رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما بين "الداعية" و"مدبر الانقلاب".. "جولن" ملاك في الإعلام الغربي و"شيطان" لدى تركيا.. خبراء: الانقلاب "تمثيلية" أردوغانية.. وأزمة سياسية قادمة بين واشنطن وأنقرة

جريدة الدستور

منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، تحول الداعية التركي، "فتح الله جولن" إلى أداة صراع بين بلد السلطان العثماني والقوى الغربية، إذ طالبت تركيا مرارا الولايات المتحدة الأمريكية بتسليمه لكن واشنطن رفضت، مشترطة تقديم أنقرة لأدلة قاطعة تثبت ضلوع زعيم منظمة الكيان الموازي في التخطيط للانقلاب.

لكن المتابع للأخبار المنشورة في وسائل الإعلام الغربية وخاصة الصحافة الأمريكية، يكتشف مدى مساندتها للداعية المقيم في ولاية بنسلفانيا، على نحو يثير التساولات، إذ استخدم الإعلام الغربي، خاصةً الألماني و الفرنسي والبريطاني، صفات من قبيل "الواعظ النجيب"،" إمام في المنفى الطوعي"، "معسول الكلام"، "إمام مسن ومريض"، "رجل الدين الغامض"، "معارض مؤثر"، و"صاحب رسائل الحوار بين الأديان"، لإظهار جولن بمظهر البريء، ورجل الدين المتواضع، للتأثير على الرأي العام، وخلق تصور محدد بالأذهان، وذلك وفقًا لدراسة أجرتها المديرية العامة للصحافة والإعلام التركي.

في حماية أمريكا
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، في يوليو الماضي: "إن كانت تركيا تريد تسليمنا لجولن بالفعل، فيجب عليها تقديم أدلة قاطعة تثبت أن جولن له علاقة بمحاولة الانقلاب العسكري، وليس مجرد ادعاءات".

فيما أكد جولن، في لقاء تلفزيوني له عقب اتهامه بتدبير الأنقلاب، إنه تلقي دعوات من روسيا وكندا ودول أخرى لاستضافته، إلا أنه شدد على أنه في حالة مغادرة أمريكا المتحدة لن يتوجه إلا إلى بلاده تركيا حيث سيقضي آخر أيامه بها، مضيفًا أن خروجه من الولايات لن يحدث دون سبب، أو أدلة إدانة واضحة، وأمر قضائي.

وعلي الرغم من رفض واشنطن تسليم جولن منذ محاولة الانقلاب، إلا أنها بدأت في إرسال إشارات إيجابية لتركيا بخصوص طلب تسليمه، حيث وعدت أمريكا بإرسال وفدًا من وزارة العدل الأمريكية، إلى تركيا يومي 23 و24 أغسطس الحالي، لإجراء مباحثات حول الموضوع.

وقال الدكتور خالد رفعت، مدير مركز طيبة للدراسات والأبحاث السياسية، إن تسليم جولن لن يتم إلا بتقديم أدلة قاطعة تدينه، ولكن لم تقدم تركيا حتي أي أدلة تجاهه، مضيفًا: أن "العلاقات بين تركيا وأمريكا تشهد مجرد توترات و خلافات، لكن لا تستطيع تركيا البعد عن أمريكا لما بينهم من مصالح، نظرًا لوجود تركيا في حلف الناتو، وحاجتها للحماية من قبل أمريكا".

وأضاف، رفعت أن الانقلاب مجرد "تمثيلية" من صنع أردوغان، مشيرًا إلى أن "جولن" كان تلميذًا لأردوغان وتعلم علي يده العلوم الدينية، وما بينهم فقط خلافات سياسية منذ فترة، مؤكدًا: "جولن لم يدبر للانقلاب".

أردوغان يصر على اعتقال "جولن"
مازال أردوغان، يسعى لاعتقال "جولن"، حيث إن مكتب الادعاء في إسطنبول أرسل خطابًا إلى السلطات الأمريكية، منذ يومين، يطلب فيه إلقاء القبض على الداعية بتهمة تدبير محاولة الانقلاب الشهر الماضي، كما أرسل وفدًا من أنقرة إلى واشنطن لبحث تسليمه.

وكان جولن والرئيس التركي أردوغان، حليفين لأكثر من عقد من الزمان، ووقع خلاف بين الاثنين في الأعوام الأخيرة يرجع لأسباب سياسية.

وينفي جولن، الداعية تركي المولد والذي يعيش في المنفى الاختياري بالولايات المتحدة منذ 1999، الاتهامات الموجة ضده، بخصوص تدبير محاولة الأنقلاب العسكري في بلاده.

وأفادت أنباء، عقب طلب أردوغان اعتقال جولن، بأخبار خاطئة عن هروب جولن من الولايات المتحدة الأمريكية، وسط احتمالات بتوجهه إلى واحدة من 5 دول، هي مصر أو استراليا أو جنوب أفريقيا أو كندا أو المكسيك، لكن ثبت بعد ذلك استقرار جولن في قصره بولاية "بنسيلفيا" الأمريكية، كما توجه الأتراك المقيمين في الولايات المتحدة بتظاهرات حاشدة أمام قصره، مطالبين السلطات الأمريكية بتسليمه إلى القضاء التركي.

وقال الدكتور مصطفي زهران، الباحث في الشأن التركي، إنه منذ اللحظات الأولي للانقلاب، بدأ يلوح بوادر أزمة سياسية بين أمريكا و تركيا، بسبب تأييد أمريكا للانقلاب وجولن، متوقعًا أن الأزمة سوف تزداد في الفترة القادمة، على خلفية رفض أمريكا تسليمه، قائلًا: "إن تلك المسألة ستخضع لفترة كبيرة من الوقت".

وأكد زهران أن أردوغان يسعى للقضاء نهائيًا على جولن في المرحلة القادمة، وسوف يخلو المشهد بعد ذلك في تركيا من أي تواجد للكيان الموازي، مضيفًا: "إن جماعة جولن لها قادة ورموز مهمين، وهي جماعة تعمل بشكل سري، مما يجعلها تمثل خطرًا علي تركيا".