رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قاهر الإنفلونزا.. دراسة أمريكية تكشف قدرة البعض على تحمّل البرد وعدم التعرض للزكام

جريدة الدستور

إنهم يعيشون بيننا، أولئك الأشخاص المحظوظون الذين لا يشعرون بالبرد، يمر بهم فصل الشتاء دون الإصابة بالإنفلونزا أو مظاهرها من رشح وسعال، فى حين يندس جميع المحيطين بهم تحت كومة من الملابس الثقيلة، يمضى بهم الشتاء وهم مرضى بالإنفلونزا، ولكن، لماذا لا يصاب بعض الأشخاص بالبرد؟ للإجابة عن هذا السؤال أجرت جامعة «هارفارد»، الأمريكية، دراسة جديدة حول هؤلاء المحظوظين.
أظهرت الدراسة أن الإنسان يتعرض لحوالى ٢٠٠ نوع فيروس من فيروسات البرد طوال حياته، ويصاب حوالى ١٥٠ مليون مريض يوميًا، بالبرد والتهاب الحلق وانسداد الأنف، فى حين هناك أشخاص لا يعانون من تلك الأعراض، فما سرهم؟ وهل يمكن أن يكون عامل الوراثة هو السبب؟ هذا ما تكشفه «هارفارد» فى دراسة استغرقت ٢٤ عامًا، ونُشرت نتائجها هذا الأسبوع.
يقول خبير أمراض الجهاز التنفسى البروفيسور، رون أكليس، إنه يرى أن الوراثة سبب فى أن البعض لا يصاب بفيروس الإنفلونزا، ويوضح: «نحن نولد مع جهاز مناعة فريد، مثل البصمة، فهو مختلف لدى كل شخص عن الآخر، ومن لا يعانون من نزلات البرد ربما يكونون مصابين بالفيروس، لكن نظامهم المناعى جيّد لدرجة أن الأعراض لا تظهر عليهم».
وتستهدف فيروسات البرد الشائعة، فى المقام الأول، بطانة الأنف والحنجرة- أو صندوق الصوت- والجيوب الأنفية، وتقول الدكتورة جينا ماكيوشى: «هناك أكثر من ١٦٠ نوعًا فيروسات البرد، ويظهر منها الجديد طوال الوقت، لذلك من المنطقى أن يصاب الشخص العادى بفيروس أو اثنين من نزلات البرد فى السنة، وعندما يدخل الفيروس مجرى دخول الهواء فإن الجهاز التنفسى الدقيق يتعرّض للهجوم، ما يؤدى إلى انسداد الأنف والعطس والسعال والتهاب الحلق».
وتشارك الدكتورة «ماكيوشى» نفس فكرة الدكتور «رون أكليس» فى أن أولئك الأشخاص المحظوظين لا تبدو عليهم مظاهر البرد لأسباب جينية، فهم قادرون على مقاومة نزلات البرد بشكل أفضل من غيرهم.
ويقول دانيال ديفيس، مؤلف كتاب «The Beautiful Cure»، أستاذ علم المناعة بجامعة مانشستر: «البعض منا أفضل فى محاربة فيروس معين ما فى سنة ما، لكن الشخص نفسه قد لا يكون جيدًا فى التعامل مع فيروس العام المقبل».
ووفقًا للدراسات، فإن الإجهاد من عوامل الإصابة بالبرد، فيقول البروفيسور «ديفيس»: «القلق والإجهاد، على المدى الطويل، يؤثران على جهاز المناعة، ما يضعف قدرته على محاربة فيروسات البرد».
فيما يقول الدكتور جيف فوستر، وهو طبيب عام، عالج نحو ١٧ ألف مريض، إن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد يعانون عادة من نقص التغذية، موضحًا: «الذين لا يأكلون بشكل صحيح، أو يعتمدون بشكل كبير على الوجبات الجاهزة والوجبات السريعة، يمرضون أكثر».
لكن يرى العلماء أن هناك بعض الأشياء التى يمكن أن تقى الشخص من فيروس البرد، ويصر مسئولو مركز «السيطرة على الأمراض» على أن الوقت لم يفُت بعد للحصول على اللقاح المضاد للإنفلونزا، إلا أن الخبراء ينتقدون بعض هذه اللقاحات، فحتى الآن تسببت فى مقتل ٨٥ شخصًا و٢٠ طفلًا فى الولايات المتحدة، وتظهر أرقام مراكز مكافحة الأمراض أن غالبية الأمريكيين لا يحصلون على لقاح الإنفلونزا، وأن كثيرًا من الآباء يرفضون تطعيم أطفالهم بسبب الخوف من المصل.
وبعيدًا عن اللقاحات والأمصال، تقول الدكتورة «ماكيوشى» إن بعض الممارسات يمكن أن تقى الشخص من البرد، مضيفة: «يعتمد نظامنا المناعى على النوم لتوليد عدد قوى من الخلايا المناعية السليمة، والتخلص من الخلايا القديمة، التى من المحتمل أن تكون غير فعالة»، محذرة من أن المدخنين وأولئك الذين يشربون الكحول بانتظام يزيدون من مخاطر التعرض للبرد.
وتناولت صحيفة «ديلى ميل» البريطانية، الدراسة الجديدة، وقالت فى تقرير لها: «تحدثنا مع أصحاب الطاقة والحيوية من النساء والرجال الذين لم يصابوا بنزلات البرد بشكل كبير»، وكشف المحرر عن بعض اللقاءات، ومنها «زوى» التى قالت له: «أعتقد أننى لا أشعر بالبرد لأننى عشت حياتى دائمًا فى الخارج، وكانت أركب الخيول عندما كنت طفلة، وكنت أتجول وألعب كثيرًا، أما زوجى فيعانى من نزلات البرد، وابنى أيضًا، أنا فقط لا تبدو علىّ مظاهر البرد».
وأضافت «زوى» أنها لا تشرب الخمور، وتأكل الشوكولاتة، وتحصل على ٧ أو ٨ ساعات من النوم، وقالت «ديلى ميل» إن «زوى» تعرضت للعديد من المواد المثيرة منذ طفولتها، وهو ما يحفظ نظامها المناعى، لأنها تعلم كيفية محاربته الفيروسات، ما يساعد على تعزيز دفاعات جهاز المناعة بمرور الوقت.
وخلص التقرير إلى أن الذين يصابون كثيرًا بالبرد ويشعرون بالبرودة، يكافحون من أجل النوم، ولديهم نظام غذائى سلبى، وبذلك يظهر تأثير قلة النوم والتوتر فى تكرار العدوى.