محمد العسيرى يكتب: قضية صفية.. قضيتنا
لا أدرى إن كان الأمر مجرد صُدفة أم لا؟، أن تعرض قناة أون دراما هذه الأيام مسلسل «قضية صفية» الذى كتبه الزميل أيمن سلامة منذ سنوات.. وعلى كل حال، هى صدفة طيبة، يبدو أننا كنا نحتاجها لنستعيد حكاية صفية التى يبدو أنها لن تنتهى قبل أن تتم صفقة القرن.
صفية بتاعة المسلسل مجرد فتاة من قرية فى ريف الدلتا، اسمها محلة بركات، تركها والدها مع أمها العليلة فى مواجهة أيام صعبة، لكنها مثل كل فلاحاتنا الطيبات قادرة على هزيمة أيامها.. بنت بميت راجل، تنزل الغيط تقلع وتخلع وتخضر وتعمر.
لكن وعلى جانب بعيد من الكوكب، هناك من أراد أن يستولى على أرضها، لا لشىء سوى أن هذه الأرض تقع على مسافة قريبة من قرية فى دمنهور، اعتاد من يدّعون أنهم أبناء العم أن يحتفلوا بمولد رجل مجهول فيها مرة كل عام، ولأن الرجل وحصيرته مجرد أكذوبة رخيصة، قاوم الأهالى وجود المولد، ووصل الأمر بأحد المحافظين إلى إلغاء الاحتفال.
المهم أن مسلسل أيمن سلامة، الذى قامت ببطولته مى عزالدين وطارق لطفى، يكشف أن بعض الجشعين من أبناء المكان أغروا بعض الفلاحين ببيع أرضهم، ولم يبق سوى صفية والعمدة وأستاذ جامعى يكره إسرائيل، ويحفظ أشعار أمل دنقل الرافضة للتطبيع، ورغم أنه لا يعرف بوجود أى علاقة بمن يريدون أرضه وبين اليهود، إلا أنه مثل صفية يرفض البيع، لأنه من الأصل ضد فكرة تجريف الأرض.. ولأن المال لم يغره مثل العمدة وصفية، مُورس ضدهم كل أشكال التهديد، ووصل الأمر للخطف والقتل والحرق.
الرسالة التى يطرحها المسلسل الذى يعاد عرضه الآن بعد سنوات من إنتاجه، تتزامن مع محاولات رخيصة أصبحت شبه واضحة لإعادة ترتيب المنطقة لصالح لوبى جديد، هذا اللوبى ليس شرطًا أن يكون من إسرائيل أو يحمل جوازات سفرها، وربما لا يعنيه من قريب أو بعيد حلم الدولة العبرية، ربما تعنيه موارد هذه المنطقة من غاز وزرع وماء، ويبقى نجاح هؤلاء فى تحقيق منالهم مرهونًا بقوة صفية ورجالها.
صفية التى كان اسمها بهية، تعرف جيدًا ما أعطاها الله، وتعرف كيف تنجب الرجال، الذين يخافون الله ولا يخافون سواه.. ويعرفون كيف يحافظون على أرضها وعرضها.
المؤامرة مستمرة.. وقضية صفية هى قضية القرن الذى مضى وكل قرن.. فانتبهوا.
