جنود الله «1-2».. كيف يحارب الجيش على كل الجبهات؟
شهد عام ٢٠١٧ عديدًا من الأنشطة والفعاليات التى أكدت قدرة القوات المسلحة على حماية ركائز الأمن القومى بالتوازى مع العمل وفق استراتيجية شاملة لتطوير إمكانياتها وقدراتها فى التدريب والتسليح والبناء للفرد المقاتل وتطوير النظم المعيشية والإدارية على مستوى الأفرع الرئيسية والهيئات والإدارات التخصصية المختلفة، بما يمكنها من مواجهة المتغيرات والأحداث والتحديات التى تفرضها الظروف الراهنة.
وفى ظل تنامى فكر متطرف وأفكار هدامة تتبناها بعض الجماعات المتطرفة وتتخذها ذريعة للتدمير والإرهاب والتخريب، تقف القوات المسلحة على خط المواجهة الأمامى مع الإرهاب فضلًا عن المشاركة بكافة إمكانياتها وقدراتها فى تنفيذ عديد من المشروعات التنموية والخدمية لدعم خطط التنمية الشاملة فى كافة ربوع مصر، هذا إلى جانب المساهمة فى تخفيف العبء عن كاهل المواطنين، فضلًا عن تعزيز آفاق الشراكة والتعاون العسكرى مع الدول الشقيقة والصديقة، على نحو يلبى متطلبات الأمن القومى المصرى ودور مصر المؤثر فى تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم.
تطوير القوات البحرية والجوية والبرية: انضمام الغواصة الألمانية و«سجم الفاتح» وطائرات رافال وناقلات جنود
شهد العام الماضى، تطويرًا هائلًا فى قدرات القوات المسلحة القتالية، فى كافة الأسلحة والتخصصات، إذ استمرت خطط التطوير بتسليح القوات البحرية بوحدات حديثة ذات قدرات قتالية عالية وفترة بقاء طويلة فى البحر واتزان قتالى عالى، بانضمام الغواصة الثانية من طراز «٢٠٩١٤٠٠» ألمانية الصنع، التى تم بناؤها فى ترسانة شركة «تيسين كروب» بمدينة كيبل الألمانية، ودشن قائد القوات البحرية الغواصة الثالثة من نفس الطراز، وذلك ضمن عدة غواصات مخطط دخولها الخدمة بالقوات البحرية طبقًا لبرنامج زمنى محدد يعكس عمق علاقات التعاون التى تربط البحريتين المصرية والألمانية.
وتعد الغواصة إضافة وقفزة تكنولوجية تدعم قدرة القوات المسلحة فى حماية الأمن القومى المصرى، وتعزيز قدرتها على تحقيق الأمن البحرى وحماية الحدود والمصالح الاقتصادية فى البحرين الأحمر والمتوسط.
كما تسلمت القوات المسلحة الوحدة الشبحية الأولى «سجم الفاتح» من طراز «جوويند»، التى تم بناؤها بشركة «نافال جروب» الفرنسية التى تعد واحدة من أصل ٤ وحدات شبحية تم التعاقد عليها بين مصر وفرنسا، وباقى الوحدات الثلاث يجرى بناؤها فى شركة ترسانة الإسكندرية بالسواعد والعقول المصرية بالتعاون مع الجانب الفرنسى.
وتسلمت القوات البحرية أيضًا الفرقاطة «شباب مصر» بعد وصولها من دولة كوريا الجنوبية، فضلًا عن تطوير وإنشاء بنية تحتية لاستقبال وخدمة هذه الوحدات من أرصفة بحرية والمنشآت والقواعد البحرية.
