رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

3 خبراء غربيين يرسمون «سيناريو يوم القيامة» فى المنطقة

جريدة الدستور

اتفق عدد من الخبراء الغربيين على أن منطقة الشرق الأوسط تنزلق نحو منعطف خطر للغاية، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فى ظل محاولات رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، تنفيذ مخططه للاستفادة من فترة الانتخابات الأمريكية لضم مزيد من الأراضى دون دفع أى ثمن.

وأوضح الخبراء، خلال حديثهم لـ«الدستور»، أن توقف مفاوضات وقف إطلاق النار فى القطاع سيعجل بالرد الإيرانى على اغتيال إسماعيل هنية، القائد السياسى لحركة «حماس»، فى طهران، ما يضيف مزيدًا من التعقيد للمشهد الاستراتيجى، مؤكدين أن مصر تلعب دورًا محوريًا فى تهدئة الأوضاع بالمنطقة، وأن قوتها الاستراتيجية وموقفها الرافض للتهجير أجبرا «نتنياهو» على التراجع عن مخططه الهادف لدفع الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء. 

مدير المركز الأوروبى للدراسات:  قوة مصر وراء عدم جرأة إسرائيل على دفع الفلسطينيين إلى سيناء

قال ماهر نيقولا الفرزلي، مدير المركز الأوروبى الآسيوى للدراسات، إن الصراعات بمنطقة الشرق الأوسط تتجه نحو التوسع مع تصاعد التوترات بسبب رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، ونظرته إلى الشهرين المقبلين، أى ما قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، باعتبارهما «نافذة استراتيجية» يعتزم الاستفادة منها قدر الإمكان، عبر تدمير أجزاء من مناطق جنين وأريحا ونابلس ورام الله بالضفة الغربية، وربما يحاول خلالها الاستيلاء على «منطقة عازلة» صغيرة بعمق ١٢ كيلومترًا فى جنوب لبنان.

وأوضح «الفرزلي»، لـ«الدستور»، أن عملية السلام فى غزة، التى تقودها الولايات المتحدة، تعد إلى حد كبير عملًا خياليًا، مثل قصة «شهرزاد»، التى لا تنتهى، مشيرًا إلى أن المفاوضات المستمرة بلا توقف تهدف إلى تقديم فرص لا نهاية لها لالتقاط الصور للبيت الأبيض، لعرض «الجهود الدءوبة» التى يبذلها المسئولون الأمريكيون، الذين يتنقلون بلا كلل بين واشنطن وعواصم الشرق الأوسط.

وأضاف: «ببساطة، فإن بنيامين نتنياهو يُشبه إسحق شامير، رئيس الوزراء الإسرائيلى فى عام ١٩٩١، فهو يعتقد أنه يستطيع استخدام عملية التفاوض لخداع الدبلوماسيين الأمريكيين والأوروبيين، فى حين تعمل الدبابات والطائرات المقاتلة الإسرائيلية على نسف كل فرص السلام الحقيقى، والفرق الوحيد بين عام ١٩٩١ واليوم، هو أن دعم أمريكا أصبح مفتوحًا تمامًا وغير مشروط، وأن الضغط على إسرائيل، حتى ولو بشكل معتدل، أصبح ببساطة غير وارد فى واشنطن اليوم».

وأشار «الفرزلي» إلى أن أعمال العنف الأخيرة التى ارتكبها المستوطنون الإسرائيليون فى الضفة الغربية ستسهم فى إشعال الشرق الأوسط، منوهًا إلى أن «نتنياهو» سعيد بلعب دور «رجل الدولة المعتدل العقلانى» فى مواجهة دور «المستوطن المتعطش للدماء»، الذى يجسده وزير الأمن القومى إيتمار بن غفير.

وأوضح: «نتنياهو يستخدم حركة المستوطنين كتهديد دائم ومعيار أيديولوجى يلوح فى الأفق فوق منطقة الشرق الأوسط، وكأنه يقول (لا تسمونى متطرفًا، فبالمقارنة بهم أنا مسالم) ولعل هذه هى أكبر كذبة».

ولفت «الفرزلي» إلى أن «نتنياهو» لا يستقى أفكاره من الكتاب المقدس، بل إنه خبير إدارة وتسويق وحسابات، تخرج فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وقضى سنوات تكوينه فى بنسلفانيا، وهو فى كثير من النواحى أمريكى أكثر من كونه إسرائيليًا، لذا لا يحركه «الحماس الدينى» أو «الرومانسية الصهيونية»، بل إنه يرى ببساطة أن هناك فرصة استراتيجية عظيمة للاستيلاء على المزيد من الأراضى لإسرائيل بأى ثمن، بما فى ذلك مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين.

