رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ذاكرة حرب أكتوبر.. محطات فى حياة السادات فى ذكرى توليه الحكم

السادات
السادات

تحل اليوم 16 أكتوبر ذكرى تولي الرئيس الراحل محمد أنور السادات مقاليد الحكم خلفًا للرئيس جمال عبدالناصر في ذلك اليوم عام 1970، الذي وافته المنية في 28 سبتمبر من العام نفسه، وفي ذكرى توليه الحكم.

أثبت السادات أنه كان ثعلبًا مصريًا، رجلًا عرف كيف يراوغ العدو ويرهقه، عاش مطاردًا من الإنجليز قبل الثورة يجيد التخفي والمراوغة والخداع، عرف دهاليز السياسة وخططها حتى أعاد الأرض المحتلة كاملة لمصر، أثبت السادات قدرته الفائقة على إدارة الصراع، حيث قاد مصر في حرب أكتوبر 1973، التي شكلت نقطة تحول في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وأعادت لمصر مكانتها العسكرية والسياسية على الساحة الدولية.

تستعرض "الدستور" ضمن سلسلة "ذاكرة حرب أكتوبر" أبرز المحطات في حياة الرئيس الراحل محمد أنور السادات رجل الحرب والسلام.

وجاء تولي السادات الرئاسة بعد فترة وجيزة من تسييره شؤون البلاد كنائب للرئيس، حيث كانت البلاد تمر بمرحلة عصيبة من الحداد على زعيمها التاريخي الذي قاد مصر نحو 15 عامًا، وكذلك وقوع سيناء تحت الاحتلال عقب نكسة 1967.

أنور السادات، الذي وُلد في 25 ديسمبر 1918، كان أحد الأعضاء البارزين في حركة الضباط الأحرار التي أطاحت بالملكية في مصر عام 1952، وقد شغل عدة مناصب حكومية مرموقة قبل أن يصبح نائبًا للرئيس. 

وبعد وفاة عبدالناصر، لم يكن انتقال السلطة للسادات بالسهولة التي قد يتخيلها البعض؛ فقد واجه الرجل تحديات كبيرة على المستويين الداخلي والخارجي، خاصة مع وجود أسماء أخرى في القيادة السياسية كانت تطمح للعب دور أكبر في تلك المرحلة الحساسة.

 

مرحلة ما بعد عبدالناصر.. إرث ثقيل ومسئوليات ضخمة

عندما تولى السادات رئاسة الجمهورية رسميًا، كان أمامه إرث ثقيل تركه عبدالناصر؛ زعيمٌ وضع بصماته العميقة في تاريخ مصر الحديث من خلال سياساته الاشتراكية ومواقفه القومية العربية، وكان من المتوقع أن يواصل السادات السير على نفس النهج، إلا أن السادات كانت لديه رؤية مختلفة للمستقبل.

على الصعيد الداخلي، كان الوضع الاقتصادي في مصر يعاني نتيجة لتبعات الصراع العسكري مع إسرائيل، وكان المواطن المصري ينتظر حلًا لأزمة الغذاء والبطالة التي تفاقمت مع الوقت، هنا ظهر ذكاء السادات الذي اختار اتباع سياسات اقتصادية جديدة تُعرف بـ"الانفتاح الاقتصادي"، محاولًا تحفيز الاستثمار الداخلي والخارجي.

أما على الصعيد الخارجي، فقد وجد السادات نفسه مضطرًا إلى التعامل مع وضع معقد في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت العلاقات بين مصر وإسرائيل في حالة من التوتر الدائم بسبب النزاع حول الأراضي المحتلة. 

 

السادات.. رجل عاش من أجل السلام

بعد النجاح في حرب أكتوبر، بدأ السادات مرحلة جديدة في تاريخ مصر وهي مرحلة السلام، حيث اتخذ قراره الشجاع بزيارة إسرائيل في عام 1977، وهي الخطوة التي أثارت جدلًا كبيرًا في الوطن العربي، لكنها مهدت الطريق لتوقيع اتفاقية السلام في كامب ديفيد عام 1978 بين مصر وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة. هذه الخطوة جعلت السادات الشخصية الأولى في العالم العربي التي توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل، وهو ما أكسبه جائزة نوبل للسلام في عام 1978.