كما انضمت، خلال العام، دفعات من طائرات متعددة المهام من مقاتلات الجيل الرابع طراز «رافال» إلى تشكيلات القوات الجوية، وفقًا للبرنامج الزمنى المحدد فى إطار اتفاق الشراكة الاستراتيجية مع دولة فرنسا، التى تحقق خطوة نوعية فى زيادة قدرات القوات الجوية على القيام بمهامها فى دعم جهود الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
كذلك انضمت مجموعة من ناقلات الجند المدرعة المتطورة، التى تساهم فى دعم القدرات القتالية لعناصر القوات المسلحة فى تنفيذ مختلف المهام من بينها الحرب على الإرهاب، فضلًا عن منظومات الدفاع الجوى والتطوير لمنظومات التأمين الإشارى والوحدات الإدارية والفنية داخل القوات المسلحة.
تدمير البؤر الإرهابية.. وإحباط تهريب أطنان من المخدرات
حققت القوات المسلحة إنجازات متتالية فى القضاء على الإرهاب فى مناطق مكافحة النشاط الإرهابى فى شمال ووسط سيناء، نتيجة لتطوير الاستراتيجية الأمنية خلال أعمال التمشيط والمداهمة للأوكار والبؤر الإرهابية، وضبط كميات من الأسلحة والذخائر مختلفة الأعيرة وعشرات الأحزمة الناسفة والقنابل اليدوية وقواذف «آر بى جى» بالإضافة إلى أجولة من «نترات النشادر» والمئات من «الشراك الخداعية ودوائر النسف والتفجير عن بعد»، والعديد من أجهزة الاتصال واللاسلكى تستخدمها العناصر التكفيرية، ومازالت عناصر القوات المسلحة والشرطة المدنية مستمرة فى القضاء على جذور التطرف والإرهاب فى هذا الجزء العزيز من أرض مصر.
كما تولت عناصر حرس الحدود بالتعاون مع الأفرع الرئيسية والتشكيلات التعبوية؛ تأمين حدود الدولة على كافة الاتجاهات الاستراتيجية وتأمينها ضد مخاطر التسلل والتهريب وأسفرت جهود القوات فى عام ٢٠١٧ عن ضبط ٦٣ فتحة نفق بالمنطقة الحدودية بمدينة رفح شمال سيناء، وضبط ١١٩٢ قضية تهريب تضم كميات كبيرة من «المواد المخدرة، والأسلحة والذخائر، والتسلل والهجرة غير الشرعية، وحفر الأنفاق، وتهريب السجائر المسرطنة والبضائع غير خالصة الرسوم الجمركية عبر الحدود على الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة».
إنشاء قواعد عسكرية متكاملة على مختلف الاتجاهات
فى ظل التطورات الأخيرة والخطيرة التى تحدث فى العالم وتفرز العديد من التهديدات المؤثرة فى أمن مصر القومى، رأت القيادتان السياسية والعسكرية، ضرورة تطوير التمركزات العسكرية فى مصر بإنشاء قواعد عسكرية متكاملة على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية، تضم بالإضافة للقوات البرية المتمركزة بها تجمعًا قتاليًا يشمل قواعد جوية وموانئ بحرية قوية وكافية للتعامل مع مختلف التهديدات الموجهة لمصر من كل اتجاه بسرعة وحسم وتوفير كافة عناصر التأمين القتالى والإدارى والفنى لتلك القواعد.
وشهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال العام الماضى، افتتاح قيادة الأسطول الجنوبى بالبحر الأحمر، الذى يضم تشكيلات جديدة من المدمرات ولنشات الصواريخ ولنشات المرور الساحلية والوحدات الخاصة البحرية، ويمثل نقلة نوعية لقواتنا البحرية لإحكام السيطرة الكاملة على مسرح العمليات بالبحر الأحمر، وكذلك افتتاح «قاعدة محمد نجيب العسكرية» بنطاق المنطقة الشمالية العسكرية، التى تعد أول قاعدة عسكرية متكاملة على أرض مصر يتمركز فيها تجميع قتالى قوى يتوفر فيه المأوى الحضارى وميادين التدريب المجهزة لمختلف العناصر القتالية والتخصصية، كما تتوفر فيها الأندية والملاعب الرياضية ووسائل الترفيه ومخازن للأسلحة والمعدات والاحتياجات الإدارية والفنية ولعناصر الدعم من القوات الجوية والدفاع الجوى والحرب الإلكترونية، فضلًا عن أنظمة حديثة للقيادة والسيطرة والتعاون بين الأفرع والأسلحة المختلفة.
