رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القصة الكاملة لـ"رشوة مصلحة الجمارك": الفساد بدأ في "شاليه رأس البر"

جمال عبدالعظيم
جمال عبدالعظيم

تواصل نيابة أمن الدولة العليا، الأربعاء، تحقيقاتها فى واقعة رشوة رئيس مصلحة الجمارك السابق، جمال عبدالعظيم، الذى يواجه اتهامات بتسهيل الإفراج الجمركى عن أقمشة محظورة، مقابل الحصول على عمولة من بعض التجار.

وقال مقدم البلاغ الأول ضد رئيس مصلحة الجمارك، إنه قدم مستندات تكشف عن المخالفات التى تمت فى ميناء بورسعيد أثناء فترة تولى «عبدالعظيم»، منصب رئيس الإدارة المركزية ببورسعيد، وقبلها فى ميناء دمياط.

وأوضح في تصريحات لـ«الدستور»، أن مخالفات رئيس الجمارك السابق، بدأت أثناء عمله بميناء دمياط، حيث كانت مخصصة له استراحة المصلحة، بصفته رئيس الإدارة المركزية بدمياط، ورغم ذلك تركها وذهب للإقامة بشاليه فى رأس البر يملكه موظفون فى الجمارك، ويديره بعض المستخلصين الجمركيين.

وأشار إلى أن الهدف من ذلك هو الهروب من أعين الأمن الذى يحرس الاستراحة الرسمية، وبالتالى يتمكن من قبول الهدايا والعطاءات، لافتًا إلى أنه كان يقدم له وجبات يومية فى الشاليه من مستخلصين جمركيين، معروفين للجميع.

وأضاف: «بعد انتقاله إلى دمياط، أحضر معه العامل الخاص به، ويدعى محمود، وهو الساعى المتهم فى القضية، وكذلك طلب نقل بعض المقربين له شخصيًا من القاهرة ليتمكن من تنفيذ مخططاته». وأوضح «الحفناوى» أنه حرر عددًا من القضايا فى النيابة الإدارية بدمياط ضد رئيس مصلحة الجمارك السابق، منها القضية رقم ٧ لسنة ٢٠١٧، و٥١ لسنة ٢٠١٧، متهمًا إياه بإهدار المال العام ومخالفة قانون الجمارك بشكل واضح.

وأشار إلى أن القانون يتيح لرئيس الجمارك البيع بالأمر المباشر فى السلع سريعة التلف، التى يتم التحفظ عليها فى الميناء، مثل التفاح، ويتم تحصيل إيراده إلى خزينة الدولة، مضيفًا: «رفض عبدالعظيم بيع شحنة للتفاح حتى تعرضت للتلف، ما تسبب فى إهدار أموال الدولة».

وأوضح أن المتهم باع شحنة حديد «بليت»، متحفظ عليها بالجمرك، بالأمر المباشر مع العلم بأنه لا يتلف، ما تسبب فى لجوء صاحب الحديد المستورد إلى القضاء وحصوله على حكم بـ«٢٥ مليون جنيه»، الأمر الذى تسبب فى خسارة كبيرة للمصلحة.

وواصل مقدم البلاغ، حديثه، قائلًا: «القضية الأساسية تعود إلى عام ٢٠١٦، حين جاء عبدالعظيم، رئيسًا لمصلحة الجمارك، وكان فى ذلك الوقت توجد ٢٠ ألف شهادة جمركية، فأصدر القرار رقم ٤١٠ لسنة ٢٠١٦، بتشكيل لجنة لفحص الأعمال والبضائع التى دخلت الميناء عام ٢٠١٦ فى المنطقة الحرة».

وأضاف: «استمرت اللجنة فى دراسة ٩٠٠ شهادة لمدة سنة كاملة، وبشكل مفاجئ، تم الإفراج عنها وخلال شهر واحد فقط، وفى بعض هذه الشهادات كان المهرب المتهم هو (ع. ا) وأيضًا (إ. ح)، وكان من المفترض أن يحيل رئيس الجمارك، عددًا من الموظفين والمستخلصين الجمركيين إلى التحقيق، لكنه لم يفعل، وبلغت المديونية عن ذلك القرار ٦٠ مليون جنيه».