وواصل: «يعتقد معظم مخططو السياسات فى وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع (البنتاجون) الآن أن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحاجة إلى النظر إليهما من خلال عدسات مختلفة، فى إطار الحرب الباردة الجديدة، التى تضع الولايات المتحدة فى مواجهة الصين».

وأكمل: «هناك نوع جديد من الحرب لا يتم خوضه بالصواريخ والطائرات النفاثة، ولكن بتريليونات الدولارات من الاستثمارات الجديدة كل عام على طول (طريق الحرير الجديد)، العملاق الذى يربط منشوريا بمانشستر، ومصر قوة محورية مهمة، ويمكن لها أن تستفيد من هذه القوة الاستراتيجية المكتشفة حديثًا إلى حد ما، على سبيل المثال، بإرسال إشارات دفاعية قوية إلى تل أبيب وواشنطن، وهذا هو السبب وراء عدم جرأة نتنياهو على دفع المدنيين الفلسطينيين إلى صحراء سيناء، كما كان بعض المفكرين الاستراتيجيين الإسرائيليين يحبون أن يفعلوا».

أستاذ بـ«جامعة برمنجهام»: إسرائيل سمحت للمستوطنين بمهاجمة الفلسطينيين دون أى اعتبار للقانون

أكد عمر كريم، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة برمنجهام الباحث الزائر فى المعهد الملكى للخدمات المتحدة فى لندن، أنه لا يعتقد أن الشرق الأوسط سوف يشهد أى هدوء ما دامت الحرب مستمرة فى قطاع غزة، خاصة مع اقتراب مفاوضات وقف إطلاق النار من نقطة الانهيار.

وقال: «لا أتوقع إلا مزيدًا من التصعيد، فالمفاوضات المتعثرة من المرجح أن تؤدى إلى رد إيران على اغتيال إسماعيل هنية، القائد السياسى لحركة (حماس)، فى طهران، بشن هجوم على إسرائيل، وهو ما من شأنه أن يفرض ضغوطًا على إسرائيل للرد هى أيضًا، ما من شأنه أن يزيد من تعقيد السيناريو الجيوسياسى فى الشرق الأوسط، ويزيد من الضغوط على الدول العربية للرد على هذا التصعيد بطريقة تتماشى مع الشارع الوطنى». وأضاف: «رد فعل (حزب الله) أثناء التصعيد الماضى كان محدودًا نسبيًا، وبالتالى فهو لن يؤدى إلى مزيد من تصعيد الأمور، ولكن رد الفعل الإيرانى هو الذى يحتاج إلى المراقبة، لأنه سيزيد من تعقيد الأجواء الجيوسياسية».

وشدد على أن عنف المستوطنين فى الضفة الغربية يعد امتدادًا طبيعيًا لما يحدث فى غزة، ويشير إلى أن إسرائيل أعطت الضوء الأخضر للعناصر المتطرفة داخلها لمهاجمة الفلسطينيين كما يحلو لهم دون أى اعتبار للقانون.

وتابع: «سوف يؤدى هذا العنف إلى تعقيد علاقات إسرائيل مع جميع جيرانها، خاصة الأردن». وأكد أن مصر تحاول حتى الآن تيسير التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن استيلاء الجيش الإسرائيلى على ممر صلاح الدين «فيلادلفيا» يتعارض مع التزامات إسرائيل تجاه مصر، وهذا من شأنه أن يؤدى فى نهاية المطاف إلى تعقيد العلاقات الثنائية، ما يعنى أن مصر قد تتخذ مواقف أكثر قوة تجاه إسرائيل.

صحفى أمريكى: توقعات بتوسع دائرة الصراع ليشمل سوريا والعراق ولبنان

رأى فرانك موسمار، الصحفى الأمريكى المتخصص فى الشرق الأوسط عضو الاتحاد الدولى للصحفيين، أن السياسة الأمريكية تواجه تحديات معقدة، مثل موازنة العلاقات مع الحلفاء التقليديين والقوى الناشئة وإدارة التداعيات المترتبة على التدخلات السابقة. أما فيما يتصل بالصراع الإسرائيلى- الفلسطينى، فهناك احتمال لتحول جديد قد يؤدى إلى توسع الصراع ليشمل دولًا مجاورة، مثل سوريا والعراق ولبنان، إذا لم يجر تنفيذ سياسات فعّالة لحل الأزمة. وتتطلب الحلول الدبلوماسية المستدامة بين إسرائيل وحماس بذل جهود مكثفة لإرضاء جميع الأطراف والعمل على تحقيق حل الدولتين، الذى يظل الحل الأمثل لضمان نتائج إيجابية تسهم فى استقرار المنطقة على المدى الطويل». 

