رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا أفرح فى أيام العيد



إذا كان من الجنون.. ألا تفرحنى أيام العيد.. ومن صخب الناس أهرب لأختبئ فى قلبك الحنون.. فألف أهلا بالجنون.. إذا كان من الجنون أن أزهد المال والبنين.. زينة الحياة الدنيا.. فألف أهلا ‏بالجنون.. إذا كان من الجنون.. أن أصمت حينما يتكلم الآخرون.. وأتكلم حينما يصمت الآخرون فألف أهلا بالجنون.. إذا كان من الجنون.. أن أفضح الضحك على الذقون وأعرى التجارة بالدين.. ‏فأهلا وسهلا بالجنون.. إذا كان من الجنون ألا أضع الكريمات والعطور.. أترك وجهى دون مساحيق.. وأكتفى بالماء والصابون فألف أهلا بالجنون.‏

عاتبتنى صديقتى:‏
لماذا لم تأت معى إلى «البحر» فى العيد؟
رد قلبى هامسا: هو لسه الدنيا فيها بحر؟.. هو لسه الدنيا فيها أعياد؟.‏

لا أستطيع الهروب من نفسى.. ولا يمكننى أن أغير حياتى.. لن أقدم على الغرق مثل فرجينيا، ولن أبلع حبوبا مخدرة مثل داليدا.. حياتى التى أدمرها وتدمرنى.. هى ملامحى ومصيرى وقدرى ‏‏«أحبها» لأنها رغم فوضى كيمياء مخى.. المسكونة بصراخات الجنون.. ورقصات العفاريت حياة أصيلة وفريدة.. هى حياتى.. نصف ورثته.. نصف صنعته بأعصابى ودمى وتأملاتى.. وأحلامى ‏العنيدة.‏
أنا كما أنا.. وهذه هى حياتى «ابنتى الوحيدة».. أحيانا ألعنها.. أتنصل منها وأنكر عليها أمومتى.. لكن قلب الأمهات.. يرق.. يغفر.. يسامح وفى النهاية.. هى التى ستبقى معى.. فى وحدتى ‏وشيخوختى.‏

أغلق النوافذ.. أسدل الستائر.. أطفئ الأنوار.. لكن غرفة نومى.. أجدها دائما مضيئة.. أتلفت حولى أبحث عن مصدر الضوء.. وإذا هى صورتك.. تبتسم فى هدوء.‏
إذن أنت النور.. أنت شعاع السكون.. أنت منْ يحمينى.. من الكوابيس والجنون.‏

كلهم ينتظرون «فرحة العيد».. وأنا أنتظر «عيد الفرح».‏

لا غنى لى عنهن.. بائعة الخبز.. بائعة الورد.. بائعة الوهم.. بائعة الحنان.. بائعة الشِعر.. بائعة الذكريات.‏