رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر وإيران.. صداقة وردية أم عبثية؟


بعد قطيعة ما يقرب من اثنين وثلاثين عاما بين مصر والجمهورية الإيرانية الإسلامية، بعد قيام الثورة الإيرانية ومن بعد رحيل الرئيس المصرى محمد أنور السادات، بدأت العلاقات الطبيعية تعود لمجاريها ثانية وسط أحلام الشعبين الكبيرين..

فمنذ قيام الرئيس المصرى

د. محمد مرسى بزيارة الجمهورية الإيرانية الإسلامية لحضور قمة عدم الانحياز، تحلم إيران ببداية صداقة وردية بين البلدين وغمرت الفرحة قلوب الإيرانيين، خاصة على يد رئيس إسلامى ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين.

غير أن الرئيس المصرى خيَّب آمال الإيرانيين عندما أعلن عن شجاعته وقام بإقالة المجلس العسكرى، وعلى رأسه القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع محمد حسين طنطاوى، وكذلك رئيس أركانه سامى عنان على خلفية تفجيرات سيناء والتى راح ضحيتها ستة عشر جنديًا مصريًا في الخامس من أغسطس الماضي أثناء تناولهم إفطار رمضان.. ناهيك عن مطالبته بممارسة حقوقه الدستورية دون سابق إنذار.. بالإضافة لكلمته فى الجلسة الافتتاحية لقمة عدم الانحياز التى أصابت الإيرانيين بالدهشة والمفاجأة بانتقاده الحاد للرئيس السورى بشار الأسد ودعم إيران له.

ولم يكن غريبا أن تتوقع إيران أن الرئيس مرسى سيدعم إيران فى التعبير عن كراهيته للعدو الصهيونى، إلا أنه لم تناول ذلك على استحياء وركز على ضرورة قيام الأمة الإسلامية بواجبها نحو الأزمة السورية، ووقف إراقة الدماء حتى أن الوفد السورى آثر مغادرة القاعة.

واللافت للانتباه فى هذا المشهد، أن الرئيس المصرى لم يستأذن المجلس العسكرى فى زيارته لطهران، وفى لقائه بالرئيس الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد.. أكدا الزعيمان على رغبتهما القوية فى " شراكة استراتيجية جديدة"..

ومن المعلوم أن إيران ترنو لحليف قوى مثل مصر فى هذه الظروف الحالكة التى تواجهها إيران سواء لملفها النووى أو لدعمها للحليف السورى.

ولم يفت الرئيس المصرى أن يرسم صورة وردية لنفسه كالرجل الفريد لشعبه ومركزا على اقتصاد مصر بدلا من الدخول مع إيران فى تآمرات خارجية.

ولم يكن من غير المنطقى أن لا يستثمر الرئيس الإيرانى الفرصة الذهبية بحضوره لمؤتمر القمة الإسلامى بقيامه بزيارة شيخ الأزهر  ومصرحا بأن تناول صحابة الرسول " محمد" بالسوء ليس من الإسلام؛ وذلك لإرضاء أهل السُّنة.. ما يؤكد نية إيران الصادفة نحو عودة العلاقات المصرية – الإيرانية على الفور..

ومن الملحوظ الاستقبال الحار للرئيس الإيراني أحمدى نجاد الذى استقبل بحفاوة كبيرة وترحيب حار عند نزوله في مطار القاهرة. كما أن الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 أحد الأسباب المهمة لاحتراس إيران من مصر وسقوط العلاقات الثنائية في حوض صغير، أدى في نهاية المطاف إلى انقطاع العلاقات بين البلدين عام 1980.

وإن استضاف السادات للشاه الإيراني المخلوع محمد رضا بهلوي، بعد قيام الثورة الإسلامية أغضب إيران كثيرا؛ مما أدى إلى إطلاق إيران اسم قاتل السادات على أحد أهم شوارع طهران. كما أن دعم مصر للعراق في الحرب العراقية الإيرانية أدى إلى حالة استياء وغضب كبير في إيران.

فعزم مصر على ترميم علاقاتها مع ايران الآن هو إعادة هيكلة كاملة للسياسة المصرية الخارجية بعد عصر مبارك، ودليل هام على التعديلات الخطيرة التي أجرتها الحكومة المصرية الجديدة في سياستها الخارجية. كما توضح مدى اهتمام محمد مرسي الرئيس الجديد على خشبة المسرح بالابتعاد عن الولايات المتحدة، بالإضافة إلى برودة علاقته مع إسرائيل، وأصبح التعاون المشترك والكثيف بين مصر وإسرائيل في الشئون الإقليمية في عهد حسني مبارك من التاريخ.

أضف إلى ذلك أن ايران بحاجة إلى التقرب من مصر و تعزيز العلاقات الثنائية؛ للتخفيف من الانعكاسات السلبية لتطورات القضية النووية الإيرانية الآن، وتزايد الضغوطات الدولية بشأن الأزمة السورية.

وما يثير الانتباه أيضا هو أن التقارب بين مصر وإيران له آثار على نمط العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط. وإن إسراع إسرائيل في تشكل حكومة جديدة الآن يشير بوضوح وبشكل متزايد إلى ضعف الآمال الإيرانية في الحكومة المصرية الجديدة. ويعتقد أحد الباحثين بمركز الدراسات الاستراتيجية بصحيفة الأهرام أن تعزيز العلاقات المصرية ـ الإيرانية سوف يكون خطرا إلى حد معين على إسرائيل، ويحسن البيئة الدولية لإيران ويزيد من ثقلها عند التعامل مع البلدان الغربية.

وبالرغم من ذلك، فقد ظل تحسين العلاقات المصرية ـ الإيرانية تخضع لقيود.

وقد ناقشت مصر وإيران المسائل المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عهد مبارك، إلا إنه لم يحرز أي تقدم يذكر.

وعلق موقع الشرق الأوسط أون لاين، أنه على الرغم من أن زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى مصر كانت رفيعة المستوى، وكان استقبال محمد مرسي لأحمدي نجاد حارًا ورفيع المستوى أيضا، إلا أن إعادة الدفء للعلاقات بين البلدين سيستغرق بعض الوقت؛ لأن مصر لديها محرمات كثيرة تجاه إيران، والمقاربة الكبيرة مع إيران قد يؤدي حتما إلى استياء الولايات المتحدة.

من هنا.. هل الصداقة المصرية – الإيرانية.. ستكون وردية أم عبثية؟.

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.