رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

انتخابات الصعيد


أدارت معارك الانتخابات فى الصعيد، وفى مصر عموماً، جهات عديدة، وكل جهة أدارتها لحسابها، ومن منطلق مصلحتها الذاتية، لذا كانت انتخابات هزيلة !

الجهات التى أدارت ال.معارك الانتخابية عندنا هى: أولاً: الحكومة المصرية، ممثلة فى رجال القضاء، ورجال الحفظ، ورجال السلطة العامة، وقامت الحكومة بتقديم المقار الانتخابية، وقامت وزارة التنمية الإدارية بتجهيز اللجان فى تلك المدارس، وقامت وزارة الداخلية بكل أجهزتها، ومعها رجال القوات المسلحة بمهمة حفظ الأمن والنظام أثناء وقبل وبعد الانتخابات. خارج اللجان القضائية. وقامت الهيئة القضائية بتقديم رجالها وموظفيها، لرئاسة وعضوية لجان الانتخابات. ومباشرة العملية الانتخابية من داخل اللجان. والحقيقة أن الانتخابات لم تشهد أى حالة من حالات تعكير الأمن أو الإخلال بالنظام كتلك التى كانت تحدث فى الانتخابات السابقة.

ثانياً : وسائل الإعلام. وهى كما ذكرنا كانت تدير المعركة، وتأهبت لها بل بدايتها بأكثر من شهرين، منذ أن أعلن عن تحديد موعد تلك الانتخابات. وبدأت قنوات الإعلام المصرى والصحافة، فى أكبر عملية حشد وتسويق للتيارت المشاركة والأحزاب، وكان الحماس يأخذ بعض المتحدثين، فتخرج كلماتهم تقريرية، ولا فائدة منها، ووصلت ذروة تلك المأساء عشية الانتخابات، باستضافة بعض الأشخاص الذين تحدثوا عن بعض التيارت بما يجعلنا نعتقد أنهم وحدهم يملكون الحقيقة المطلقة. ولكن تبين أن تلك التيارات لا تتمتع بأى شعبية داخل البلاد ولا فى الشارع المصرى.

ثالثاً: المرشحون، وقد أداروا المعركة بطريقة بدائية جداً، فبعضهم تعاقد مع محطات فضائية لشرح برنامجه، وكان المذيعون يتركون هؤلاءيتحدثون، دون مقاطعة، وهو الأمر الذى جعل بعضهم يخرج عن السياق, ويتعرض لبعض المرشحين من زملائه، كما نسب بعضهم، وكان نائبا سابقاً إلى نفسه، بأنه السبب فى كل المشروعات التى أقيمت فى المدينة المرشح فيها، كما تطوع بعضهم ببذل وعود لا يمكن له تحقيقها لأنها تتعلق بخطط الدولة المستقبليةالتى لا دخل له فيها. وفى ليلة الانتخابات عقد المرشحون الصفقات مع كبار رجال العائلات تتضمن أن كبير العائلة بإخراج عائلته كلها. نظير خدمات عينية حاضرة، مثل عربات الغلال وكميات من الأسلحة والذخائر للعائلات المتنازعة، والوعد بتعيين أبناء كبير العائلة فى البترول أو الضرائب أو شركات الصرف الصحى والكهرباء. وفى يوم الانتخابات ظهرت سيارات الميكروباص لتنقل بسطاء الناس من بيوتهم إلى لجان الانتخابات والعودة بهم، وتسليم مبالغ مالية، علناً ودون مواربة، ظلت تلك السيارات تعمل على مدار يومى الانتخابات. رابعاً: الشعب. والذى أدار المعركة الانتخابية بما لا يخطر على بال أى محلل من المحللين الذين امتلأت بهم القنوات الفضائية، وكان القطاع الأكبر من هذا الشعب، وهم الشباب، هم من رفضوا ترك أعمالهم للذهاب إلى لجان الانتخابات، وكان يعنى فشل المرشحين فى الحشد الجماهيرى للذهاب إلى الصنادق، وهو ما يعنى عدم اقتناع بعضهم بقدرة المرشحين العقلية والذهنية على تحريك الوضع على مستوى تحقيق العدالة الاجتماعية التى نادوا بها فى ثورتهم. والتى من أجلها خلعوا مبارك، وأزالوا نظاماً جثم على قلوب المصريين ثلاثين عاماً. لأجل هذا ظهرت نتيجة الانتخابات، على النحو الذى شهدناه من ضعف الإقبال، وهو لا يقدح فى سلامة الانتخابات من الناحية القانونية، لأن القانون لم يشترط نسبة حضور معينة.