كما تتوفر فيها إمكانيات هائلة ومتنوعة تمثل قاعدة للتدريب المشترك مع القوات المسلحة الأجنبية بشكل حضارى ومتطور يعكس كفاءة القوات المسلحة المصرية ومواكبتها لكل حديث ومتطور فى الشئون العسكرية.
وأيضًا «قاعدة سيدى برانى» العسكرية وشملت أيضًا تنظيم تشكيلات جديدة داخل القوات المسلحة ووحدات لمكافحة الإرهاب، فضلًا عن أعمال التطوير والتحديث لقاعدة الإسكندرية البحرية وعدد من القواعد البحرية والتشكيلات البرية بنطاق الجيشين الثانى والثالث الميدانى.
مناورات وتفتيش حرب وبيانات عملية لرفع الكفاءة القتالية
فى إطار خطة التدريبات السنوية لوحدات وتشكيلات القوات المسلحة، شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى المناورة البحرية بالذخيرة الحية «ذات الصوارى» التى نفذتها عشرات القطع البحرية من مختلف الطرازات، وباشتراك عناصر الوحدات الخاصة البحرية والهليكوبتر وطائرات اكتشاف ومكافحة الغواصات، كما شهد إجراءات تفتيش حرب ورفع الكفاءة القتالية للفرقة ١٩.
كذلك تم تنفيذ عديد من المناورات والأنشطة التدريبية خلال عام ٢٠١٧ من بينها بيان الرماية الصاروخية «حماة السماء ٢» الذى نفذته وحدات من قوات الدفاع الجوى من مختلف الأسلحة والتخصصات، والمشروع التكتيكى بجنود «طاهر ٥٢»، الذى نفذته إحدى الوحدات المدرعة بالمنطقة الشمالية العسكرية، والمناورة التعبوية «رعد ٢٨» والبيان العملى بالذخيرة الحية «رعد ٢٧» اللذين نفذتهما تشكيلات المنطقة الغربية العسكرية، والمشروع التكتيكى بالذخيرة الحية «بدر ٢٠١٧»، الذى نفذته إحدى وحدات الجيش الثالث الميدانى، والمشروع التكتيكى «صمود ٨» الذى نفذه الجيش الثالث الميدانى. وتأتى هذه الأنشطة فى إطار الخطة السنوية للتدريب القتالى للتشكيلات والوحدات والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، كما نفذ مركز البحث والإنقاذ الرئيسى للقوات المسلحة التجربة «مصر – ٤»، بمشاركة عناصر من القوات البحرية والجوية والأجهزة المعنية بوزارة الداخلية، ووزارات الصحة والكهرباء والاتصالات والتضامن الاجتماعى والتنمية المحلية وهيئة السلامة البحرية والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والأجهزة التنفيذية بمحافظة مطروح وجمعية الهلال الأحمر المصرى، التى تهدف إلى الوقوف على مستوى الجاهزية والتنسيق بين كافة الأجهزة التنفيذية والجهات المعنية بالدولة.
بناء الفرد المقاتل لمواكبة التطور.. وتوفير مئات المنح الدراسية العسكرية
حرصت القوات المسلحة على المُضى بخطى متسارعة لمواكبة التطور العالمى فى إعداد وتدريب الفرد المقاتل نظريًا وعمليًا، باعتباره الركيزة الأساسية لقدرة وكفاءة القوات المسلحة على تنفيذ مختلف المهام، من خلال ضخ دماء جديدة مسلحة بالعلم العسكرى رفيع المستوى داخل الكليات والمعاهد العسكرية، وذلك بالتزامن مع احتفالات الشعب المصرى وقواته المسلحة بذكرى ثورة ٢٣ يوليو المجيدة.
