رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

138 عامًا على ميلاد "شاعر الوجدان".. ماذا قال عبدالرحمن شكرى عن نرجسيته؟

عبد الرحمن شكري
عبد الرحمن شكري

138 عامًا مرت على ميلاد الشاعر عبدالرحمن شكري، إذ ولد يوم 12 أكتوبر لعام 1886، في مدينة بورسعيد، وأصبح أحد أعمدة مدرسة الديوان التي وضعت مفهومًا جديدًا للشعر في أوائل القرن الميلادي الماضي، فقد كان شعره من غير شك أبقى آثاره الأدبية، وأجلها شأنًا، وأدلها على لون أدبه.

لم يكن عبدالرحمن شكري شاعرًا ومفكرًا فقط، بل كان ناقدًا لعبت آراؤه النقدية دورًا كبيرًا في الأدب العربي الحديث، ووجهته نحو وجهة تجديدية بناءة، ورغم ذلك كان يتمتع بنرجسية، وهو ما أوضحه في تقرير نشر بمجلة "العربي" بعددها رقم 79 والصادر بتاريخ 1 يونيو 1965، قائلًا: الشعراء مصابون دائمًا بالنرجسية، لأنهم كثيرو الانطواء على أنفسهم والتفكير فيها.

نرجسية عبدالرحمن شكري

ويصف عبدالرحمن شكري نرجسيته بقوله: يظهر الشاعر وفيه من الكبر والغرور ما لو وزع على الناس لملأ نفوسهم، وينظم القصيدة فكأنه تمخض عن وليد، وبحسب أنه لو وضع شعره في كفة ميزان ووضع الوجود في كفة أخرى لرجح شعره، ويرى أن الذكاء مقصور على الشعراء.

وينتقل من التعميم إلى التخصيص ويتحدث عن نفسه: إني لأذكر يوم نشرت لي أول قصيدة، وقد اشتريت الجريدة التي نشرت فيها وصرت أقرأ القصيدة مرات عديدة، وكان يخيل لي أن الحروف ترقص على الجريدة، وصرت أخبط خبط الضال في الطرق والأزقة، وكلما نظر إلى أحد حسبته قد قرأ القصيدة وأعجب بها، وكان يخيل إلى أنها أحدثت أثرًا باقيًا في نفوس الناس، وأنها أصلحت من عواطفهم وقوتهم، وزادت في عظم نفوسهم، وأنها ستحدث تغييرًا كبيرًا في سنن الوجود وأنظمته.

عبدالرحمن شكري والنقد

كان عبدالرحمن شكري يضيق صدرًا بالنقد ولا يطيق سماع أي ملاحظة على شعره أو نثره، وهو لم يتجاوز الصدق في اعترافاته، وهو يقول "حين قرأت نقدًا لقصيدتي في إحدى الجرائد خيل لي عند قراءته أن هناك مؤامرة في هذا الوجود يراد بها ضر والإساءة إلي".

وتخلص شكري من أسر الأوهام وأغلال الخرافات، ولكنه انتقل إلى النقيض وهو الإنكار والجحود، ولكن نفسه لم تقنع بالإنكار، وحاول أن يفسر لنفسه لماذا خلق وإلى أين يذهب، وثقلت وطأة الشك على نفسه فكان "يهيم في شوارع المدينة" ليلًا لأن الليل أشبه ما كنت فيه من اليأس والحزن، وشغلت باله مشكلة الحياة والموت، والبقاء والفناء، وود لو صدم الكرة الأرضية كوكب ضال حتى يستريح من عبث الحياة وأهوالها وجرائمها وحماقاتها.

ثم ثاب إلى الإيمان بما أسماه "روح الوجود"، ويقول في ذلك "علمني الإيمان أن للوجود روحًا كبيرة لها حياة وشخصية وأن هذه الروح توحى إلى أرواح الأفراد بما تريد ولها من المقادير جنود"، ولم يسترسل شكري في وصف هذا الإيمان الذي استراح إليه وألقى مراسيه على شاطئه، ولكن الاعتقاد بالخرافات ظل يعاوده من الحين إلى الحين برغم المراحل الفكرية التي مر بها، فكان يزعجه مواء السنانير، ويخاله أنين الأرواح الحائرة المعذبة التي تتخذ الليل جلبابًا وتفرغ في جنباته ما تعانيه من العذاب.