رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في الذكرى السنوية الـ16 لاندلاع انتفاضة الأقصى.. كثير من "الدرة".. قليل من ياسين"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

قبل 16 عامًا، وفي مثل هذا اليوم 28 سبتمبر عام 2000، اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عقب تدنيس رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل "أرييل شارون"، المسجد الأقصى باقتحامه ومعه قوات كبيرة من الجيش والشرطة.

وأسفرت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عن استشهاد 4421 فلسطينيًا وإصابة 48322 وأما خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي تعدادها 334 قتيلا ومن المستوطنين 735 قتيلا وليصبح مجموع القتلى والجرحى الإسرائيليين 1069 قتيل و4500 جريح.

وكانت الانتفاضة بمثابة شرارة اندلعت عقب دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شارون،
إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له، فكان من نتائجه اندلاع أول اعمال العنف في هذه الانتفاضة.

وشهدت مدينة القدس حينها مواجهات عنيفة، من أبرزها إطلاق صواريخ فلسطينية على إسرائيل لأول مرة، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت تلك الانتفاضة بـ"انتفاضة الأقصى"، ومن أبرز المشاهد في الانتفاضة استشهاد الطفل "محمد الدرة"، وأغتيال بعض القادة البارزين ومن بينهم، أحمد ياسين.

وتوقفت انتفاضة الأقصى في الثامن من فبراير 2005 بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ"، إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية، لم تنته لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي ولاستمرار المواجهات بمدن الضفة.

استشهاد "محمد الدرة"

انتشر مقطع فيديو يظهر مشهد استشهاد الطفل الفلسطيني البالغ 11 عامًا، محمد الدرة، الذى كان يحتمي بوالده جوار برميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة، بعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، ما أثار غضب الشعب الفلسطيني، ودفعهم للخروج في مظاهرات غاضبة لمواجهة الجيش الإسرائيلي، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات منهم.

ونفذت الفصائل الفلسطينية الغاضبة هجمات داخل المدن الإسرائيلية، استهدفت تفجير مطاعم وحافلات، تسببت بمقتل مئات الإسرائيليين، وانعدام الأمن في الشارع الإسرائيلي، وايضًا ضرب السياحة بعد اعتقال وزير السياحة الإسرائيلي، رحبعام زئيفي، على يد اعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وايضًا اسفرت الهجمات الفلسطينية عن مقتل قائد وحدة الهبوط المظلي الإسرائيلي، الكوماندوز، في معركة قتل فيها قرابة 58 جندي إسرائيلي، وجرح 142 بمعركة سميت "مخيم جنين" .

انتفاضة "الحجارة"

وكانت الانتفاضة الفلسطينية الأولى، أو "انتفاضة الحجارة" كما يسميها الفلسطينيون، قد اندلعت يوم 8 ديسمبر 1987، في مخيم "جباليا" شمالي قطاع غزة، ثم انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين، ويعود سبب الشرارة الأولى لتلك لانتفاضة هو قيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمال الفلسطينيين على حاجز بيت حانون "إيريز" شمال القطاع.

وهدأت الانتفاضة عام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية "أوسلو" بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.

ولكن شهدت الانتفاضة الثانية، تطوراً في أدوات المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى التي كان أبرز أدواتها الحجارة والزجاجات الحارقة.

انتفاضة "السكاكين"

تزامنت الذكرى السادسة عشر للانتفاضة الفلسطينية الثانية مع ذكرى مرور عامًا على موجة المواجهات الجديدة بين الفلسطينيون والقوات الإسرائيلية، والتى بدأت منذ الأول من أكتوبر أول الماضي، متمثلة في عمليات الطعن والدهس وإطلاق النار من الفلسطينيون المحتجون على القوات الإسرائيلية.

وتتواصل موجة من التوتر بين الفلسطينيين والقوات الإسرائيلية، أدت إلى مقتل أكثر من 200 فلسطيني في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلة وقطاع غزة، بحسب إحصائيات رسمية.

وأطلق الفلسطينيون على تلك المواجهات الجديدة اسم "انتفاضة السكاكين".

انتفاضة رابعة مرتقبة

ورأي بعض السياسيون أن ما يدور في الضفة في الوقت الحالي، واستمرار تلك الانتهاكات الإسرائيلية قد يشعل فتيل انتفاضة فلسطينية رابعة.

وقال الناطق باسم حركة "حماس" سامي أبو زهري، في تصريحاته من قبل لوكالة "سبوتنيك" الروسية، إن "الذي يجري في ساحات الضفة والقدس حاليًا، ويتم إسناده من غزة، قد يشعل انتفاضة فلسطينية جديدة وهو حراك شعبي له غطاء فصائلي، يعبر عن ردة فعل شعبية في ظل حالة التهويد الذي يتعرض له المسجد الأقصى، واستهداف المستوطنين للنساء".

وأشار أبو زهري إلى أن الممارسات الاسرائيلية خلقت قناعة لدى الشعب الفلسطيني بالانفجار في وجهه، مؤكداً أن "الانتفاضة ستتطور يوماً بعد يوم، وستتطور وسائلها خاصة في ظل عمليات الاعدام الميداني التي تقوم بها القوات الاسرائيلية في الضفة والقدس".

وقال الدكتور، خالد سعيد، الباحث في الشئون الإسرائيلية، في تصريحات ل "الدستور"، إن الانتفاضة الفلسطينية كانت ومازالت وستستمر، مشيرًا إلى ان الخطر يزداد على المجتمع الفلسطيني، والفترة الراهنة تشهد توترات وعمليات عدائية إسرائيلية كثيرة تستهدف الشعب الفلسطيني.

وأضاف سعيد: " أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، حذر الوزراء من خطورة دخول المسجد الأقصي في الفترة الحالية، بسبب العمليات العدائية الإسرائيلية التي استهدفت الفلسطينيون خاصة منذ ثلاثة اسابيع، تحسبًا لردود افعال الشعب الفلسطيني".

ومن جانبه قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، الباحث في الشئون الإسرائيلية، في تصريحات لـ"الدستور" إن الانتفاضة الفلسطينية لم تنته في الأساس، ومقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض" كاذبة وتزوير في التاريخ والجغرفيا.

وأشار أنور إلى ان المقاومة الفلسطينية، في الفترة الأخيرة هي مجرد أعمال فردية وليست انتفاضة شعبية، حيث أن هناك محاولات من بعض الفلسطينيون لقتل جنود إسرائيليون، وتتم تلك المحاولات الفردية في الشارع الفلسطيني دون محاكمة من أجهزة الدولة القضائية.

وأضاف أنور: "الإرادة الفلسطينية لا تنكسر والمقاومة الفلسطينية مستمرة، فالشعب الفلسطيني له مقاومات متنوعة سياسية وايضًا اقتصادية، ولكننا لا نستطيع أن نتوقع التطورات القادمة بالتحديد، وما يمكننا قوله أن المقاومة الفلسطينية لن تنتهي".