رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سوريا بين "أسد ستان" ومناطق محررة و الحل السياسي معقد

سوريا بين أسد ستان
سوريا بين "أسد ستان" ومناطق محررة و الحل السياسي معقد

ما زال العالم يتحدث عن سوريا وكأنها دولة واحدة في حين أن معارضين سوريين بدأوا يناقشون حقيقة أن سوريا باتت مقسمة من الناحية العملية، ومن شأن هذا أن يعقد أي حل سياسي للأزمة عن طريق المفاوضات.

أسفر النزاع بين النظام السوري الذي ينتمي غالبية أركانه إلى الطائفة العلوية والمعارضة ذات الأغلبية السنية إلى نشوء حقائق جديدة على الأرض.

وقال الدكتور سمير التقي مدير مركز الشرق للدراسات الدولية في دبي ، و هو طبيب سوري غادر بلده منذ عامين ، إن عقودا ستمر قبل أن يتمكن معلم علوي من القاء محاضرات في المناطق السنية من شمال حلب عن الرئيس الراحل حافظ الأسد دون أن يشعر بالقلق.

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن التقي أن ما يعنيه هذا ان أي محاولة للتوصل الى حل دبلوماسي يجب ان تبدأ بوقف لاطلاق النار ، و مع مقاتلين يسيطرون على مناطق مختلفة من سوريا . وسيتعين ان تكون سوريا المستقبل دولة لا مركزية تعكس المشاعر الحادة للتباعد و الغضب الطائفيين اللذين أفرزتهما الحرب خلال العامين الماضيين.

ويرى مراقبون ان هذا التحليل الصريح تحليل مفيد في وقت تستطلع الولايات المتحدة و روسيا الصيغ الممكنة لعقد مؤتمر جنيف 2 للسلام في سوريا ، ربما في اكتوبر المقبل بمشاركة ممثلين عن نظام بشار الأسد و المعارضة . و حذر التقي في بحث أعده مؤخرا من "ان العودة الى ميثاق وطني على أساس دولة مركزية قد لا يكون ممكنا . وما نحتاجه هو دولة تتمتع فيها كل المناطق بنسبة عالية من اللامركزية".

وذهب التقي إلى أن النظام و المعارضة يعتمدان على قوى خارجية من أجل البقاء سياسيا واقتصاديا. فان نظام الأسد يعتمد على حماته في إيران و حزب الله ، و ركز جهوده على الاحتفاظ بشريط من الأرض يمتد من دمشق الى محافظة اللاذقية ذات الأغلبية العلوية في الشمال الغربي معتمدا على نحو 100 الف من قوات النظام و ميليشيات علوية بالاضافة الى مقاتلين من حزب الله اللبناني . ومن الناحية العملية فان "أسد ستان" هذه تشكل امتدادا لسهل البقاع الذي يسيطر عليه حزب الله ، على حد تعبير صحيفة "واشنطن بوست".

وتتوجه المعارضة السورية على الغرار نفسه الى مؤازرين في الخارج . ولاحظ التقي ان منتجي زيت الزيتون نقلوا معاملهم لعصر الزيتون الى تركيا . ومع زيت الزيتون ذهب محصول القمح في شمال سوريا الى تركيا في حين يشحن النفط الى تركيا أو اقليم كردستان في العراق . ويرتبط النشاط الاقتصادي في المناطق السنية المحررة من جنوب سوريا حول درعا بالاردن الآن . ولم تعد دمشق مركز سوريا الاقتصادي ، بحسب التقي.

وستواصل هذه القوى الاقليمية التي لكل منها اجندتها الخاصة تمزيق سوريا الى ان يتمكن الشعب السوري من اقامة حكومة وطنية عاملة على كل التراب السوري . ودعا التقي الى منع هؤلاء اللاعبين الاقليميين من زيادة الوضع تفاقما لأسباب أنانية خاصة بهم.

وكتب التقي ان سوريا "يجب ان تدخل ما يشبه المحجر الصحي الى ان تشفى من مرض الطائفية ، ومن دون ذلك لن يكون هناك سلام بعد السلام و ستتفكك الدولة بصورة دائمة".

ويشبه موقف التقي ما يوصي به قائد الجيش السوري الحر اللواء سليم ادريس و لكنه يتناقض مع موقف الجماعات الاسلامية المتطرفة التي تسيطر على رقعة واسعة من الأراضي المحررة . فهذه الجماعات تتحدث عن امارة جهادية في مناطقها ربما ترتبط بدويلة مماثلة يسيطر عليها تنظيم القاعدة غرب العراق. اما المعارضة الكردية فانها تريد اقليما كرديا يتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي على غرار اقليم كردستان في العراق.

ويلاحظ ان النظام لا يقل إصرارا على تقسيم سوريا. ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن الخبير بالعلاقات الامريكية السورية فريدريك هوف "ان اسلوب النظام في الرد على خصومه تشير بقوة الى انه يرى ان القسم الأعظم من السوريين و الأراضي الاقليمية السورية لا يستحقون حتى أن يحكموا و إلا فلماذا يستهدف الأحياء المأهولة بمواطنين سوريين بقصف مدفعي و قصف جوي و ضربات صاروخية لا ترحم؟"

وبنظر العديد من الخبراء والمحللين فإن ما يجري في سوريا ليس نزاعا مسلحا بل حرب أهلية.. وقال التقي إن انتصار أي من الطرفين المتحاربين هو "الحل الصفري" في حين أن الحل يجب أن يكون سياسيا لكنه ينطلق من تقييم واقعي لصعوبة إعادة اللحمة إلى سوريا مجددا.