الحرب بالشائعات الكاذبة
ذات يوم قال جوزيف جوبلز «بوق الإعلام النازى وذراع هتلر القمعية ضد حرية الفكر والتعبير»: اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس.
ونشر الشائعات الكاذبة هو سلاح فعال وقوى لتدمير الجبهة الداخلية لأى أمة تفتقد العقلاء والمفكرين، ويذكرنا التاريخ أن حروبًا ضارية اندلعت لمجرد شائعة كاذبة كما أن تاريخنا الإسلامى، يؤكد أن تلك الشائعات أدت إلى مقتل معظم الصحابة والخلفاء الراشدين.
أما فى مصرنا المحروسة فحدث ولا حرج.. إجمالى عدد الشائعات، تقريبًا وصل لنحو 90 ألف شائعة فى هذا العام، ومن الملفت للنظر الزيادة المضطردة سنويًا فى عدد الشائعات فقد بلغت الزيادة 18.8% عام 2023 عن عام 2022، الذى بلغت الزيادة فيه 16.7% عن سابقه، وهكذا تتكاثر الشائعات سرطانيًا، ما يؤثر على مناعة الجبهة الداخلية.
مخطط استنزاف الحكومة بحزمة من الشائعات الكاذبة يوميًا بات مزعجًا وماكينة الشائعات المعادية تعمل على مدار الساعة فى إنتاج أخبار محبطة، ومعلومات مشككة وأرقام مضروبة وحكايات مفبركة، وتتكفل مواقع وصفحات وحسابات الإخوان والتابعين بتصديرها إلى داخل مصر؛ لإقلاق راحة الطيبين.
على سبيل المثال لا الحصر شائعة إصدار قرار بمنع جميع أصحاب الأمراض من السفر لأداء مناسك الحج وانحسار مياه البحر عن بعض شواطئ الجمهورية، ما ينبئ بحدوث تسونامى وتوجيه وزارة الصحة فرقًا طبية للمرور على المنازل؛ لتحصيل مبالغ مالية من المواطنين مقابل إجراء تعاقدات مع العيادات وشائعة اعتزام الحكومة تنفيذ خطة شاملة لهدم وإزالة مساجد «آل البيت» لصالح مشروعات استثمارية، وفرض شركات الاتصالات رسومًا على متلقى المكالمة التليفونية.
القصف المعلوماتى المكثف والمركز الذى تتعرض له الدولة المصرية مباشر ودقيق، ويضرب فى اتجاهات ومحاور بعينها، وأحيانًا للتشتيت وفى الغالب يستهدف العمق الشعبى.. يقينًا ليست شائعات كيدية ولكنها سياسية تستهدف كل منجز على أرض الوطن.
الاستنزاف الممنهج بلغ حد الخطورة التشكيك طال حتى مياه البحر، فضلًا عن مياه النيل وتعطيش مصر بسبب سد النهضة.
معلوم أن الحروب النفسية «صناعة التشكيك» تقدمت كثيرًا والسوشيال ميديا أمدتها بتقنيات وآليات تنشر الشائعات كنشر العدوى فيروسات معدية ومتحورة، وتصيب أجهزة المعلومات بالتشويش وتنفث فيروسات متحورة معدية فى الجهاز المناعى للحكومة.
الشائعة الأخيرة التى استفزتنى هى شائعة وصول سفينة ألمانية لميناء الإسكندرية تحمل متفجرات وذخيرة لدولة الكيان لقتل إخوتنا فى غزة ولبنان.. ورغم سذاجة الشائعة لأن البحر المتوسط ملىء بالموانئ الأوروبية والإسرائيلية، فما الهدف من الذهاب لميناء الإسكندرية؟ إلا أن تلك الشائعة تناقلها السذج والعامة وزادوا عليها بأن أفيخاى أدرعى المتحدث العسكرى الإسرائيلى قام بشكر مصر لمساعدتها الكيان فى استقبال تلك الذخيرة والمتفجرات، وأن منظمة العفو الدولية استنكرت موقف مصر لاستقبالها تلك الشحنة، كذلك زادوا بأن مصر شوشت على مسار السفينة، وأن هناك تعاونًا مصريًا إسرائيليًا لإبادة شعب غزة.
ورغم أن تلك الشائعة تتعارض مع أى منطق سوى، إلا أن المتحدث العسكرى المصرى أصدر بيانًا شافيًا وواضحًا أنكر فيه كل هذه الشائعات المغرضة... حمى الله مصر من كل شر وأعانها على دحر كيد أعدائها فى الخارج والداخل.