رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكتبات المثقفين الـ 35..

الروائى علاء عبدالعزيز: سلسلة المغامرون الخمسة أول كتب اشتريتها

الكاتب علاء عبد العزيز
الكاتب علاء عبد العزيز

تعد المكتبة من أبرز ما تجده في منازل الكتاب والمثقفين، بل تكاد منازل بعضهم تتحول إلى مكتبات يعيشون فيها.

وحول مكتبات المثقفين وكم فقدوا منها خلال تنقلاتهم وأسفارهم وهل يعير الكاتب كتبه أو يستعيرها، وغيرها من المحاور يقدمها "الدستور" في سلسلة حوارات مكتبات المثقفين.

وفي الحلقة الـ35 من حلقات سلسلة حوارات مكتبات المثقفين يحدثنا الكاتب الروائي علاء عبدالعزيز، عن مكتبته وأول كتاب اقتناه وما الكتاب الذي لا يستطيع الاستغناء عنه، وأهم الكتب في مكتبته وغير ذلك؟.

متى اشتريت أول كتاب؟

منذ نعومة أظافري والقراءة تستهويني، والذي حببني في ذلك مدرس اللغة العربية في المرحلة الابتدائية، كان رخيم الصوت يقرأ لنا بطريقة رائعة، فأحببت تقليده في البيت، وفي إحدى المرات وأنا في العام الخامس الابتدائي، طلب مني المدرس المحبوب قراءة فصل من القصة بصوت جهوري أمام الفصل، ففعلت ذلك ببراعة مقلدًا إياه في الإلقاء، بعدها اطمأن لي وجعلني أقرأ لزملائي كل الفصول واستراح هو.

أما عن أول كتاب اشتريته، فكانت في الحقيقة سلسلة كتب المغامرون الخمسة. ولكل شهر أحصل على مصروفي واشتري مغامرة جديدة من مغامرات المغامرون الخمسة، منذ صغري وأنا أحب الخيال وتحريكه عن الكسل في مراقبة الصورة الموجودة وبجوارها قصة أو تعليق، لذا كنت عكس الأطفال آنذاك، الكل يهرع لاقتناء ميكي وسمير وتان تان، وأنا لا أعبأ بها واتجه نحو سلسسلة المغامرون الخمسة، حتى توفرت لي أعداد كثيرة منها إن لم يكن جميعها، يومها كونت بها مكتبة صغيرة وقلدني حينها أطفال ميكي وسمير وجمعوا أعدادهم وشاركوني، لتكون مكتبة مفروشة في مداخل البيوت، كل يوم في مدخل بيت أحدهم، الكل يستعير ما يشاء من المكتبة المشتركة شريطة أن ينتهي منها مع انتهاء وقت قيلولة الآباء فيرجع الأطفال إلى بيوتهم لتناول طعام الغداء.

ما أهم الكتب في مكتبتك؟

تتصدر مكتبتي مجموعة كبيرة من كتب عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، ولكن هناك ثلاثة كتب أرجع إليها بالقراءة دائمًا وهي على الترتيب نهج البلاغة، وحديث الأربعاء، وقصص المعذبون في الأرض، وقد استفدت كثيرًا منها في تعلم أسلوب الحديث مع القارئ، يقيم الدكتور حوارًا مع القارئ، وهذا أسلوب مميز اخترعه عميد الأدب العربي وكان أول من ابتدعه.

 ومن الإسلاميات كتاب على هامش السيرة والشيخان، ومن السيرة الذاتية روايته الرائعة الأيام، تأتي بعده كتب الدكتور يوسف إدريس في المرتبة الثانية، وأولها رواية الحرام، ومجاميع قصصه القصيرة مثل: أرخص ليالي، حيث مدحه عليها طه حسين وبشر حينها بقدوم مبدع للقصة القصيرة، و"حادثة شرف"، الذي تناوب فيها على ذكر قصص قصيرة من القرية والمدينة، ولكن غالبيتها كانت من القرى المحيطة بمسقط رأسه، والنداهة التي استعمل الرمز فيها لبيان الفجوة بين العالم المتحضر والعالم المعزول، وصور الحنين إلى الأب والجذور أجمل تصوير في قصته الجميلة اليد الكبيرة.

أما جمهورية "فرحات وبيت من لحم" فيدي لا تمتد ناحيتهما كثيرًا، لأنني قرأتهما بالكاد. تأتي في المرتبة الثالثة كتب العظيم عباس العقاد، ولم أقتنِ منها سوى العبقريات التي أراها من أفضل ما كتب العقاد نظمًا أدبيًا وأسلوبًا رائعًا وبلاغة فيها لم يبلغها أحد من قبله أو بعده.

ومن أهم الكتب الموجودة ولم تكن لي طاقة على الانتهاء منها كتابي إحياء علوم الدين للغزالي، وكتاب الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري. ومن الروايات المهمة الثلاثيات، ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور، وثلاثية الإسكندرية لإبراهيم عبدالمجيد وكذا مجموعة الروايات التي فازت بالبوكر، مثل عزازيل، واحة الغروب، وساق البامبو لسعود السنعوسي، ومن حين لآخر أتلقف من المكتبة بعض الروايات المترجمة مثل البؤساء أو أحدب نوتردام أو الحرب والسلام، وذلك عندما أعقد مقارنة بين أسلوب الكتاب العرب والأجانب، خاصة عندما تكون هناك كتب أجنبية تتناول الجانب الفلسفي مثل كتب شكسبير وباولو كويلو وأليف شافاق، قواعد العشق الأربعون.

