رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القصة الكاملة لرواية "الحوريات" ومؤلفها

"فتوى بإعدامه علنًا".. هل تُوجت "حوريات" كمال داود بـ"الجونكور" بسبب دعمه إسرائيل؟ (خاص)

كمال داود عقب إعلان
كمال داود عقب إعلان فوزه بجائزة جونكور

أحدث فوز الكاتب الروائي الجزائري ــ المقيم في فرنسا ــ كمال داود، بجائزة جونكور، أول أمس الإثنين، عن روايته "الحوريات"، جدلًا واسعًا وممتدًا في الساحة الثقافية، ليس فقط الجزائرية بل امتد إلى المثقفين العرب، فما أسباب هذا الجدل الصاخب حول الفائز والرواية، وهل منعت الرواية بالفعل من التداول في الجزائر؟ هذا وغيره من التفاصيل الكاملة نرصدها لكم في هذا التقرير.

"حوريات" كمال داود تقتنص جائزة جونكور الفرنسية

فاز الكاتب الجزائري، كمال داود بجائزة جونكور للعام الجاري 2024، والتي تعد من أبرز الجوائز الأدبية الفرنكفونية، عن روايته الصادرة عن دار جاليمار باللغة الفرنسية تحت عنوان "الحوريات" والتي ترصد ما مرت به الجزائر من حرب أهلية خلال عقدين من الزمن، تحديدا تسعينيات القرن المنصرم، أو ما اصطلح علي تسميتها بـ"العشرية السوداء".

وبين محتفي ومفتخر بفوز مواطنهم كمال داود بجائزة جونكور، وبين من يحط من شأن الرواية ومؤلفها، ويفسر حصوله علي الجائزة باقتطاع مجتزأ من حوار صحفي له، اتهم علي خلفيته بالتطبيع ومساندة إسرائيل. 

وبحسب الناقد "أنطون جوكي"، في دراسة له عن رواية "الحوريات": رواية هي عبارة عن مونولوج صادِم وطويل يضعه صاحب كمال داود على لسان شابة جزائرية تتوجّه فيه إلى الجنين (أنثى) في بطنها بغية سرد قصّتها لها وتبرير قرارها وضع حد لنموه داخل أحشائها.

اسم هذه الشابة فجر. ولا مصادفة في اختيار الكاتب هذا الاسم لها، كونها تحمله "مثل لافتة منيرة في أكثر الليالي حلكة". فقبل أن تبلغ سنّ السادسة، تعرّضت للذبح خلال تلك المجزرة الرهيبة التي وقعت في شمال غرب الجزائر، في 31 ديسمبر 1999، وراح ضحيتها 1001 شخص. ذبحٌ من الوريد إلى الوريد، ومع ذلك، أفلتت من الموت، بخلاف جميع أفراد عائلتها. 

ولذلك، لديها تاريخ ميلاد آخر هو الأول من يناير 2000 الذي اُنقِذت فيه حياتها، أو بالأحرى "نصف حياتي"، لأن لا أحد يخرج سالمًا من تجربة بهذه الفظاعة. 

هل دعم كمال داود لإسرائيل وراء فوزه بجائزة جونكور؟

وعلى الجانب الآخر وبعد دقائق من إعلان فوز كمال داود والذي يوصف بـ"الكاتب الفرنكوفوني"، نشر الكاتب الفلسطيني الأردني، فخري صالح منشور عبر حسابه الشخصي بالفيسبوك يتهم فيه "داود" بدعم إسرائيل، قائلًا: “على هذه الخلفية يمكننا تفسير فوز الكاتب الجزائري كمال داود بجائزة جونكور الفرنسية. هذا ما كتبه بعد 7 أكتوبر 2023 في مجلة لوبوان في مقالة بعنوان (رسالة لإسرائيلي مجهول): ”لقد استغرق الأمر مني وقتًا طويلًا حتى أتمكن من مقابلة شعبكم ومحاولة فهم تاريخكم. وأعتقد، وربما أخطئ، أنّنا لا نفهم في بلادنا غضبك من العيش بعد قرون من محاولات الإبادة. ولا نفهم شيئًا من معاناتك القديمة أو الثقل المروع للأرض التي تم استعادتها أخيرًا. ولا نفهم أنّك في حربك تريد الدفاع عن نفسك ضد الموت المطلق، واختفاء أحبائك نهائيًا، سواء كانوا أحياء أو أمواتًا”.

