رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أيهما الأفضل العينى أم النقدى؟

بدأت اللجان المختصة بالحوار الوطنى فى تلقى المقترحات من كل الجهات والتيارات السياسية والاقتصادية المختلفة والمتخصصين بشأن قضية الدعم، التى ستشغل الحوار الوطنى فترة طويلة لما تمثله هذه القضية من أمن قوم داخلى يمس فئات كثيرة من المصريين. فقضية الدعم، سواء كان عينيًا أو نقديًا طبقًا لما ينتهى إليه الحوار، تشغل بال جميع المصريين، لأنها من الملفات الشائكة بالبلاد. وتأتى فى إطار الحماية الاجتماعية التى توفرها الدولة.

وتعتبر سياسات الدعم فى مصر قضية بالغة الأهمية، حيث تسعى الحكومة من خلالها إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر احتياجًا. ومع ذلك، فإن هذه السياسات لها آثار متباينة ومتعددة على مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية. وتسهم سياسات الدعم فى توفير سلع أساسية بأسعار مخفضة، ما يخفف من الأعباء المالية على الأسر الفقيرة ويعزز قدرتها على تلبية احتياجاتها الأساسية. وتساعد هذه السياسات فى الحفاظ على الاستقرار الاجتماعى من خلال تخفيف حدة التفاوتات فى الدخل وتقليل الاحتقان الاجتماعى، كما تسهم فى تحفيز الطلب الكلى وتعزيز النمو الاقتصادى.

ورغم ذلك فإن الدعم الحالى بهذه الطريقة يؤدى إلى تشويه فى الأسعار، حيث يتم بيع السلع المدعمة بأسعار أقل من تكلفتها الحقيقية، ما يؤدى إلى نقص فى المعروض وظهور سوق سوداء، ويتسبب فى مشاكل الهدر والإساءة للاستخدام، حيث يستفيد من الدعم أحيانًا من لا يستحقونه، بينما يحرم منه المستحقون. ويمثل الإنفاق على الدعم عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة، ما يحد من قدرتها على الإنفاق على قطاعات أخرى مثل التعليم والصحة والبنية التحتية، إضافة إلى تثبيط الإنتاج المحلى فى بعض القطاعات، حيث يتم توفير السلع المدعمة بأسعار أقل من تكلفة الإنتاج.

يعتبر الدعم النقدى أكثر استهدافًا وفاعلية من الدعم العينى، حيث يمنح الأسر حرية الاختيار فى شراء السلع التى تحتاج إليها. ويساعد النظام المعلوماتى المتكامل فى تحديد المستحقين بدقة، وتتبع الإنفاق ومكافحة التهريب، وتعتبر سياسات الدعم فى مصر قضية بالغة الأهمية، إذ تؤثر بشكل خطير على حياة المواطنين. ويتضمن نظام الدعم فى مصر مجموعة متنوعة من البرامج التى تستهدف دعم الفئات الأكثر احتياجًا، ومن أهم هذه البرامج الدعم السلعى الذى يتمثل فى تقديم سلع أساسية بأسعار مخفضة، مثل الخبز والسكر والزيت، والدعم النقدى يتمثل فى تقديم مبالغ نقدية مباشرة للأسر المستحقة، أما دعم الطاقة فيتمثل فى تقديم دعم للوقود والكهرباء.

والدعم النقدى يمنح الأسر حرية الاختيار فى شراء السلع التى تحتاج إليها، ويقلل من الهدر، بخلاف العينى الذى يعانى مشاكل الهدر والتهريب، ولا يستهدف الفئات الأكثر احتياجًا بشكل دقيق.

والدعم النقدى قد يؤدى إلى ارتفاع الأسعار، ويحتاج إلى نظام معلوماتى متطور لإدارته.

وأقترح لتحسين نظام الدعم الانتقال التدريجى إلى النقدى الذى يعتبر أكثر كفاءة واستهدافًا، ويسهم فى تحسين كفاءة الإنفاق الحكومى وتحديد المستحقين بدقة، وتتبع الإنفاق، ومكافحة التهريب.

ويمكن ربط الدعم النقدى ببرامج تدريبية لتمكين المستفيدين من زيادة دخلهم.

ولا تخفى مساهمة برامج الضمان الاجتماعى فى الحد من الفقر، وتقليل الحاجة إلى الدعم.

ولا بد من إجراء تقييم مستمر لسياسات الدعم لتحديد نقاط القوة والضعف، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسينها.

أيهما إذن أفضل؟ الدعم العينى أم النقدى؟

بشكل عام يعتبر الدعم النقدى أكثر كفاءة واستهدافًا من الدعم العينى، ومع ذلك، فإن الانتقال إلى الدعم النقدى يتطلب تخطيطًا دقيقًا وبناء قدرات المؤسسات الحكومية. كما تجب مراعاة الظروف الاقتصادية والاجتماعية فى مصر عند اتخاذ أى قرار بشأن نظام الدعم.