وقال: «الآن ليس لدى الجانبين خيارات جيدة فى المفاوضات من شأنها أن تجلب السلام الدائم أو الاستقرار. ومن المؤكد تقريبًا أن إسرائيل ستكون قادرة على احتواء غزة وإضعاف حماس بشكل خطير. وفى أفضل الأحوال، تستطيع إسرائيل استخدام القوة لاحتلال غزة والسيطرة عليها، ولكنها لن تحظى أبدًا بقبول سكان غزة، ولن تكون قادرة على تقديم التنمية الناجحة أو الحياة الكريمة». 

وأضاف: «تصرفات إسرائيل أدت، أيضًا، إلى زيادة حادة فى العداء الغزاوى والفلسطينى والعربى لإسرائيل، وقوضت التعاطف والدعم الذى اكتسبته بعد الغزو الأولى من قِبل حماس. إن أفضل نتيجة للهجوم الإسرائيلى الحالى تبدو على الأرجح هى ترك إسرائيل لغزة إما محتلة جزئيًا على الأقل، أو إنشاء مجموعة أوسع من الحواجز الأمنية والحفاظ عليها، والتى قد تضطر إلى الامتداد إلى ما هو أبعد من الحدود الحالية وتتطلب قوة أمنية أكبر بكثير يجرى نشرها فى المقدمة. وقد يؤدى هذا إلى صراع مطول مع نتائج غير مؤكدة لكلا الجانبين».

وشدد على أن الهدف الاستراتيجى لحماس لا يزال غير واضح، ما يثير تساؤلات حول أهدافها طويلة الأجل. ونظرًا لتاريخها من الهزائم فى المعارك السابقة، يجب أن تكون حماس مدركة أن رد الفعل الإسرائيلى العنيف قد تكون له عواقب بعيدة المدى، فقد يحد من التقدم الكبير فى تحسين العلاقات العربية- الإسرائيلية واتفاقيات إبراهيم ويعكسه. ويؤكد هذا التأثير المحتمل على الآثار الأوسع للصراع والمخاطر العالية التى ينطوى عليها، ما يثير شعورًا بالقلق بشأن التراجع المحتمل للتقدم.

وقال «موسمار» إن رد إيران لن يكون خارج الميليشيات الإقليمية التى سلحتها لعقود من الزمن. فقد ترسخت سياسة إيران فى تسليح الميليشيات فى أعقاب الثورة الإسلامية عام ١٩٧٩. وقبل ذلك، قدمت الولايات المتحدة أنظمة أسلحة مهمة، بما فى ذلك طائرات مقاتلة من طراز «إف-١٤ توم كات»، لحكومة الشاه محمد رضا بهلوى. وبعد الثورة وأزمة الرهائن فى السفارة الأمريكية، توقفت هذه الشحنات وبرامج الصيانة اللازمة. ودمرت حرب إيران، التى استمرت ثمانى سنوات مع العراق فى ثمانينيات القرن العشرين، الكثير من ترسانتها. 

وتابع: «كان تأثير العقوبات الدولية على إيران، بما فى ذلك العقوبات المفروضة على برنامجها النووى، شديدًا، ما حد بشكل كبير من قدراتها العسكرية ومنعها من تلقى أسلحة جديدة، فى حين تلقت إسرائيل ودول الخليج العربى المتحالفة مع الولايات المتحدة أسلحة متقدمة. وفى حين تعمل إيران على تطوير برنامجها الصاروخى، فإنها لا تستطيع أن تضاهى هذه الأسلحة المتطورة، وهى تعتمد على الميليشيات كتهديد غير متكافئ للضغط على كل من إسرائيل والولايات المتحدة».

وأكد أن تصرفات المستوطنين فى الضفة الغربية أشعلت فتيل التوترات الإقليمية المتزايدة فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط؛ إذ خاض مقاتلو «حزب الله» فى لبنان مناوشات عبر الحدود مع الجيش الإسرائيلى، وأطلق المتمردون الحوثيون فى اليمن صواريخ على إسرائيل والسفن التجارية فى البحر الأحمر، كما شنت مجموعات أخرى مدعومة من إيران عشرات الهجمات على المواقع العسكرية الأمريكية فى العراق وسوريا، و«مثل أى حرب، ستكون مشكلة اللاجئين واحدة من المخاوف المهمة، ويمثل نزوح ملايين الفلسطينيين تحديًا لمصر والأردن، اللتين استوعبتا أعدادًا كبيرة من اللاجئين».