رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لتعليمٍ أفضل.. تربية الآباء والمُعلمين أولا‮!


ولي‮ ‬الأمر‮.. ‬المدرس‮.. ‬إذا صلحا‮.. ‬صلح الطالب،‮ و‬العكس صحيح‮.. ‬فعندما تتوفر معايير الثقافة التربوية والتعليمية،‮ ‬الرغبة والاستعداد لأداء الرسالة‮.. ‬بلا شك تكتمل الصورة‮.‬

ولأني‮ ‬أعتقد أنه آن الآوان لتفعيل مبدأ " تربية الآباء والمُعلمين أولا‮" ‬ليعملوا جنبا إلى جنب معا؛ كي‮ ‬تكتمل الصورة‮.. ‬فكم أعجبتني‮ ‬فكرة الحكومة البريطانية مؤخرا عندما اعتبرت المدارس إصلاح وتهذيب ليس فقط للأبناء، ولكن للآباء أيضا‮!!!.‬

فقد قررت الحكومة البريطانية توقيع‮ ‬غرامة على‮ ‬أولياء أمور التلاميذ المشاغبين أو الآباء العاجزين عن التعاون مع المدرسين وإدارة المدرسة؛ لتحسين سلوك أبنائهم، وحثهم على الالتزام بقواعد المدرسة‮.. ‬ليس هذا فحسب بل سيمثل الآباء أمام المحكمة لتوقيع عقوبة عليهم تتراوح ما بين الغرامة أو القيام بمهام في‮ ‬مجال الخدمة العامة‮..‬

ويعد حضور دورات تدريبية وجلسات استشارية للآباء إحدى‮ ‬الإصلاحات الجديدة في نظام التعليم، مشاركة الآباء في العديد من الأنشطة واتخاذ خطوات للسيطرة على سلوك أطفالهم العنيف‮.. ‬بالإضافة إلى التأكد من وصول الأطفال إلى‮ ‬منازلهم في المواعيد المحددة، ناهيك عن إبعادهم عن كل الشخصيات أو المواقف التي‮ ‬قد تؤثر بالسلب علي‮ ‬شخصية الطفل وسلوكه‮..‬

وتعتقد الحكومة البريطانية أن وجود ما‮ ‬يشبه الاتفاقية بين المدرسة والبيت والمدرسين والآباء، من شأنه السيطرة علي‮ ‬الطفل والحرص عليى ‬عدم هروبه من المدرسة وأدائه كل واجباته، إلى جانب الالتزام بالزي الرسمي‮ ‬للمدرسة‮.‬

ويقول أدبولز وزير الطفولة البريطانية، إن التهذيب لابد أن‮ ‬ينبع من داخل الأسر نفسها، ولابد أن‮ ‬يتمتع مدراء المدارس ببعض القوة لدعم سلطتهم‮.‬

وأكد أن هذه العقوبات ما هي‮ ‬إلا وسيلة لدفع الآباء للتعامل مع مسألة تعليم وتربية أطفالهم بجدية، إن كانت هذه الإصلاحات قد تصيب بعض الآباء بالصدمة؛ نظرا لحرصهم على ‬اعتبار المدرسة أو الظروف مسئولة عن أي طفرة في‮ ‬سلوك الطفل، لا‮ ‬يستطيعون فرض أي‮ ‬عقوبات جادة على أطفالهم‮.‬

أما ما‮ ‬يجري‮ ‬في مدارسنا بكل ألوانها، بدءاً‮ ‬من مدارس الكعب الواطي‮ (‬الأكثر احتراما‮) ‬وانتهاء بمدارس الكعب العالي‮ (‬التي‮ ‬تمثل خطرا على ثقافتنا العربية والدينية‮)، ‬يأتي‮ ‬الطالب ومن خلفه ولي‮ ‬الأمر المشاغب الجاهل المتسلط قلما الواعي‮ ‬المؤدب في‮ ‬مرتبة صناع القرار‮!!.‬

فإصرار أولياء الأمور على قيادة السيارة بالرغم من فقرهم لفنون القيادة، عليك أن تغمض عينيك قبل أن تصطدم بجدار أو تهوي‮ ‬بك السيارة في‮ ‬ترعة‮.. ‬فلا مانع من أن‮ ‬يشارك أولياء الأمور في‮ ‬العملية التعليمية ولكن فى إطار التبعية وليس التسلط والعفوية، خاصة عندما تتمتع المؤسسة التعليمية بقيادة تلمس فيها القدرة على‮ ‬تحمل المسئولية وحسن التصرف‮..‬

فمتى‮ ‬وضعنا الطالب في نصابه وولي‮ ‬الأمر فى مكانه، تمكن المدرس من قيادة المركب طبقا لمعايير السلامة والأمان، إما أن‮ ‬يتنازع ولي‮ ‬الأمر والطالب معا على‮ ‬مهام المدرس‮.. ‬فقل على‮ ‬الدنيا السلام‮..‬