على الرغم من أن السادات تعرض لانتقادات واسعة بسبب هذا القرار، إلا أن إرثه يظل مرتبطًا بتلك الرؤية البعيدة الأمد التي أسهمت في استعادة الأراضي المصرية المحتلة ووضع مصر على طريق السلام والاستقرار.

 

محطات في حياة السادات 

أصبح أحد أعضاء "حركة الضباط الأحرار"، وهي الحركة التي أسسها جمال عبدالناصر في عام 1952 للإطاحة بنظام الملك فاروق.

 

عضو في الحكومة بعد ثورة 1952

بعد نجاح ثورة يوليو 1952، أصبح السادات عضوًا في الحكومة الجديدة التي شكلها الضباط الأحرار، تولى العديد من المناصب، وكان من أبرزها دوره كمساعد للرئيس جمال عبدالناصر، ورغم انشغاله بالمجال السياسي، إلا أن السادات لم يبتعد عن الحياة العسكرية وظل مرتبطًا بها طوال مسيرته.

 

منصب نائب الرئيس

في عام 1969، وبعد أن ازدادت التوترات السياسية والاقتصادية في مصر، أصبح السادات نائبًا للرئيس عبدالناصر. كانت هذه الفترة حافلة بالتحديات، حيث خاضت مصر حرب الاستنزاف بعد حرب 1967، وكان السادات يشارك بفعالية في وضع الاستراتيجيات العسكرية والسياسية.

 

تولي الرئاسة خلفًا لعبد الناصر 

في 28 سبتمبر 1970، توفي جمال عبد الناصر فجأة، ليخلفه السادات في منصب رئيس الجمهورية، وقد كان انتقال السلطة إلى السادات مرحلة حساسة، تمكن السادات من إعادة بناء الاقتصاد المصري من خلال سياسة "الانفتاح الاقتصادي"، التي ساعدت في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

 

حرب أكتوبر 1973.. انتصار جديد لمصر

تعتبر حرب أكتوبر 1973 من أبرز محطات حياة السادات، حيث قاد مصر في واحدة من أعظم انتصاراتها العسكرية ضد إسرائيل، حرب أكتوبر، التي أثبتت براعة الجيش المصري ورفعته إلى مصاف القوى الكبرى، كانت بمثابة نقطة تحول في المنطقة بأسرها، فقد أدت هذه الحرب إلى تحسين الوضع العسكري والسياسي لمصر، وفتحت الباب أمام السلام مع إسرائيل.

 

السلام مع إسرائيل وزيارة القدس

بعد انتصار حرب أكتوبر، قام السادات بخطوة جريئة استثنائية من خلال زيارة إسرائيل في عام 1977. هذه الزيارة، التي أثارت جدلًا واسعًا في العالم العربي، مهدت الطريق للتوصل إلى اتفاقية كامب ديفيد في عام 1978، حيث وقع السادات اتفاقًا للسلام مع إسرائيل برعاية الولايات المتحدة، هذه الخطوة أكسبت السادات جائزة نوبل للسلام عام 1978، لكنها أيضًا أثارت انتقادات شديدة من بعض الدول العربية التي اعتبرت السلام مع إسرائيل خيانة للقضية الفلسطينية.

 

اغتيال السادات.. رجلا مات من أجل المبادئ

في 6 أكتوبر 1981، بينما كان السادات يشارك في احتفالات ذكرى انتصار حرب أكتوبر، تعرض لاغتيال على يد مجموعة من الإرهابيين أثناء عرض عسكري، كانت هذه اللحظة نهاية مأساوية لفترة حكمه، لكنه ترك إرثًا سياسيًا لا يُنسى في تاريخ مصر.

لقد استطاع السادات أن يقلب موازين التاريخ، ويترك بصمة تُدرس في مناهج السياسة والتاريخ، ليظل واحدًا من أعظم قادة مصر وأكثرهم تأثيرًا في العصر الحديث.