واعتبر "صالح" أن مقال كمال داود: "تبرير للإبادة الجماعية للفلسطينيين على أيدي ضحايا الغرب، فهل ثمة عمى أيديولوجي وأخلاقي أكثر من هذا؟ فلتهنأ بالجائزة، لكن كثيرين سيرون فيها مكافأة على موقف انتهازي وكراهية للذات".

مثقفون جزائريين: قرار منع “الحوريات” غير رسمي

وحول ما أشيع من أن رواية "الحوريات" الفائز عنها كمال داود بجائزة جونكور، صدر قرار بمنعها من التداول أو النشر في الجزائر، قال المترجم والناقد الجزائري بو داود عمير، في تصريح خاص لـ"الدستور": قرار منع الرواية، ليس قرارًا رسميًا، ولكن هناك منع ما، دار النشر الجزائرية "برزخ" التي عادة تطبع أعماله ــ كمال داود ــ امتنعت عن طبع ونشر الرواية، كما أن دار النشر الفرنسية جاليمار التي أصدرت الرواية، لن تتواجد في معرض الكتاب الدولي، الأسبوع القادم.

ومن جانبه، وحول تقديم الصحافة الفرنسية وإعلان جائزة جونكور كمال داود بأنه فرنسي من أصل جزائري وهل لهذه التسمية علاقة بفوزه بالجائزة، قال الكاتب الجزائري أحمد طيباوي لـ"الدستور": هناك من هو أقدر مني على الخوض في الموضوع أنا الصراحة غير مهتم، فاز أو لم أفز. وعن حقيقة منع الرواية، قال "طيباوي": لا أظن، عادة النظام عندنا أذكى من ذلك.

فتوى بتكفير صاحب جونكور

في عام 2014 حل الفائز بجائزة جونكور، كمال داود، في ضيافة برنامج "لم ننم بعد"، والذي تبثه القناة الفرنسية الثانية، وخلال اللقاء قال داود في رده علي سؤال الهوية العربية: "أنا لم أشعر بنفسي يومًا عربيًا، وأنه جزائري وليس عربيًا" معتبرًا أن العروبة تعني الاحتلال والسيطرة، مضيفًا: "علاقة العرب بربهم هي من جعلتهم متخلفين". 

وعقب بث اللقاء أصدر عبدالفتاح زيراوي حمداش، مسئول تنظيم جبهة الصحوة السلفية بالجزائر، فتوى بتكفير كمال داود والمطالبة مطالبًا بإعدامه علنًا.

رؤية كمال داود للقرآن الكريم

وفي حوار منشور له بجريدة "اللوموند" الفرنسية في العام 2018، ترجمه مدني قصري، قال كمال داود ــ بصفته كاتبًا ذا ثقافة إسلامية ــ مجيبا علي سؤال: “ما رؤيتك للكتاب المقدَّس للإسلام، القرآن الكريم؟:”أرفض أن يكون الكتاب محتكرًا من قبل رجال دين، والخطباء، والحركات السياسية؛ أنا أرفض ألا يكون الكتابُ المقدّس (القرآن الكريم) كتابًا للإنسان، إذا كان القرآن الكريم قد منحه الله للإنسان، فإنّه يجب أن يكون في مستوى مهام الإنسان وسعيه، وقدرته على فكّ شفرات هذا الكتاب وتفسيره، وهذا ليس هو حالنا اليوم، وهو يعني أنّ هذا الكتاب المقدس ليس ملتصقًا بقلقنا، لكن بيقيننا المسبق؛ فهو لا يقترب منا من خلال شكوكنا، لكن عن طريق الحقائق المطلقة والثابتة المفروضة علينا.