وذلك للمرة الأولى مجتمعين فى حفل تخرج واحد داخل قاعدة «محمد نجيب العسكرية»، بمشاركة رفيعة المستوى للأشقاء من الدول العربية، فى مقدمتهم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وصاحب السمو الملكى الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولى العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء البحرينى، والأمير خالد بن فيصل آل سعود، أمير منطقة مكة المكرمة ومستشار الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين، والمشير خليفة حفتر، القائد العام للقوات المسلحة الليبية، والشيخ محمد خالد بن حمد الصباح، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير دفاع دولة الكويت.
فضلًا عن التأهيل العسكرى رفيع المستوى للضباط المصريين والوافدين بالدورات «٦٦ أركان حرب عام» والدورتين «٣٨ و٣٩ أركان حرب تخصصى» من كلية القادة والأركان، التى تضم دارسين من ١٣ دولة شقيقة وصديقة، وتخريج دورات من أكاديمية ناصر رقم ٤٠ «حرب عليا» و٤٦ «دفاع وطنى» والدورة ١٨ تأهيل لقيادة التشكيلات، والدورة العليا لكبار القادة رقم ٢٨، التى تضم دارسين من ١٤ دولة شقيقة وصديقة.
كما وفرت القوات المسلحة المصرية المنح الدراسية والتأهيل للمئات من الوافدين من الدول الإفريقية بالمنشآت والمعاهد التعليمية العسكرية، بالتعاون مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، التابعة لوزارة الخارجية، والذى يأتى انطلاقًا من الدور المصرى الداعم للأمن والاستقرار داخل القارة الإفريقية.
تعزيز التعاون العسكرى.. تسوية أزمات المنطقة.. ومساعدات إنسانية
شهد عام ٢٠١٧ نموًا متزايدًا فى علاقات التعاون العسكرى مع الدول الشقيقة والصديقة، إذ تعددت زيارات الوفود العسكرية إلى مصر للباحث حول تطورات الأوضاع بالمنطقة، وتعزيز علاقات الشراكة والتعاون مع القوات المسلحة المصرية فى العديد من المجالات، كما تبادل القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الأركان الزيارات واللقاءات الرسمية مع وزراء الدفاع ورؤساء الأركان وكبار المسئولين العسكريين للدول الشقيقة والصديقة، الذين أكدوا عمق علاقات التعاون العسكرى مع مصر، بما لها من دور محورى وثقل بمنطقة الشرق الأوسط، كذلك المشاركة الفاعلة فى مؤتمرات رؤساء أركان دفاع الدول المشاركة فى الحرب على الإرهاب.
وفى إطار الجهود المبذولة لتجميع الأشقاء الليبيين وتحقيق الوفاق بين كل الأطراف حول تسوية للأزمة الليبية، تحقق الأهداف الوطنية للدولة الليبية- استقبلت اللجنة المصرية المعنية بليبيا العديد من الوفود السياسية والعسكرية؛ لبحث آليات الدفع بالتسوية السياسية وبما يحافظ على وحدة الأراضى الليبية.
ونفذت القوات المسلحة العديد من التدريبات المشتركة مع عدد من الدول داخل وخارج مصر خلال العام الماضى، إذ شاركت عناصر من القوات البحرية والجوية والبرية المصرية مع دولتى البحرين والإمارات فى فعاليات التدريبات المشتركة «حمد ٢» و«زايد - ٢» إلى جانب تدريبات أخرى.
وانطلاقًا من الروابط التاريخية والقومية لمصر تجاه الأشقاء لتقديم الدعم والتضامن الكامل معهم فى أوقات المحن والأزمات، ساهمت القوات المسلحة، بتوجيهات مباشرة من القائد الأعلى للقوات المسلحة، فى تقديم المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية إلى العديد من الدول الشقيقة والصديقة، من بينها العراق وجنوب السودان والصومال.