ولعلي‮ ‬أرى‮ ‬أن التربية عملية طويلة تحتاج إلى جهد متواصل؛ لأن بناء النفوس من أشق عمليات البناء، فالتعامل مع المادة الجامدة أسهل من التعامل مع كائن حر‮.. ‬فالمادة الجامدة تطوعها كما تشاء، أما النفس البشرية فلا؛ لأنها تملك إرادة؛  فأبناؤنا لاتنقصهم القدرات، ولكنهم في حاجة إلى ‬تربية متوازنة، تكمن فيها حاجات الروح إلى جانب حاجات الجسد، فالتربية المتوازنة باعتبارها قمة سلم التربية السوية تتمثل في عدة أمور في مقدمتها‮ : ‬الحنان حيث فاقد الحنان‮ ‬يجب أن‮ ‬يعوض بشئ مما فقد، وأيضا ثقة أبنائنا بنا‮.. ‬والثناء والعقاب‮.. ‬حيث علينا أن نفرق بين العقل والعاطفة، فالمبالغة في الثناء لا تقل سلبية عن آثار الإهمال التام، والحقيقة أننا عندما نشجع الآخرين إنما نشجع أنفسنا؛ لأن أعمالهم جاءت مطابقة لما أردناه، فمن الأفضل الاعتدال في ذلك، وألا نعاقب الطفل حتى‮ ‬يقر بخطأه‮.‬

فيجب أن‮ ‬ينفذ الأمر إذا ألقي‮ ‬لذا فإن من الأفضل ان نتريث قبل أن نصدر أوامرنا فننظر هل‮ ‬يمكن تنفيذها فإذا تحقق الطفل بتجربته أن أوامرنا درست بدقة وأنها تستهدف مصلحته حق لنا أن نتوقع منه الاستجابة لكل ما نطلب‮.‬

وهناك ايضا الوفاء بالوعود‮.. ‬والايجابية في‮ ‬الحوار‮.. ‬والتشهير عند الخطأ‮.. ‬علينا ألا نشهر بالطفل عند الخطأ‮: ‬كأن نناديه كسلانا اذا تأخر في‮ ‬مناولتنا حاجة طلبناها أو نناديه كذاباً‮ ‬إذا كذب أو نناديه محتالاً‮ ‬اذا أخذ من أخته الصغيرة شيئا فوق حصته أو نناديه شيطانا إذا بدت عليه حركة زائدة أو نناديه شريراً‮ ‬اذا لطم اخاه الصغير لأن اسلوب التأنيب القاسي‮ ‬والمتكرر‮ ‬يدفع الطفل الي‮ ‬الاستهتار والتمادي‮.‬

وتجنب التناقض بين التوجيه الدراسي‮ ‬والأسري‮.. ‬وتقويم سلوك الطفل بالقصص الايجابية‮.. ‬وكما انه لا‮ ‬يفل الحديد إلا الحديد‮.. ‬كذلك لا‮ ‬يغير الفكر إلا الفكر فلا بد ان ننمي‮ ‬القناعة عند الطفل نحو كل ما نرغب أن‮ ‬يصبح سلوكا لديه وعلينا ألا نتضجر اذا كانت استجابة الطفل بطيئة حيال ذلك فخير لنا ألف مرة ان نبني‮ ‬القناعة ولو سارت ببطء شديد من أن نكره الابن على سلوك ما اتضح له جدواه؛ لأننا في‮ ‬هذه الحالة لا نضمن استمرارية ذلك أبداً‮ ‬بل على الأرجح سينتكس الي‮ ‬أشد مما كان عليه فى المرة الأولي‮ ‬حال‮ ‬غياب الرقابة مهما كانت درجتها‮.‬

ومن هنا أوصي‮ ‬المربي‮ ‬باعتماد القصص الإيجابية فى تأديب الأطفال والابتعاد ما أمكن عن القصص السلبية فالقصة الإيجابية تصور السلوك المطلوب القيام به وترغب فيه وتجعله جذاباً،‮ ‬أما القصة السلبية فهي‮ ‬تصور عكس السلوك المطلوب وتنفر منه وتجعله ممقوتا‮.‬

علي‮ ‬الجانب الآخر‮ ‬يأتي‮ ‬دور المدرس التربوي‮ ‬والتعليمي‮ ‬معا متي‮ ‬أجابت وزارة التربية والتعليم علي‮ ‬علامات الاستفهام التالية‮:‬

هل تنتقي‮ ‬كليات التربية أبناءها على‮ ‬غرار فلسفة الكليات العسكرية وما‮ ‬يتمتع به طلابها ببنية بدنية وعقلية واجتماعية ونفسية تتفق مع حجم رسالتها؟‮!‬

هل مدرسو الوقت الحالي‮ ‬جميعا هم إفراز كليات التربية؟‮!‬ هل أسقط‮ "‬كادر المعلمين‮" ‬المدرسين اللاتربويين وسماسرة الدروس الخصوصية؟‮!‬ هل تصنف مدارسنا طلابها طبقا لقدراتهم العقلية والبدنية والمهارية، خاصة بعد انقضاء مرحلة التعليم الأساسي‮ ‬أو الشطر الأول منها أو حسبما ترى الأجهزة الأخصائية السوية؟‮!‬ هل ‬يتبني‮ ‬رجال الأعمال المواهب خاصة القادمون حضن الجبل وشق الثعبان؟‮!‬ هل العلاقة بين المناهج الدراسية واحتياجات سوق العمل ومظاهر البيئة المختلفة قائمة؟‮!‬ هل هناك توأمة بين المجالس القومية للتعليم‮ (‬مناهج وامتحانات وتربية حديثة‮) ‬أم أن كل‮ ‬يعمل في‮ ‬مكان ما وزمان ما واتجاه ما؟‮!‬ هل مجالس الأمناء بمدارسنا مؤهلة للقيام بدورها المنوط بها أم أنها فقط معنية بتحقيق أكبر المكاسب لصالح أبنائها كسماح المدرسة لهم بالغياب المفتوح وخلافه؟‮!‬

هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.