خاص لتتأكد بالفعل من امتثالها للشفاء بالكامل.

انتظرت 6 أشهر أخرى وقامت بعمل التحاليل مرة ثانية واتضح شفاؤها التام، تقول: "أنا ماكنتش مصدقة نفسي أن المرض ده بنخف منه من غير ما أدفع حاجة" عبرت عن فرحتها بالنجاة من فيروس سي خاصة أنها لم تنفق الآلاف كما فعل أخوها.


" شنطة سفر".. حلم "مصطفى" يغيب بسبب فيروس سي
في منتصف 2015 كان مصطفي علي، 30 عامًا، يجهز أوراقه للعمل بشركة بتروكيماويات بالكويت، وكان من ضمن إجراءات الفيزا الخضوع لعدة تحاليل من بينها الـpcr، تبين منه إصابته بفيرس سي من الدرجة الأولى، هنا تحطم حلم "مصطفى" بالعمل والسفر.

أشارت عليه أخته بتقديم أوراقه فورًا على الإنترنت، ناصحة إياه أنه لو تمكن من العلاج نظرًا لنسبة الإصابة في خلال ستة أشهر سيتمكن من السفر، وبدأ فى تلقى العلاج بمركز الفيروسات الكبدية بالسويس، وبعدها أجرى تحليل كانت نتيجته سلبية وعلم أنه شفى من المرض.

رحلة نجاح مصر مع فيروس سي
شهور قليلة بعد إعلان شركة جيلياد العالمية وصولها لعلاج نهائي لفيروس سي، وبدأت مصر بعدها توفير العلاج للمصريين على نفقتها الخاصة، بعد أن قامت بتصنيع "السوفالدي" محليًا بسعر أقل كثيرًا من السعر العالمي.

وفي عام 2014 انطلقت أولى خطواتها، وقامت اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، بإنشاء موقع إلكتروني لمساعدة مرضى الكبد في الانضمام للحملة، بإتاحة حجز موعد للكشف في المراكز المختلفة بمحافظات الجمهورية، وتم خفض التكلفة العلاجية للمريض الواحد من 10.545 إلى 1527 جنيه وبنسبة 85.5% نتيجة لاستخدام الدواء المصنع في مصر.

وبدأت عيادات طبية متنقلة، تجوب كل أنحاء مصر لتوقيع الكشف الطبي المجاني على المصريين؛ بسحب عينات من الدم وتحليلها والتواصل مع أصحاب العينات التي تأكد إصابتها بالفيروس وتحويلهم للعلاج على نفقة الدولة، ومع نهاية يوليو عام 2016، تم الانتهاء من علاج جميع المرضى الموجودين في قوائم الانتظار.

وبلغ عدد المصريين المتعافين من الفيروس بعد ثلاثة أعوام فقط من إطلاق الحملة وبالتحديد مع نهاية 2017، مليون و500 ألف مواطن من فيروس سي، وبلغت نسبة الشفاء في مصر نحو 90%.

وحصل جميع المتعافين من فيروس سي، على مصل الوقاية، والذي تم توفيره أيضًا بسعر زهيد لم يتعد 10 جنيهًا للحقنة الواحدة، بعد تعديل بروتوكولات علاج فيروس سي لتلزم المريض بالحصول على تطعيم الالتهاب الكبدي "بى" بعد التعافي من فيروس سي مباشرة.

كيف ساهم صندوق تحيا مصر في مكافحة الفيروس؟
بدأت حملة صندوق تحيا مصر في مكافحة فيروس سي عام 2015، من خلال توفير عيادات متنقلة في محافظات مصر لعمل تحاليل لكل الفئات العمرية، وخلال العام الأول من بدء المكافحة استهدف 180 ألف مريضًا في 25 محافظة، متضمنًا مرضى قوائم الانتظار بوزارة الصحة والسكان، ودعم مبادرات محافظتي البحيرة وكفر الشيخ ومركز الأقصر وبعض مبادرات المجتمع المدني بالمحافظات بتكلفة تقدر بـ 180 مليون جنيه.

"ابدأ بنفسك" مبادرة جديدة أطلقها الصندوق في العام التالي 2016، واستهدفت الكشف عن مرضى فيروس سي بالوزارات والمؤسسات، وفي عام 2017 شارك الصندوق في الخطة القومية للقضاء على فيروس سي بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان واللجنة العليا للفيروسات.

ساهم الصندوق في علاج 121،862 حالة في الفترة من ديسمبر 2015 حتى يناير 2017 بإجمالي 357،021 جرعة، وبلغ عدد المرضى الذين أنهوا الجرعات العلاجية الثلاثة 119 ألف مريض، وذلك بنسبة إنجاز للبرنامج 66%.

وصرف جرعات علاجية لعدد 81 ألف مريض من قوائم انتظار وزارة الصحة من إجمالي مستهدف 134 ألف مريض وذلك من خلال عدد 42 مركز من مراكز اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية بالمحافظة.