رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الروائي محمد إسماعيل يروي ذكرياته مع عيد الأضحى

محمد إسماعيل
محمد إسماعيل

يستعيد الكاتب الروائي محمد إسماعيل، ذكرياته عن عيد الأضحى قائلا: “كنا نعرف باقتراب عيد الأضحى قبل قدومه بأسبوعين، عندما يزور جدي أحد إخوته أو من ينوب عنهم مصطحبًا معه خروفًا مستأنسًا يصعد السلالم ويسير بجواره حتى البلكونة ثم يربط ساقه بحبل من الليف قبل أن ينصرف”.

 

وواصل في حديثه لـ"الدستور": “نمضي هذه المدة، أنا وأختي التي تكبرني بعام واحد محاولين التودد لهذا الكبش الذي لا يظهر عليه أي ملمح من استجابة”.

 

صداقة في الطفولة مع “خروف” عيد الأضحى

 

ويضيف “إسماعيل” عن ذكريات عيد الأضحى: لم تقتصر محاولات الصداقة على تحسس فروته على البعد خشية غدره، لا، فكنا نشتري له الطعام من العلاف ونراقبه وهو يشرب ونحدثه بلغته مقلدين مأمأته فلا يجيب. كان من أحلامي أن أدرب حاسة الشم لديه ليصبح خروفي البوليسي الذي يساعدني على اقتفاء المفقودين ومعرفة الجناة في جرائم لم ترتكب بعد في حينا الهادئ، لا أظنني بحاجة لإخباركم بأن هذا المشروع لم يتحقق أبدًا.

 

وتابع: “دائمًا ما كانت تنتهي تلك الصداقة الأحادية صباح أول أيام العيد بنحر هذا الكائن المشعر وسط حزن لا يخلو من قليل من التشفي فيمن رفض قبول كل محاولاتنا في التقرب إليه. وربما كانت تلك العلاقة هي الحائل بيننا وبين أكل لحم الضأن الذي لا نقربه إلى يومنا هذا، لا أنا ولا أختي”.

 

وواصل: “ليلة العيد هي الفرصة الرسمية للسهر حتى الصباح مع أبناء وبنات الخيلان، تزداد أعدادنا عام بعد آخر ويعلو صخبنا الطفولي على ألا يقترب أبدًا من غرفة الجد خشية أن يسدل ستار على تلك الليلة فينام الجمع بالأمر”.

 

واستطرد: "ثم إذا اقتربت فقرة الصلاة ارتدينا جميعًا "لبس العيد" وصففت أمهاتنا شعورنا بفرق من الجانب الأيسر، كنا أصغر من أن يسمح لنا بإرجاعه للوراء بينما سمح للفتيات بتنوع بسيط بين ضفيرتين أو واحدة أو ذيل حصان أو قطتين. ذلك الإجراء الطويل كن يبدأن فيه بعد نزولنا للمسجد، وقت لم يسمح لنا فيه بالاقتراب من مكبر الصوت ليبقى التكبير منتظمًا متزنًا".

 

وعن عيدية عيد الأضحى يشير “إسماعيل”: تبدأ العيديات في الانهمار قبل مجيء الجزار، أوراق نقدية جديدة مختلف ألوانها تتسع الابتسامات مع كل ورقة فنقفز السلالم طائرين نحو المحلات التي قضت ليلتها تفرش الألعاب على طاولات تسيل لعابنا وتفرز ميولنا فالمغامرين منا ينفقون غنائمهم في البمب والصواريخ بينما يميل المحافظون للسلع المعمرة كمسدسات الفل وسيارات الشرطة".

 

واستكمل: :تتنوع الروائح بالأعلى بحسب الساعة، في الصباح تنطلق أبخرة كبد يشوح في زيت وثوم وكزبرة، فإذا انتصف النهار وضع الخبز المقطع في الفرن لينشر عطر ردة تقارب الاشتعال حتى يتسيد عبير التومية الموقف. ساعة بعدها تحرق عيدان البخور لإخفاء كل ما سبق فتفوح أوراق النعناع الأخضر من أكواب الشاي".

 

واختتم: “لم يعد العيد عيدًا بعد انفراط هذا العقد رغم استمرار كل الطقوس، تفكر دومًا أين ذهبت تلك البهجة؟ يعطيك عقلك أكثر من تفسير، لكنه لم يجد أبدًا شرحًا منطقيًا لكيف احتملت شقة من ثلاث حجرات عشرات البشر وخروف وكل هذا الصخب”.