ما الكتاب الذي لا يمكنك الاستغناء عنه؟

هناك كتب عديدة لا يمكنني الاستغناء عنها وأعاود قراءة فقرات منها من آن لآخر، والذي يدفعني لذلك، توثيق المعلومة مثل العديد من الكتب الإسلامية والثقافية وكتب الحكمة والعظة، فضلًا عن معاودة التمتع بالفقرات السردية التي تؤثر في تأثيرًا بالغًا عند تكرار قراءتها، فتدفعني إلى مزيد من الإبداع، وهناك ثلاث روايات لا يمكنني الاستغناء عنها في مكتبتي، واحدة لأليف شافاق "قواعد العشق الأربعون"، والاثنتان الأخريان لعلاء علاء عبدالعزيز، "الدقديقي، وبرديا" هذه الروايات الثلاث لا يمكنني الاستغناء عنها أو أن تبقى خارج مكتبتي.

ما الكتاب الذي لديك منه أكثر من نسخة؟

في الحقيقة لا أحتفظ في مكتبتي غير بنسخة واحدة لكل كتاب، ولكن أعمالي وكتاباتي فتوجد بالمكتبة نسخ عديدة منها.

هل فكرت بالاستغناء عن مكتبتك أو كتابة وصية بشأنها؟

مكتبتي إرث لأولادي وأحفادي من بعدي وإن كنت أشك كثيرًا في أن يتناولوا ما بها من قراءة لكتب قيمة خاصة أن زمانهم هو زمن الإنترنت والتسجيل الإلكتروني، إذا أردت اختيار كتاب يمكنك أن تبحث عنه في مكتبات النت بسهولة، ولكن المعضلة الكبرى التي سوف تواجه أبناءنا هي القراءة المتصلة للصفحات على شاشة الكمبيوتر أو الموبايل والتي تسبب ضررًا بالغًا للعين، وإحساس غريب بأنك تطالع فقرات منفصلة لا رواية متصلة وهذا هوالفارق بين قراءة كتاب ورقي وقراءة كتاب إلكتروني، ولكن من الجائز أن يخرج بعضهم ويصبح عاشقًا للكتب الورقية فتنفعه محتويات المكتبة الزاخرة بالكتب والروايات الورقية.

كم مكتبة فقدت لظروف خارجة عن إرادتك؟

اضطررت بعد ما غادرت بيت العائلة أن أستغني عن المكتبة التي أنشأتها وأبي وإخوتي في البيت الكبير خلال دراستنا في مراحل التعليم المختلفة، وذهبت إلى بيت الزوجية بلا كتب ومكتبة، فأحسست حينها بفراغ كبير في البيت الجديد ما دعاني بسرعة فائقة إلى إقامة مكتبة جديدة رويدًا رويدًا حتى صارت في حجمها تضاهي مكتبة العائلة وربما أكبر منها.

ما الكتاب الذي أردت اقتناؤه ولم تحصل عليه؟

كتاب حياتي، لأنه ما زال ناقصًا لم تُكتمل فصوله بعد.

هل تشتري كتبًا ولا تقرأها نظرًا لضيق الوقت؟

أحيانًا اصطحب معي في الإجازة الصيفية كتابًا أو اثنين لكي انتهي منهما هناك على شاطئ البحر، ولكن الوقت كله ينقضي فلا أجد فرصة للقراءة، نزولًا على رغبة الأسرة واحترامًا لي بمشاركتي لهم حذو النعل بالنعل لكل طقوس الإجازة الصيفية المقامة على شاطئ البحر أو في حفلات السمر ليلًا، وبالتالي تنتهي الإجازة دون أن أقرأ حرفًا واحدًا في الكتب التي شغلت جزءًا من حقيبة سفري.

هل تحدد ميزانية لتزويد مكتبتك موسميًا في مناسبات كمعرض الكتاب؟

أصبح تزويد المكتبة في عصرنا مسألة شاقة ماديًا على الكاتب، لارتفاع أسعار الورق وأسعار الكتب المبالغ في سعرها، والشراء يدخل في حيز الضرورة للاقتناء والزيادة، ولكني حريص أن تدخل مكتبتي في مناسبة معرض الكتاب مجموعة كتب أكثرها من كتب الهيئة العامة للكتاب، وبعض الكتب من سور الأزبكية، أما لو كانت هناك رواية جديدة يشار إليها بالبنان فسوف أقتنيها وأقوم بابتياعها مهما كان ثمنها ولي مقاييس خاصة في الاقتناء عندما أمسك بالرواية وأنظر إليها للوهلة الأولي.

هل تعير كتبك لأحد وهل تستعيدها أم لا ترد إليك؟ وهل تستعير كتبًا من الأصدقاء وتعيدها؟

في البداية كنت أعير وأستعير، ولكني وجدت نفسي قائمًا بمفردي في مجال رد الاستعارة، فأمسكت من يومها عن الإعارة والاستعارة، ولي أصدقاء كثر كنت أعيرهم الكتب، وبعد فترة أسألهم، هل انتهيت من الكتاب الفلاني؟ فيحدجني بنظرة غريبة وكأنه أصبح ملكًا له ويردف "كتاب إيه يا عمنا أنت لسه فاكر، مش فاكر أين وضعته سوف أبحث لك عنه حتى أرجعه لك".

ويمر الشهر والشهران وهو لايزال يبحث عنه، وآخر أعرته مرة كتابًا، فأهداه لخطيبته القارئة كي يكسب عندها "بنط" لصالحه وعلى حسابي وعندما سألته لمَ فعل ذلك؟ نظر إلي ببلاهة ولم يبرر فعلته، من حينها أمسكت عن الإعارة والاستعارة.