الانتخابات البرلمانية السورية
ساعات ويتم الإعلان عن نتائج الانتخابات البرلمانية السورية، التى تنافس فيها ١٥١٦ مُرشّحًا على ٢٥٠ مقعدًا فى «مجلس الشعب»، الذى يمنحه دستور البلاد صلاحيات واسعة، من بينها إقرار الموازنة العامة، وإعلان الحرب والسلم، والتصديق على المعاهدات الخارجية، إضافة إلى سلطته الرقابية على الحكومة، التى تتيح له مساءلة الوزراء، وسحب الثقة من أحدهم، أو من الحكومة برمتها.
صباح أمس، الإثنين، أعلنت اللجنة القضائية العليا للانتخابات فى سوريا عن فتح صناديق الاقتراع، الساعة السابعة صباحًا، فى المراكز الانتخابية أمام الناخبين فى المحافظات السورية. وأكد جهاد مراد، رئيس اللجنة، أن إصرار الدولة السورية على إجراء هذه الانتخابات بكل شفافية يعكس احترامًا للأطر الدستورية، ويسقط كل محاولات التشكيك فيها، لافتًا إلى أن «محاولات البعض ربط هذا الاستحقاق بأطر تخرج عما نص عليه الدستور السورى، تمثّل عدم احترام لسيادة الدولة، وتدخلًا سافرًا فى شئونها الداخلية». والتزامًا بالمادة الـ١٥ من قانون الانتخابات العامة، أشار رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات إلى أن كل أعضاء لجان مراكز الانتخاب فى المحافظات أدوا اليمين القانونية، وتمت تسميتهم من جانب المحافظين.
تلك هى رابع انتخابات برلمانية تشهدها سوريا منذ ٢٠١١، وبعد التعديلات الدستورية التى سمحت بالتعددية الحزبية. والثانية، فى ظل قانون العقوبات الاقتصادية «قيصر»، الذى ضاعف من معاناة السوريين، الذين عصف بهم ما يوصف بـ«الربيع العربى»، ونزل بحوالى ٩٠٪ منهم إلى ما تحت خط الفقر، وبات يستوجب من الدول العربية اتخاذ خطوات جادة لدفع الولايات المتحدة، والدول الحليفة أو التابعة، عربيًا وغربيًا، إلى مراجعة سياستها تجاه الأزمة السورية، وإنهاء العقوبات على دمشق التى تشكل عقبة رئيسية أمام بدء جهود إعادة الإعمار، وإعادة توطين اللاجئين العائدين، لو عادوا.
كعادتها، مع كل انتخابات شهدتها سوريا، أو غيرها من دول المنطقة، قالت وسائل إعلام غربية، أو ستقول، إن هذه الانتخابات ليست حرة أو نزيهة، ونقلت عمن يوصفون بأنهم معارضون، أو ستنقل، إنها «مسرحية عبثية». غير أن الرقصة الأكثر إثارة للدهشة، وربما للسخرية، قدمتها جريدة «الشرق الأوسط» السعودية فى تقرير عنوانه «إيران تعزز أذرعها فى سوريا عبر انتخابات مجلس الشعب»، وصفت فيه المجلس بأنه «صورى لا يملك قراره»، ونقلت عن وائل علوان، الباحث فى «مركز جسور للدراسات»، أن التدخل الإيرانى فى القطاعات المدنية الحكومية وغير الحكومية بدأ فى سوريا منذ سنوات، وسبقه تدخل واسع فى القطاعات الأمنية والعسكرية!
تجرى الانتخابات البرلمانية فى سوريا كل أربع سنوات، ولعلك تعرف أن السنة الماضية شهدت تغيرات، أو تطورات مهمة، كان أبرزها استعادة سوريا مقعدها فى جامعة الدول العربية، استنادًا إلى مذكرة مندوبية مصر الدائمة الصادرة فى ٣ مايو ٢٠٢٣، وانطلاقًا من حرص الدول الأعضاء على أمن واستقرار سوريا، وعروبتها، وسيادتها، ووحدة أراضيها، وسلامتها الإقليمية، والمساهمة فى إيجاد مخرج للأزمة السورية يرفع المعاناة عن الشعب السورى الشقيق، ويضع حدًا للأزمة الممتدة التى تعيشها البلاد، وللتدخلات الخارجية فى شئونها، ويعالج آثارها المتراكمة والمتزايدة من إرهاب، ونزوح، ولجوء، وغيرها.
ربما تتذكر، أيضًا، أن الرئيس السيسى كان قد طالب، فى كلمته أمام القمة العربية التاسعة والعشرين، التى استضافتها السعودية منتصف أبريل ٢٠١٨، بألا تكتفى الدول العربية بتكرار التزامها بمرجعيات الحل السياسى للأزمة السورية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وإنما يجب أيضًا أن توجه رسالة واضحة، ولا لبس فيها، بأنه لا يجوز أن يتقرر مصير سوريا أو تُعالج مُشكلاتها إلا وفقًا لإرادة الشعب السورى.
.. وتبقى الإشارة إلى أن مواطنة سورية اسمها بدور أبوغزالة، عمرها ٤٩ سنة، موظفة فى وزارة الصحة، قالت لوكالة الأنباء الفرنسية، بعد الإدلاء بصوتها فى ساعة مبكرة من صباح أمس: «علينا ألّا نيأس من التغيير رغم الظروف الصعبة، يجب أن نتحمل مسئوليتنا فى انتخاب الأشخاص الجيدين وألا نكرر أخطاء الماضى فى انتخاب أسماء قديمة لم تستطع تغيير شىء».