وأشار إلى وجود علاقة تربط «عبدالعظيم» بالمتهمين، فأثناء فترة وجوده فى بورسعيد، كانا من أكثر المترددين على مكتبه، وذلك بشهادة الجميع، مضيفًا: «فى يوم تعيينه رئيسًا للمصلحة، تم القبض على ضبطية ألعاب بلاى ستيشن خاصة برجل الأعمال (ع.ا)، وعند علمه بذلك قرر إعادة دراسة تلك الشحنة، وقدرت القيمة المطلوبة بمليون جنيه، ثم خرجت البضاعة من الميناء بعد دفع مبلغ بسيط فروق أسعار».

وأكد أن هناك موظفًا مختصًا يدعى شريف، كانت مهمته الرئيسية تخليص العمل الخاص برجل الأعمال، مضيفًا: «حجم الشهادات التى دخلت بورسعيد أثناء رئاسة عبدالعظيم للميناء تُقدر بـ٦٧ ألفًا و٣٣٠ بيانًا جمركيًا، مقابل ٢٠ ألف شهادة إفراج جمركى فى ٢٠١٦».

وأضاف: «المتهم فتح الباب واسعًا أمام رجلى الأعمال المتهمين فى القضية، لإدخال البضائع، وفى ٢٠١٧ فقط دخل ٤٧ ألف كونتر بضائع، مقارنة بـ٢٠١٦»، متابعًا: «حصة بورسيعد من قانون المنطقة الحرة ١٦٣ مليون دولار، والحصر الذى تم على الـ٦٧ ألف إفراج جمركى كان مليارًا و٣٠٠ مليون دولار تقريبًا، وهو أكبر من حصة المدينة».

وأشار إلى أنه فى عام ٢٠١٦، صدر قرار من وزارة التجارة والصناعة، بتنظيم عملية الاستيراد، ومن المفترض أن هذا القرار لا يسرى إلا على المنافذ الجمركية التى تعمل بنظام الوارد، أما مجمع بورسعيد «٥٥ المنطقة الحرة» فلا يسرى عليه هذا القرار، لأنه يعمل بنظام حصص استيرادية، تصدر من محافظ بورسعيد لصالح البورسعيدية فقط، وهنا كان العمل والتهريب والثراء الفاحش.

وأضاف: «أرسلت بلاغات وشكاوى إلى الرقابة الإدارية ووزير المالية بسبب زيادة الاستيراد بالمنطقة الحرة ببورسعيد، وأكدت أن بعض المستخلصين يستغلون أهالى بورسعيد فى الحصول على شهادة الاستيراد وعمل توكيلات لتجار كبار، وتقدمت بفاكسات إلى وزير المالية والرقابة الإدارية والجمارك ضد جميع الفاسدين بالمصلحة».

وتابع: عبر الفاكس، أرسلت العديد من الفاكسات ورسائل الواتس، إلى رئيس مصلحة الجمارك، وقلت فيها صراحة: «هناك تغيير فى طريقة حياتك وارتداء ملابس غالية، بما يشير إلى نوع من الفساد، ثم سألته عن علاء المنصورى، والمقابلات التى تمت فى الاستراحة».

وأضاف: «جمال عبدالعظيم كان معروفًا بإنهاء بعض المصالح بالتليفون، والإفراج عن شهادات جمركية مجاملة لمستخلص جمركى بالتصدير مرة أخرى فى شحنات مخالفة حتى لا تدخل الجمرك، ويدفع غرامات عليها، وبلغت فى إحداها ٤.٥ مليون جنيه».

واختتم تصريحاته: «هناك متهم آخر فى القضية ورد اسمه فى التحقيقات، التى تجريها نيابة أمن الدولة العليا، وهو صاحب شركة ملاحة بحرية، ويعمل فى التخليص الجمركى، وكان دائم التردد على جمال عبدالعظيم بمكتبه».