رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وفاة الرئيس الإيرانى

حالة الغموض التى بدأت، ظهر أمس الأول الأحد، بسقوط مروحية الرئيس الإيرانى، لن ينهيها إعلان وفاته وكل مَن كانوا على متنها: وزير الخارجية، إمام جمعة تبريز، محافظ أذربيجان الشرقية، رئيس وحدة حماية الرئيس، وعنصر من فيلق أنصار المهدى، التابع لـ«الحرس الثورى»، والطيار ومساعده و... و... والمهم، الآن، هو أن الحكومة الإيرانية أكدت، فى بيان، أنها ستواصل العمل، دون أدنى خلل.

رئيس جمهورية إيران، بموجب المادة ١١٣ من الدستور الإيرانى، هو «أعلى مسئول رسمى فى البلاد بعد المرشد الأعلى»، وهو «المسئول عن تنفيذ الدستور ورئاسة السلطة التنفيذية»، وحسب المادة ١٣١ من الدستور نفسه، فإنه حال وفاة رئيس الجمهورية «يتولى النائب الأول للرئيس أداء وظائف رئيس الجمهورية، ويتمتّع بصلاحياته، بموافقة قائد الثورة الإسلامية»، على أن تعمل «هيئة مؤلفة من رئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية والنائب الأول لرئيس الجمهورية على اتخاذ الترتيبات اللازمة لانتخاب رئيس جديد خلال مدة أقصاها ٥٠ يومًا». وعليه، بات متوقعًا إجراء الانتخابات الرئاسية قبل نهاية يوليو المقبل، بدلًا من تلك التى كان من المقرر إجراؤها فى السنة المقبلة.

بالفعل، تولّى محمد مخبر، النائب الأول للرئيس، مهام رئاسة الجمهورية، وعقد اجتماعًا استثنائيًا، صباح أمس الإثنين، مع رئيسى السلطتين التشريعية والقضائية، قال خلاله إنه سيسير «على درب الرئيس رئيسى». وبالتزامن، أكد المجلس الاستراتيجى للعلاقات الخارجية أن مسار السياسة الخارجية للبلاد سيستمر «بكل قوة» فى تنفيذ توجيهات «المرشد الأعلى» على خامنئى. ما يعنى أن إيران ستستمر فى تحسين علاقاتها بدول الجوار، وفى تنفيذ الاتفاق الذى عقدته مع السعودية، فى مارس ٢٠٢٣، بوساطة صينية، كما ستواصل، أيضًا، إذابة ما تبقى من الجليد مع مصر والدول العربية إجمالًا.

الأوضاع، إذن، تبدو مستقرة، غير أن الواقع يقول إن الرحيل المفاجئ لإبراهيم رئيسى، الرجل الثانى، المرشح الأقرب لخلافة الرجل الأول، أو المرشد الأعلى، فى هذا الوقت الحرج، الذى تزداد فيه أزمات إيران الداخلية وتحركاتها الخارجية، ستكون له تداعيات كبيرة، فى الداخل والخارج، وقد يضع القيادة الإيرانية فى حالة من الارتباك. كما تقول عشرات الوقائع السابقة، المماثلة، إن سنوات، وربما عقودًا، تفصلنا عن فك غموض الحادث ومعرفة ما إذا كان مدبرًا أو قضاءً وقدرًا.

بانتخابه رئيسًا للجمهورية، منتصف ٢٠٢١، ورث الرئيس الراحل العديد من الأزمات، أبرزها اقتصاد البلاد المسحوق تحت العقوبات، وتأثيرات وباء كورونا، والجمود فى مفاوضات الاتفاق النووى، و... و... والعلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، التى زاد توترها منذ ٧ أكتوبر الماضى، وصولًا إلى قيام إيران، فى ١٣ أبريل، بأول هجوم مباشر لها على إسرائيل، عبر مئات الصواريخ وسرب من الطائرات المُسيّرة، الذى تبعه بأيام قليلة، تعرض إيران لهجوم بمسيّرات صغيرة.

الهجوم الإيرانى جاء ردًا على القصف الجوى الإسرائيلى للقنصلية الإيرانية فى دمشق، الذى أسفر عن تدمير مبنى القنصلية ومقتل سبعة من كبار ضباط «الحرس الثورى» الإيرانى. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن إيران استقبلت السنة الجارية بتفجيرين فى مدينة كرمان، أعلن تنظيم «داعش» عن مسئوليته عنهما، بينما وجّه مسئولون إيرانيون كبار أصابع الاتهام إلى إسرائيل والولايات المتحدة. وذكرت قناة «العالم» الإيرانية أن الرئيس رئيسى «توعّد الكيان الصهيونى بأنه سيدفع ثمن جريمة كرمان غاليًا». ووقتها، وصفت الخارجية الأمريكية قيام طهران بتحميل واشنطن أو تل أبيب مسئولية التفجيرين بأنه أمر سخيف! 

.. وتبقى الإشارة إلى أن مصر تابعت، بقلق بالغ، أنباء تعرّض طائرة الرئيس الإيرانى ووزير الخارجية والوفد المرافق لحادث مروع، وأعلنت فى بيان، أصدره المتحدث باسم وزارة الخارجية، عن تضامنها مع حكومة وشعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية فى هذا الظرف الدقيق. وبمجرد إعلان خبر وفاة «رئيسى» ومرافقيه، تقدّم الرئيس عبدالفتاح السيسى بخالص التعازى والمواساة إلى الشعب الشقيق، داعيًا الله عز وجل أن يتغمد الرئيس الإيرانى الفقيد والراحلين بواسع رحمته، ويلهم أسرهم الصبر والسلوان، معربًا عن تضامن مصر مع القيادة والشعب الإيرانى فى هذا المُصاب الجلل.