رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شريان حياة جديد


تزامنت فى الشهر الكريم عدة أحداث متتالية أتوقف عندها فى ملاحظاتى حول أهم الملامح التى نعيشها فى بلدنا، والتى بدأتها مع بداية الشهر الكريم على سبيل المثال لا الحصر.. شريان حياة جديد يتحقق لبلدنا فى زمن قياسى، وبه تدخل مصر موسوعة جينيس العالمية، وبكل أمانة نؤكد أنه إنجاز نفتخر به بحق فى خطواتنا لتحقيق التنمية الاقتصادية والازدهار، فلقد صحت مصر على إنجاز مشروع قومى كبير أدخل علينا جميعًا البهجة، وهو محور روض الفرج، الذى افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو أعرض كوبرى معلق فى العالم.
وصل عرض المحور إلى ٦٧٫٣ متر، وبه منشأ زجاجى فريد من نوعه يرى من خلاله السائرون نهر النيل الخالد، أما سبب البهجة فهو أنه قد تم بأيادٍ مصرية بالكامل، وبشكل يضاهى أحدث الإنشاءات العالمية الكبرى، وأنه تم خلال احتفال مصر بحرب العبور التى نعتبرها معجزة مصرية مهمة تحققت بأيادٍ مصرية فى العاشر من رمضان عام١٣٩٣هـ السادس من أكتوبر ١٩٧٣، وهكذا أصبحت الفرحة فرحتين والانتصار على المحن انتصارين.
إن هذا الكوبرى ليس مجرد كوبرى لتسهيل المرور، لكنه انفراجة تسهم فى الإسراع بخطوات النهضة الاقتصادية التى بدأت فى بلدنا بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣، والتى يقودها السيسى برؤية عميقة وبخطى متسارعة، لوضع مصر على خريطة الدول المتقدمة، وهو يربط شرق القاهرة بغربها، كما يصل العاصمة ببقية المحافظات المختلفة. كما ستنتقل الكثافة المرورية القادمة من شرق القاهرة إلى طريق الإسكندرية الصحراوى ومنه إلى العلمين ومطروح، دون المرور بقلب القاهرة المزدحم، ولم يسلم هذا المشروع الجبار من رش الملح عليه، لتشويهه والتقليل من أهميته، فبدأ محترفو الكراهية والتدمير لكل خطوة موفقة جديدة تنفذها مصر، فى الهجوم على بناء الكوبرى الضخم الجديد، ودفع رسوم زهيدة لعبوره، رغم أن هذا يحدث فى كل الدول المتقدمة فى الطرق السريعة، إلا أن الشعب المصرى الذى لا تهزمه الشائعات المغرضة وتشويه إنجازاته قام بالرد التلقائى على مدمنى الكراهية والكآبة، فإذا بالشباب والكبار والسيدات يذهبون إلى الكوبرى، ويلتقطون الصور التذكارية عند الممشى الزجاجى الشفاف، الذى يظهر مجرى النيل لمن يسيرون عليه. ومن المشاهد الجميلة التى رصدها الكثيرون وجود عدد غير قليل من المواطنين تناولوا السحور على الكوبرى، بعد أن استمتعوا بالنزهة عليه بعد الإفطار.. وهكذا ملأت الصور مواقع التواصل الاجتماعى، تظهر البهجة والفرحة التى تملأ وجوه الأسر المصرية البسيطة بمشروع جديد يُعد إضافة لقاهرة المعز.
نسى الناس الزحام ومشاكلهم اليومية، واستبشروا خيرًا بالمشروع المصرى الضخم الجديد.. الشعب المصرى هو شعب ليس له كتالوج محدد، فكلما اشتد الهجوم على انتصاراته زاد عناده وزاد كبرياؤه وزاد اعتزازه ببلده، لكن علينا من ناحية أخرى أن نحافظ على المحور وعلى الإنشاءات الجديدة ومشروعاتها القومية التى يتم إنجازها، لأنها ملك الشعب، ويمكن أن يكون المحور مزارًا جديدًا نتباهى به أمام العالم. استكمالًا لما سبق، لا بد أن ندرك أن التنمية الاقتصادية فى حاجة إلى مشاركة من كل فئات المجتمع، وأننا فى أمس الحاجة إلى توعية الشباب بأهمية بذل الجهد والعمل الشريف والإنتاج المستمر والولاء للوطن، فهناك ملايين من الشباب الحالى، الذين تحت سن الثلاثين، قد عايشوا مشهدًا مربكًا لهم خلال السنوات الصعبة والفوضى التى واجهتنا بعد أحداث يناير ٢٠١١، ورأوا البلطجة والاعتماد على الصوت العالى، وتيارًا كبيرًا من الدراما والأفلام المليئة بالسلوكيات العنيفة والألفاظ المبتذلة، والزحام والعشوائية والبرامج التى تعتمد على آثارها البلبلة والتراشق بالألفاظ، ولم يعرفوا أو يعايشوا حرب العاشر من رمضان، والإحساس بعظمة الانتصارات فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، التى كانت فى العاشر من رمضان بعد مرارة النكسة فى يونيو ١٩٦٧.. لم يروا ما رأيناه وأحسسناه من حزن ومرارة وكآبة قبلها، حينما كنا نرى قوات العدو الإسرائيلى تقف على أرض سيناء.
نعم لقد رأينا الصلف الإسرائيلى والغرور الإسرائيلى، والتضحيات التى دفعها المصريون ورجال الجيش المصرى أثناء حرب الاستنزاف، ثم حينما جاءت لحظة العبور كانت بخطط مصرية، ورجال الجيش المصرى الأبطال الذين أقسموا على استرداد الأرض، وقاموا بالمستحيل الذى شهد به العالم كله، كما يقدمون الآن التضحيات بالغالى والنفيس كل يوم للدفاع عن الأرض.
إن من واجب كل الأمهات وكل الآباء الذين عاشوا وعايشوا حرب العاشر من رمضان أن يحكوها لأبنائهم، ليدركوا أهمية الوطن والحفاظ عليه، والدفاع عنه ضد أى دخيل أو متآمر أو مثير للفتن.. نحن الذين من واجبنا أن نروى لهم تاريخ حرب العبور وتفاصيل ما جرى قبلها وما جرى بعدها، حتى تحقق السلام الشامل لنا.
وهنا من الضرورى أيضًا أن يقدم أهل الفن والمنتجون والدولة أيضًا أفلامًا تليق بانتصار العاشر من رمضان ودراما تتضمن رسائل تدعم قيم الانتماء والولاء والوفاء والعمل من أجل مستقبل مصر، أما دراما وبرامج رمضان فلى معها وقفة فى مقال قادم إن شاء الله.