رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"كورسات النصب".. ضحايا مراكز تأهيل الكليات يتحدثون لـ"الدستور"

جريدة الدستور

"أول ما طلعت من الامتحان لقيت واحد بيسألني أنا وزمايلي عاوزين تدخلوا كلية إيه؟"، هكذا بدأ الطالب يوسف حسين، حديثه مع "الدستور"، بأنه كاد أن يقع في فخ مراكز تأهيل الطلاب للكليات بعد أن انتهى من تأدية امتحان الإنجليزي السابق في مدرسة "السادات الثانوية" بمدينة المحلة الكبرى، والتقى بأحد مندوبي مراكز التأهيل الذي علم عن رغبته في الالتحاق بكلية الهندسة.

أخبر المندوب "يوسف" أنه يستطيع توفير تدريبه في المركز على المسائل الحسابية المعقدة بسعر رمزي، وتوفير شرح مبسط وسهل له قبل خوض اختبار القدرات بالكلية التي سيقدم أوراقه بها، وبالفعل اقتنع الطالب بكلامه ليتوجه إلى والديه مسرعًا بعد الامتحان لعرض الأمر عليهم، لكن سرعان ما واجهوه بحقيقة تلك المراكز التي وقع ضحيتها أحد أقاربهم من قبل.

وعن سعر التدريب، "قال لي أن التدريب مدته أسبوعين بعد الإنتهاء من تأدية امتحانات الثانوية العامة بسعر 600 جنيه"، مشيرًا إلى أنّ ذلك التدريب سيتم خوضه تحت إشراف مجموعة من أستاذة التدريس في علم الرياضيات، وإمداده بشهادة خبرة أيضًا في نهاية التدريب، كما أخبره المندوب".

حديث الطالب عن تعرضه لعملية نصب مدبرة من قبل مُدعي مراكز تأهيل الطلاب للكليات، جعل محررا الدستور يتتبعا ماهية ذلك المندوب ومركز التأهيل التابع له، وعن سؤال الطالب بمكانه أتضح تواجده بشقة صغيرة يملكها مجموعة من أعضاء التدريس في مدينة المحلة الكبرى، لا يكتفون بما يجنونه من الدروس الخصوصية بل يبحثون أيضًا عن مصدر مال في الإجازة الصيفية من خلال ذلك الأمر.

الشقة المستأجرة من قبل هؤلاء المدرسين كانت هي مركز الدروس الخصوصية الذي يذهب إليه الطلاب للمراجعة النهائية قبل خوض امتحانات الثانوية العامة، وعن سؤال أحد أساتذة اللغة العربية بالمركز عن ماهية الشهادة الرسمية التي تُمنح للطالب بعد خوضه التدريب "شهادة مطبوعة من المركز وعليها ختم الأستاذ الخاص بالتدريب".

تقدم النائب فايز بركات، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، بطلب إحاطة منذ أيام إلى مجلس الوزراء، مناشدًا الحكومة المصرية بملاحقة سماسرة مراكز تأهيل الطلاب للكليات، ووقف استغلال رغبة وخوف الطلاب في تحديد مصيرهم الجامعي، مطالبًا أيضًا الرقابة الكاملة على أماكن تلك المراكز، وظبطها على الفور قبل وقوع ضحايا أخرى.

"وائل عبدالمجيد"، 20 عام، طالب بكلية الإعلام في جامعة السادس من أكتوبر، يروي لـ"الدستور" تجربته التي وقع ضحيتها مع مراكز تأهيل الطلاب للكليات، قائلًا إنه بعد الانتهاء من فترة امتحانات الثانوية العامة من عامين كان يرواده شعور بالحيرة حول الالتحاق بأي كلية خاصة أنه لم يكن يعلم مجموع درجاته بعد الذي سيحدد مصيره الدراسي.

يقول "وائل" أنه بعد التعرف على مجموعه، قرر الالتحاق بكلية الإعلام لكنه لم يكن يفقه بها شيئًا، وبالحديث مع أحد أصحاب مراكز تأهيل الطلاب بمنطقة المعادي الذي تعرف عليه من خلال أحد زملائه في المدرسة، أرشده الرجل إلى خوض تدريب مكثف في أساسيات مجال الإعلام تكون مدته شهرًا كاملًا بسعر 1200 جنيه.

لم يكن يعلم "وائل" أنه على وشك الوقوع ضحية ذلك المركز ليتجه في اليوم التالي مصطحبًا معه المال الذي طلبه صاحب المركز، وبالفعل سجل الشاب في التدريب مستمرًا به المدة كاملة لكن بدون فائدة، وعن ما يُدرس بالداخل "كان عددنا خمسة أشخاص، وكان يعلمنا في الأول أساسيات اللغة العربية، وتاني أسبوع شرحلنا ازاي نعمل خبر صحفي"، وبعد دخول "وائل" كلية الإعلام تبين له أن ما كان يشرحه هذا الرجل ما هو إلا إيهامات فارغة ليس لها أساس من الصحة.

في ذات السياق، توضح النائبة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب، في تصريحاتها لـ"الدستور" أن مراكز تأهيل القدرات الوهمية ما هي إلا خطر يهدد مستقبل أولادنا، مؤكدة انتشار تلك المراكز مؤخرًا بشكل كبير التي تدّعي تأهيل الطلاب لامتحانات القدرات التي تُعقدها بعض الكليات، وإيهام الطلاب باعتمادها على أكفأ المحاضرين والخبراء الدوليين، بالإضافة إلى حصولها على موافقات وشهادات من جهات رسمية معتمدة، ولذلك كان من الضروري اتخاذ الإجراءات اللازمة في التصدى لتلك الظاهرة بنشر حملات توعوية بخطورة التسجيل بالمراكز مجهولة المصدر، وحث الطلاب على التحقق من صحة تلك المراكز.

وتضيف "ماجدة" أن طريقة التصدي لهذه الظاهرة هي خضوع تلك المراكز للرقابة من قبل المؤسسات الحكوميه، وتشير أيضًا إلى نتيجة طلب الإحاطة التي قدمه عضو لجنة التعليم بخصوص ذلك الشأن، وهو تمشيط جميع مراكز التأهيل، واتخاذ الإجراءات اللازمة تجاههم فور تحديد أماكن تواجدهم كما حدث مؤخرًا من ضبط عدد كبير منهم في مختلف محافظات الجمهورية.