رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القائمة القصيرة لجائزة ساويرس فى القصة والرواية

جريدة الدستور

أميرة أبوالعينين
«أيوه هى»
«هى؟.. أنا ولا فاهم حاجة؟»
«هى البنت فى الفيديو»
كل سر نشر على يوتيوب شاع، استخلصت من الزميل أن أميرة صاحبها سجل لها فيديو عبر سكايب أثناء مداعبتها لنفسها وهى تطلق تأوهات جنسية، وتؤدى له حركات راقصة وهى عارية.
كانت تخاطبه فى الفيديو بـ«يا عيلاء»، وهو نطق شائع فى الأوساط الشعبية لاسم علاء.
لا أعرف كيف انتشر الفيديو، ربما بعد سرقة حاسوب صديقها المقال وربما حين إصلاحه وربما عن عمد منه، لا أعلم، لكن الواضح أن ما مارسته فى أولى سنوات دراستها الجامعية ظل يلاحقها كظلها، ولأن طيش شبابهم هو نفسه عارها فكلهم رأوا الفيديو.
«أنت جبار»..
قالها أحد زملائنا، مثنيا على ما فعلته مع أميرة، يعتقد أننى تعمدت السخرية منها انتقاما من سخافتها المتكررة، قلت بعصبية إننى لم أشاهد أى فيديوهات، فقالت منى وحيد بجرأتها المعهودة إننى لم أخسر كثيرا، وضحكت بشكل له مغزى.
بدا واضحا أن النقاش سينحدر لتفاصيل فنية فى الفيديو، نهرتها فاستجابت لكن قيل لى من آخر:
«عيب صحيح نقول على المومس إنها مومس».
تراشق الزملاء، لاح أنها فرصة لنقاش دفنه الحرج طويلا فارتفع القول وتضارب:
«لكن وائل مش من حقه يذلها كده».
«الواحد أما ربنا يسامحه يستره.. وهى ربنا فضح سترها على الملأ.. أكيد ربك له حكمة».
«اسمها زميلة.. عيب نتفرج ونناقش حاجة لها كده».
«عيب نتفرج؟.. ما هى أصلها تفرق يعنى مليون مشاهدة للفيديو من مليون مشاهدة وواحد».
«وأصلا لو إرادة ربنا إنه يستر عليها الفيديو عمره ما كان وصل لأى مخلوق من الأول يا فالح».
أقسمت أننى لم أكن أتخابث فلم يقتنع أغلبهم، وفى اليوم التالى والذى يليه تغيبت أميرة على غير عادتها فسألت منى وحيد عنها ولماذا لا تنزل للعمل.
«لأنها بتكره الشغل وبتكرهكم.. وبتكرهك».
٢٠٠٦..
فهمت تفسير ما اندهشت لسماعه فى صالة التحرير، واضح أن محررا كان يعرف آخر على زميلتهما.
أميرة يضيق صدرها بما يقولون، قنعت بعجوز تقدم لخطبتها، فسمعت تهامسا يشكر للعريس لستره عليها.
تزوجت أميرة، وانقطعت عن العمل.
وفى عام ٢٠١٤ أبلغتنى منى وحيد أن زميلتنا القديمة أميرة أبوالعينين توفى زوجها، ذهبت لأداء واجب العزاء وهناك سمعت.
«ربنا بيغفر لنا ذنوب عظيمة على الصبر على الكوارث.. كل مصيبة لها حكمة من ربنا».
«ربك بيكفر لها عن ذنبها».
لم يحدد الحضور ما الذنب بالتحديد، صافحتها عقب العزاء فلم تبد اهتماما حتى شككت أنها تذكرتنى، لكننى أدركت أنها تعرفت على حين أضافتنى بعدها على فيسبوك، صفحتها أغلبها منشورات تؤيد الرئيس السيسى «أسد مصر» أو صور مناظر طبيعية وآيات قرآنية، نادرا ما تكتب، لذا استرعى انتباهى ما كتبته لزوجها الراحل.
«يا حسن أنا عارفه إنك مبسوط هناك.. إنت عند اللى أحسن منى.. قول لربنا يهون عليا وإياك تتنازل عن مجاورة الأنبياء.. أنا حاجى لك تاخد بإيدى على باب الجنة وتخش بينا فإياك تقبل أقل من كده.. إياك تنسانى يا سيدى وتاج راسى.. إياك الحور تنسيك أميره حبيبتك».
ابتسمت، بدت طيبة كيوم صادفتها فى الميكروباص، فتمنيت لحظتها إخبارها بأننى لم أشاهد أى فيديوهات لها.
آسف يا أميرة، آسف فعلا على كل حاجة، لكن والله لم أشاهد الفيديو يا أميرة، والله لم أره.
مقطع من رواية: قريبا من البهجة